الإخراج الفني في النص القرآني..”حياة موسى” على شاشة القرآن.. ( 13).. في نسب موسى وبدء رسالته – 4 … بقلم م. مجدي سالم
الإخراج الفني في النص القرآني..”حياة موسى” على شاشة القرآن.. ( 13).. في نسب موسى وبدء رسالته – 4 … بقلم م. مجدي سالم
بين موسى وفرعون وبني إسرائيل.. المشاهد من سورة يونس..
” … رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ”.. يونس
ثم من الأعراف إلى سورة يونس.. فمن قصة نوح يعود فيها القرآن إلى “حياة موسى”..
يذكرنا الله أنه بعث برسل قبله إلى قومهم.. وأنه كان ذات الصراع بين التوحيد والشرك.. بين الخير والشر.. ثم جاء “موسى”.. من سورة يونس الآيات (74 – 93).. والمشاهد ومضات من القصر ومن الساحات..
….. ” ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ.. كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ (74) …
…… ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآَيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ (75) فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ (76)” ..
قَالَ مُوسَى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ أَسِحْرٌ هَذَا وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ (77) ..
قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ.. وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ (78) ..
إن أسوأ ما يأتي به أي طاغية هو جحود الحقيقة.. كان فرعون يعرف أنه كاذب.. وكان يجحد الحق.. كان يعرف أن موسى صادق وأن ما جاء به ليس بالسحر لكنه استكبر.. واستخف قومه وغره إلتفاف جحافل الباطل حوله.. لا نعرف ماذا كان يتوقع من منازلة السحرة لموسى..!
اقرأ الحوار الذي دار بين أبطال الموقف.. وماذا كانت النتيجة التي لم يتخيلها فرعون..
وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (79)” ..
فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ (80) ..
فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ.. إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ (81) وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (82)” ..
وانظر.. إن سورة يونس لم تسجل نتيجة النزال.. فقد سجلتها كاميرات القرآن في سور أخرى بالتفصيل.. واكتفت سورة يونس بما قال موسى.. فلا أدنى شك أن ما قاله سيقع.. وأن الباطل سيهزم هزيمة منكرة..
ونعود إلى ديار بني إسرائيل بعد أن انتهى النزال بهزيمة السحرة.. وقيام فرعون بصلبهم.. أعجب ما في هذا الحدث أن أيا ممن حضروا النزال من شعب مصر لم يحرك ساكنا.. رغم أن الجميع أيقن أن موسى على الحق وأن فرعون إله مزعوم.. ورغم إيمان السحرة حدث أمامهم.!
وتضيف سورة يونس إلى المشاهد أن عددا محدودا جدا من بني إسرائيل قد آمن لموسى.. فالكل كان يخشى أن يبطش بهم فرعون وجنوده.. وراح موسى يحفزهم ويدعوهم إلى الثبات على الإيمان ثم التوكل على الله.. وراح يدعو الله أن يجعل لهم مخرجا.. يونس (83 – 86)..
….” فَمَا آَمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ.. وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ (83) ..
وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ (84) ..
فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (85) ..
وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (86) “..
إن القرآن هنا يستعين برواية الحدث والتعبير بالسرد عن موقف أبطال المشهد.. ثم ينتقل إلى الحوار.. وربما جاء السرد أو الوحي متحدثا كأحد الحضور.. وإن كان سبحانه وتعالى بالقطع هو الفاعل القوي المطلق القوة.. إن موسى وهارون يبتهلان إلى الله.. قيستجيب لهما.. اقرأ..
وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآَ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا.. وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً.. وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (87) ..
وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آَتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَملئه زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا.. رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ.. رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ.. وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (88)
قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا.. فَاسْتَقِيمَا.. وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (89) ..
والبديع في سورة يونس أن تفسح المجال لبقية سور القرآن لسرد ما حدث من مواقف عديدة بين جميع أبطال القصة.. وأن تسرد يونس ما كان يوم عبور موسى ببني إسرائيل البحر ومن غرق فرعون وجنوده.. لكنها تنفرد برواية ما كان من فرعون في لحظات الغرق.. إنه يستكبر حتى في لحظات تخور فيها قواه وهو يواجه الموت أن ينطق بالشهادة على وجهها.. يقال أن جبريل كان يطمس فم فرعون بالطين حتى لا ينطق بالشهادة فيموت كافرا.. اقرأ سرد سورة يونس..
…. وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ.. فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا.. حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ
قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) .!
آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) .؟
فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آَيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92) ..
فماذا كان من بني إسرائيل بعد أن أسبغ الله عليهم نعمه.. ؟ إيه يا سورة يونس.. الآية 93..
…. وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ.. وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ.. فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمُ الْعِلْمُ..
….. إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (93) ..
نكمل في الحلقة القادمة إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.