الإخراج الفني في النص القرآني..”حياة موسى” على شاشة القرآن.. ( 14 ).. في نسب موسى وبدء رسالته – 5 بقلم/ م.مجدي سالم
الإخراج الفني في النص القرآني..
“حياة موسى” على شاشة القرآن.. ( 14 ).. في نسب موسى وبدء رسالته – 5 بقلم/ م.مجدي سالم
بين موسى وفرعون وبني إسرائيل.. المشاهد من سورة هود..
مازال الإهتمام الأول في كتاب الله العزيز – الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه – أن ينصب على الدعوة إلى التوحيد وعلى الهدي إلى صراط الله المستقيم.. وهذا ما انصبت عليه سورة هود.. فنحن وقد قاربنا على ثلث نص الكتاب.. نجد أننا لم نبدأ قصة “حياة موسى” من بدايتها أي من مولده بعد.. لا يهم.. فاليقين أن الدعوة هي الهدف وهكذا يجب أن نفهم الغرض من القصص في القرآن.. هي ليست للتسرية ولا لقص (الحدوتة)..
ولهذا جاء ذكر سيدنا موسى وكتابه هنا.. تقول سورة هود – الآية 17..
” أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ.. وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَامًا وَرَحْمَةً ۚ .. أُولَٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ۚ .. وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ ۚ .. فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ ۚ .. إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ”..
إن كل من يؤمن بما نزل من كتب سماوية من لدن رب العالمين لهم المؤمنون حقا.. فكلها تصب في بوتقة واحدة.. أنه لا إله إلا الله.. قالها وحي السماء وقالتها التوراة والإنجيل من قبل أن ينزل بها القرآن.. يقول التفسير الميسر لهذه الآية من سورة هود (17) ..
1) أفمَن كان على حجة وبصيرة من ربه فيما يؤمن به..
2) ويدعو إليه بالوحي الذي أنزل الله فيه هذه البينة..
3) ويتلوها برهان آخر شاهد منه.. وهو جبريل أو محمد عليهما الصلاة والسلام..
4) ويؤيد ذلك برهان رابع من قبل القرآن.. وهو – التوراة – الكتاب الذي أنزل على موسى إمامًا ورحمة لمن آمن به.. كمن كان كل همه الحياة الفانية بزينتها.؟
إن أولئك الذين يصدِّقون بهذا القرآن ويعملون بأحكامه هم المؤمنون حقا .. ومن يكفر بهذا القرآن من الذين تحزَّبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فجزاؤه النار.. يَرِدُها لا محالة.. فلا تك -أيها الرسول- في شك من أمر القرآن وكونه من عند الله تعالى بعد ما شهدت بذلك الأدلة والحجج.. واعلم أن هذا الدين هو الحق من ربك.. ولكن أكثر الناس لا يصدِّقون ولا يعملون بما أُمروا به.. وهذا توجيه عام لأمة محمد صلى الله عليه وسلم..
إن الله سبحانه وتعالى قد أخرج هذا الجزء من القصة بأسلوب السرد..
يصف فيه القرآن المشاهد من قلب جهنم.. وهي التي لم يرها أحد.. وبطل المشاهد هو فرعون الذي يظهر صامتا يعلوه الخزي والعار وتتبعه اللعنات.. ويسوق من خلفه جنده وحاشيته إلى النار.. ودقة الوصف تجعل القاريء وكأنه يراهم وسط النار.. يرددون آيات الندم..
تقول سورة هود.. ولقد أرسلنا موسى إلى فرعون وأكابر أتباعه وأشراف قومه.. فكفر فرعون وأمر قومه أن يتبعوه.. فأطاعوه.. وخالفوا أمر موسى.. وليس في أمر فرعون رشد ولا هدى.. وإنما هو جهل وضلال وكفر وعناد.. ثم تنفرد سورة هود بتقديم مشهد فرعون وملئه يوم القيامة في النار.. يوفيها يتَقْدُم فرعون قومه يوم القيامة حتى يدخلهم النار.. وما أقبُح المدخل الذي يدخلونه.. إن الله يتبعهم في هذه الدنيا باللعنة مع العذاب – الذي عجَّله لهم فيها – من الغرق في البحر وما أقبحها لعنةً.. ويوم القيامة كذلك لعنة أخرى بإدخالهم النار.. وبئس ما اجتمع لهم وترادَف عليهم من عذاب الله.. ولعناته في الدنيا والآخرة.. اقرأ.. من سورة هود (96 – 100)..
” وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (96) إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ (97) يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (98) وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ (99) ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ (100)”..
ويلحظ القاريء أيضا أن الله أيد سيدنا موسى بقوة وبسلطان وعزة كان يخافها فرعون وملئه.. ورغم أن فرعون يظهر في مشاهد من القرآن يرغي ويزبد ويتوعد موسى بالقتل.. أو كأنه يطلب الإذن من حاشيته أن يقتله.. إلا أن ذلك لم يكن في مقدوره وقد وهب الله موسى سلطانا مبينا..
وتعود سورة هود لتذكر بما حدث من اختلاف بني إسرائيل في فهم وتأويل كتاب موسى.. حتى وصل الأمر بينهم إلى شقاق أبدي.. ولولا أن الله قد خلق هذا الكون وهؤلاء البشر ليعيشوا هلى الأرض لأجيال إلى أن تقوم الساعة لفصل الله بينهم في الدنيا.. لكنه عند وعده أن يفعل يوم القيامة.. تقول سورة هود وفيها يتقدم الإهتمام بالكتاب.. هود (110 – 111)..
” وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (110) وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (111) “..
نكمل في الحلقة القادمة إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.