الإجرام العاطفي مقال لأسماء البيطار
الإجرام العاطفي مقال لأسماء البيطار
لأول مرة في مقال سنتحدث عن الإجرام العاطفي في العلاقات ” ذات الأطر المشروعة سابقا “
ثم نتحدث عن الإجرام العاطفي في العلاقات المشروعة .
أولا .. الإجرام العاطفي في العلاقات ذات الأطر المشروعة سابقا
و سنركز في مقالنا هذا على هذه العلاقة بالتحديد لأنها للأسف الشرارة الأولى و سبب رئيسي لما نحن فيه من كوارث مجتمعية .
حقيقة هي من الموضوعات التي تراجعت عن كتابتها أكثر من مرة ،
لكن للأسف بدأت الأمور تزداد سوءا في مجتمعاتنا الشرقية و العربية ؛
لأنها أخذت منحنيا أخطر مما كنا نتوقع عندما وصلت بنا إلى :
_ إزهاق الأرواح بدافع الحب
_ اكتظاظ محاكم الأسرة و المحاكم الجنائية بنفس الدافع .
_ تفشي الرذيلة ، و تفسخ العلاقات و انعدام الثقة بين أقرب الأطراف لبعضها البعض .
_ عدم الشعور بالأمان و الإحجام عن العلاقات المشروعة .
_ الهروب من المشاكل الأسرية العادية و البسيطة و التي إذا لم يتم احتواؤها بالطرق الأصولية ؛ ستؤدي إلى كوارث أخلاقية و نهايات كارثية في بعض الحالات .
فكلما وضعت قلمي كي أكتب احترت من أين أبدأ ؟
و لكي نكون منصفين ، سنبدأ بأنفسنا و ما نسببه لها من أوجاع على المدى القريب و البعيد ؛ لأننا لو فكرنا قليلاً لوجدنا أن الإجرام العاطفي في حق أنفسنا هو جزء ليس ببسيط من أساس المشكلة في العلاقات التي كادت أن تكون” ذات أطر مشروعة ” .
ومن العدل أن نبدأ بهذه العلاقة لأنها جزء مهم و يصل إلي درجة التعقيد إن لم نكن على درجة كافية من الوعي و العقل .
و من أشكال الإجرام العاطفي في حق أنفسنا مثلا : الوعود المسبقة سواء من الفتى أو الفتاة و التي تحدث في مرحلة من أخطر المراحل العمرية ، مرحلة تعلق القلوب ببعضها البعض حيث الوعود الوردية بحياة مستقبلية و هذه المرحلة تأخذ عدة أُطر :
_إطار الجدية من الطرفين
حيث تمر العلاقة بكافة المراحل المشروعة و في النهاية يحكمها “النصيب “
فهذه مرحلة سوية و على الرغم من ذلك تترك أثراً في القلوب لا يفارق أصحابها مدى الحياة ،و يذهب الطرفان كلٌ في طريقه و جزء من قلبه مع الطرف الأخر و لكن الرضا بالمقسوم يضع كل منهما عند حده ،
فكلٌ منهما فعل ما عليه تجاه الأخر و لم يخذله على الأقل ،و تبقى الذكرى الطيبة و فقط .
_ و إطار آخر تختلط فيه الجدية باستهتار طرف من الأطراف كما حدث مؤخرًا في قضية لا يتفق على نهايتها العقلاء .
قضية حدثت في وضح النهار و كأن صاحبها بلا عقل و الدافع ظن أنه حبٌّ أو وعدٌ بالزواج ، و لكن في باطنه كان الاستغلال أو العفوية في التعامل أو أنه كان مجرد مرحلة ، أو …. .
و المشكلة الكبرى في عدم استيعاب هذه الأمور أو رفض التسليم بأي منها على الأقل .
و الأخطر من ذلك أن يكون الوضع مرضيا دون أن ندري .
و هنا يجب أن لا ” نُفّرط في التعامل و لا نُفرط ” ؛ حتى لا يطمع الذي في قلبه مرض .
ولو حدث و فاق على الحقيقة التي يرفضها القلب و العقل ستكون النهاية مأساوية للطرفين .
تندرج هذه الحالة تحت مسمى
” الابتزاز العاطفي ” و تعتبر
مرحلة من أخطر المراحل التي تؤدي بنا في جميع الأحوال إلى عنوان المقال
” الإجرام العاطفي “
فما هو الإجرام العاطفي ؟
هو مرحلة تتفق فيها النفس مع الشيطان على تدمير الطرف الأخر
سواء بالوعود الكاذبة أو التعلق المرضي حد التأكد من النهاية و ذلك من طريقة المعاملة سواء بالكلام المباشر أو الوعود أو حتى بالنظرة .
و لكن في النهاية لن نجد سوى الخذلان و الحجج كثيرة .
و بما أننا بشر و بيننا فروق فردية و نفسية كبيرة ؛ فمنا من يتجاوز هذه المرحلة سواء بالنسيان أو الرضا بالنصيب الحاضر الذي يطرق البيت من بابه ، و منا من لم يستطع التجاوز مهما حدث و يظل يتخبط في الحياة رافضا لفكرة هذه النهاية .
و حتى إذا حاول التجاوز ، فهو للأسف لا يدقق في اختياراته المستقبلية التي تجعله يفشل أكثر من مرة و لكنه لا يهتم .
و يظل ذهنه عالقا مع الماضي و يضع عليه كل اللوم بأنه السبب الرئيسي و المباشر في تدمير حياته ، و عدم استقراره . و لا يحمل نفسه أدنى مسؤولية كأنه أساء الاختيار مثلاً .
و منا من ينسى الفكرة تماماً و يرفض فكرة الزواج من الأساس .
فتجد طرفا يحيا حياة كاملة و طرفا بلا حياة .
و النماذج في حياتنا كثيرة و رغم أن النهايات مختلفة إلا أنها تترك أثراً و ندبة في القلب لا يداويها الزمن .
و مع كل مشكلة يتجدد الماضي بطريقة لا إرادية لكنه للأسف لا يقدم و لا يؤخر و لا يحل .
و لا أدري لماذا لا نرضى بواقعنا الذي نعيش فيه ؟
و أن الماضي و هذه العلاقات التي كانت ذات أُطر مشروعة في يومٍ من الأيام لو كان فيها الخير لبقيت و استمرت و أثمرت .
أعلم علم اليقين أن لا أحدٌ منا يملك قلبه و لكن بالتأكيد يملك عقله
و عليه أن يُحكمه و لا يتجاهله لأنه في النهاية هو الكفة الراجحة التي ميز الله بها الإنسان عن سائر المخلوقات .
فيجب أن نرضى بالقدر ما دمنا فعلنا ما علينا تجاه الآخر على الأقل حتى نعيش مع أنفسنا بسلام داخلي ، و نكمل مشوارنا في الحياة دون شعور بالذنب ينقص من سعادتنا أو ينغص علينا حياتنا إذا مررنا بمشاكل الحياة العادية فنفتح بابا سهلاً للشيطان ليقلب علينا الماضي و يفتح باب ” اللو ” الذي لا يسد .
و ألا نُضيع ما تبقى من أعمارنا حتى لا نخسر حاضرنا و مستقبلنا .
ثانيا .. الإجرام العاطفي في العلاقات المشروعة :
أما عن الإجرام العاطفي في العلاقات المشروعة فحدث و لا حرج ، و على الرغم أنها من المفترض أن تكون من أكثر العلاقات صدقا و شفافية بين الطرفين إلا أنها أيضا للأسف تقع فريسة للإجرام العاطفي .
و لأننا بشر و من العادي و الطبيعي جدا أن يمر كل بيت بظروف و مشاكل حياتية عادية خاصة في بداية هذه الحياة ” المقدسة ” غليظة الميثاق .
و بدلاً من أن يتقرب الطرفان من بعضهما البعض و يستقبلا هذه المشاكل بالحل الذي يرضيهم لتستمر الحياة ؛ يهرب كل طرف إلى ماضيه القريب أو حتى البعيد و لن يفرق الأمر كثيرا .
و في ظل هذا الانفتاح التكنولوجي المرعب يقوم طرف من الأطراف بالبحث عن ماضيه على محركات البحث الفيسبوكية و لن يستغرق الأمر الكثير ليعثر عليه ،وتبدأ القصة الكارثية : كلمة فحديث فلقاء إلي أن يقع المحظور .
و المشكلة الأكبر أنه في الكثير من الأحيان يشعر الطرفان بالندم ، خاصة إذا وصل الأمر إلى ما لا يحمد عقباه لكن للأسف بعد فوات الأوان ، بالتعدي على حدود الله و الخيانة و إهانة النفس و الشعور بالندم مدى الحياة ، ناهيك عن التعدي على حقوق الغير و هم ليسوا طرفا واحدا فقط للأسف بل هم أطراف عدة لا ذنب لهم سوى صلة الدم أو النسب .
فمنهم من توصمهم بالعار كالأهل و الأبناء ، و منهم من تقضي على حياتهم و ثقتهم بالطرف الأخر في العلاقة .
خلاصة الأمر ..
إن العاطفة أيا كانت ليست مجالاً للابتزاز أو الاستغلال من أي طرف كان و مهما كانت درجة قرابته لأن النهاية المؤلمة للأسف تأتي مباغتة و مأساوية و مُفاجئة للجميع نتيجة التراكمات و التي في الغالب ما يصارعها الشخص دون أن يعلم أحدٌ عنه أي شيء و أيضاً لأسباب تخصه مثل عزة النفس و الكرامة .
و هنا لابد من الاعتدال و الاستقامة في التعامل مع أنفسنا أولاً و نعلم أن لها حقوقا كما لغيرها تماماً .
فمهما قدّم الإنسان من تنازلات بكامل وعيه لإرضاء الطرف الأخر و بداخله يعلم علم اليقين أنه يبتزه عاطفياً ،
و يفضل أن يجاريه كي تستمر الحياة إلا إنه للأسف الشديد لن يستمر طويلا ؛ لأن الحياة قصيرة و لن يجد الطاقة التي تجعله يستمر مع تقدم العمر رغم أنه من جعل الطرف الآخر يظن أن ما يقدمه من تنازلات حق له.
الابتزاز العاطفي ..
ما هو إلا شكل من أشكال العنف المغلف بالعاطفة اللحظية لطرف من الأطراف و مع رضوخ الطرف الآخر سواء بوعي أو بدون وعي يتحول إلى الإجرام العاطفي
و صدقوني : نهاية قريبة هادئة و عادلة أفضل ألف مرة من نهاية بعيدة حتمية و مأساوية .
التعليقات مغلقة.