الإخراج الفني في النص القرآني..”حياة موسى” على شاشة القرآن.. ( 19 ).. المشاهد من سورة الكهف.. بقلم/ م.مجدي سالم
الإخراج الفني في النص القرآني..
“حياة موسى” على شاشة القرآن.. ( 19 ).. المشاهد من سورة الكهف.. بقلم/ م.مجدي سالم
بين موسى والعبد الصالح “الخضر”.. جزء منقول من كتابي (أنبياء الله) ..(2/3)
يستمر المشهد.. موسى وفتاه يهتديان بقص أثرهما في الرمال حتى عادا إلى موضع الصخرة.. وهناك.. وجدا رجلا..
وإلتقي موسى والخضر عليهما الصلاة والسلام..
تحكي سورة الكهف – ” فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا (65) قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70)..
تحكي لنا السنة أن موسى وجد الخضر مسجى على الشاطيء على سجادة خضراء وقد غطى وجهه.. يسلم موسى عليه فيكشف عن وجهه..
وقال لموسى.. هل بأرضك سلام.. من أنت .؟..
فقال.. أنا موسى..
قال الخضر.. موسى بني إسرائيل.. عليك السلام يا نبي بني إسرائيل..
فقال موسى.. وما أدراك بي..
قال الخضر.. الذي أدراك بي ودلك علي.. ماذا تريد يا موسى .؟.
فقال موسى..” هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا”..
قال الخضر.. أما يكفيك أن التوراة بيدك.. وأن الوحي يأتيك.. ؟ يا موسى.. ” إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا”..
إن الله تعالى يقص علينا في القرآن كيف طلب موسى من الخضر أن يعلمه من بعض علمه.. أن يصحبه في مهمته التي وكله الله بها.. قال له الخضر إنك لن تستطيع أن تصبر على ما تراه.. لا لشيء إلا لإنه لا علم لك بأسبابي.. وألح موسى.. لاحظ لغة المعلم وتواضع التلميذ.. يشترط الخضر ألا يسأله موسى عن شيء حتى يشرح له أسبابه في الوقت الذي يراه مناسبا.. وعاد موسى لإلحاحه ولوعوده.. فيقبل الخضر بعد أن وعده موسى أن يصبر وأن يطيع أمره..
مشهد جديد.. إن القرآن ليترك لتخلينا العديد من المشاهد.. ماذا دفع بالنبيين للقيام برحلتهما.. وكيف أن ما بحوذة النبيين كان بالكاد يكفي مؤونة بداية الرحلة.. لا نعرف لماذا يبحثان عن سفينة وإلى أين ستقلهما.. الله والخضر فقط يعلمان.. لاحظ أن القرآن يخبر القاريء أولا بما لا يعرفه بطل المشهد.. وربما لا يخبر الإثنين.. لا البطل ولا القاريء.. كما في حالتنا..
تستمر سورة الكهف –” فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (71) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (72) قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (73) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (74) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (75) قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا (76) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (77) قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (78) “..
سنعلق قبل أن نبدأ نقل المشاهد عبر سورة الكهف..
صحب موسى الخضر في ثلاث رحلات.. بدأت أولاهما على ظهر سفينة في عرض البحر.. وراح الخضر يثقب قاعها.. فستغرق إذا..
وحين وصلا إلى قرية وادعة.. قتل الخضر طفلا دون سبب يفهمه موسى..
ثم ارتحلا حتى وصلا إلى بلدة أخرى بخيل أهلها حتى أنهم رفضوا أن يضيفوهما.. ومع ذلك راح الخضر يبني فيها جدارا دون مقابل وكانا في أشد الحاجة إلى الأجر..
وطار صواب موسى في كل مرة.. وعبر عن رفضه كل مرة.. إنه يحكم منطقه وقوانينه وشريعته.. يقف علم موسى بالشريعة حائرا أمام علم الخضر (بالحقيقة المتكاملة).. إن القوانين تحكم أحيانا على جزء فقط من الحقيقة الكاملة.. يحكم موسى على الأمور بما علمه الله من قواعد فقهية راسخة وعاها وحفظها.. بينما يقضي الثاني على ذات الأمور بشكل آخر..
فحكم الثاني مبني على علم بغيب أو بحقيقة لا يعلمها الأول.. إنه علم آتاه الله الخضر.. ربما نسميه (علم إستقراء المستقبل).. ولذلك نرى دهشة موسى من تصرفات الخضر.. التي تصل عنده أحيانا إلى مرتبة الجرائم.. ولا تستطيع أن تلوم موسى أن كان لا يعلم.. لكنه الدرس الذي أراد الله أن يلقنه.. لموسى أولا.. ولنا ثانيا.. يجب أن نسلم بإن هناك من هو أعلم منا.. مهما بلغت درجة علمنا.. فنتواضع لله ونتواضع لعباد الله.. ونوظف علمنا للدعوة لعبادة من علمنا ولنصرة دينه ولرفعة خلقه.. وأن نستزيد من العلم كل ساعة..
مشهد نهاري بحري.. يبدأ موسى الترحال بصحبة الخضر.. يركبان سفينة يريدان موضعا ما لم يحدده القرآن.. فلما وصلا ورست السفينة وتركها ركابها وبقي أصحابها.. إذا بالخضر يعود إليها فيمسك بأدواتها ويحدث ثقبا في قاع السفينة الراسية.. إقتلع لوحا وألقاه في البحر فذهب الموج به بعيدا.. ستغرق السفينة إذن وإن كانت راسية.. أو تعطلت..
ألقاكم على خير…. إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.