الإخراج الفني في النص القرآني..”حياة موسى” على شاشة القرآن.. (15).. في نسب موسى وبدء رسالته – 6 … بقلم/ م.مجدي سالم
الإخراج الفني في النص القرآني..
“حياة موسى” على شاشة القرآن.. (15).. في نسب موسى وبدء رسالته – 6 … بقلم/ م.مجدي سالم
بين موسى وفرعون وبني إسرائيل.. المشاهد من سورتي إبراهيم والإسراء..
وفي سورة ابراهيم – الآيات (4 – 8).. يضع سبحانه وتعالى قاعدة إلهية.. وله سبحانه أن يقرر ما يشاء ويقدر.. إن كل نبي أو رسول يأتي بلغة قومه حتى يستطيع أن يتفاهم معهم ويبين لهم رسالة الله عليهم.. ومنها نعرف أن التوراة قد جاءت باللغة السائدة وقتها وعلى من يتقنونها ويعرفون بلاغتها.. وكذلك جاء الإنجيل والقرآن.. فالله عزيز لا يزيد إيمان الناس في ملكه.. ولا ينقص منه كفرهم.. وله العزة في حكمته ومشيئته..
” وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ.. فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ.. وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4) “..
يقول فيها التفسير الميسر.. فما أرسلنا مِن رسولٍ قبلك -أيها النبي- إلا بلُغة قومه؛ ليوضِّح لهم شريعة الله.. فيضل الله من يشاء عن الهدى.. ويهدي من يشاء إلى الحق.. وهو العزيز في ملكه.. الحكيم الذي يضع الأمور في مواضعها وَفْق الحكمة..
ثم يقول في الآية التالية.. ولقد أرسلنا موسى إلى بني إسرائيل وأيدناه بالمعجزات الدالة على صدقه.. وأمرناه بأن يدعوهم إلى الإيمان؛ ليخرجهم من الضلال إلى الهدى.. ويذكِّرهم بنعم الله ونقمه في أيامه.. إن في هذا التذكير بها لَدلالات لكل صبَّار على طاعة الله.. وعن محارمه.. وعلى أقداره.. شكور قائم بحقوق الله.. يشكر الله على نعمه.. وخصَّهم بذلك؛ لأنهم هم الذين يعتبرون بها.. ولا يَغْفُلون عنها..
” وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّور..ِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ.. إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (5) “..
فسيدنا موسى قد كلفه الله بالرسالة مثله مثل كل أنبياء الله ورسله.. ذهب موسى للقاء ربه وميقاته .. وعاد بالألواح التي كتبت له.. وفيها هدى ونور..
وقال له رب العزة أن ذكرهم بنعمة الله عليهم.. فكيف كان حالهم في حكم فرعون.. وكيف تبدل ذلك بالحرية والعيش الرغد والمن والسلوى والماء الطيب.. اقرأ كيف استخدم القرآن لغة الحوار لإبلاغ الرسالة إلى بني إسرائيل..
” وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ.. إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ.. يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ.. وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ.. وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (6)” ..
” وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7) ..
وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (8) “..
وقال لهم موسى: واذكروا حين أعلم ربكم إعلامًا مؤكَّدًا: لئن شكرتموه على نعمه ليزيدنكم من فضله.. ولئن جحدتم نعمة الله ليعذبنَّكم عذابًا شديدًا..
وقال لهم: إن تكفروا بالله أنتم وجميع أهل الأرض فلن تضروا الله شيئًا؛ فإن الله لغني عن خلقه.. مستحق للحمد والثناء.. محمود في كل حال..
ويتجلى نهج القرآن في الدعوة في سورة إبراهيم.. فالله قد ذكر موسى هنا في أربعة آيات ليس فيها من الأحداث سوى قيام موسى بدوره في التذكير بما كان فيه قومه من استرقاق واستعباد.. فليس معنى أن يأتي ذكره أنه يصف أحداثا فالأهم أن يتابع الدعوة إلى الواحد الديان.. ومنها كيف أنعم الله على بني إسرائيل بالإنتقال من (الظلمات) إلى (النور).. وأن الله يعد الشاكرين الذين يؤدون الفرائض ويتصدقون ويتزكون.. كل يؤدي مما أفاض الله عليه من نعم.. من مال أو من علم.. فإن هم فعلوا ذلك زادهم الله من فضله.. وإت لم يفعلوا فالنار مثوى لهم..
وأن شكرهم وتقواهم لن تزيد في ملك الله.. وأن كفرهم لا ينقص من ملكه.. فعملهم هو لهم..
وجاءت الآيات بلغة الخطاب المباشر والدعوة على لسان سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام..
وتلتها سورة الإسراء.. جاءت الإسراء بثراء معجز متفرد..
ذكر القرآن فيها موسى وبني إسرائيل وجاء بالإخبار بما سيحدث لبني إسرائيل في المستقبل.. إن الإخبار هنا جاء به القرآن منذ أربعة عشر قرنا ويمتد عمل النبؤة فيه إلى قيام الساعة.. والحقيقة التي لا مراء فيها أن الصادق لا يخاف أن يتنبأ.. والعكس صحيح.. فمن يكذب على الله لا يتنبأ خشية افتضاح أمره..
نكمل في الحلقة القادمة إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.