الإخراج الفني في النص القرآني.. “حياة موسى” على شاشة القرآن.. ( 5 ) بقلم مجدي سالم
في سيدنا موسى.. أن آتاه الله الكتاب.. الفرقان.. والبينات..
أود التذكير – في مطلع هذه الحلقة – بالإحتفال الذي أفامه بنو إسرائيل في الأيام الماضية.. وترأسه رئيس وزرائهم.. وقاموا فيه بتكريم صبي يهودي لإنه سرق كتابا قديما وأثريا للتوراة من اليمن.. .!
نعود……..
قدم أنبياء الله التضحيات الجسيمة بأنفسهم وبحياتهم وبأغلى ما لديهم من أجل وصول كتبهم – التي أرسلهم الله بها – إلى قومهم.. ومن المعجز بحق أن كل آية في القرآن – تذكر “الكتاب” – جاءت دوما في غرض جديد.. إن كل آية جاءت تضع لبنة في قصر مشيد.. ولم يخرج كتاب موسى أو التوراة عن هذا النسق.. اقرأ..
من سورة هود – الآية 110 ” وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ ۚ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ۚ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ”..
إن الله قد وعد بالفصل بين كل من اختلفوا في آياته أو افتروا على كتبه كذبا.. وحدد أن موعدهم يوم الفصل.. ولولا أن الله سبحانه وتعالى قد أجل القضاء بينهم إلى يوم القيامة.. منذ بدء الخليقة لحكم بينهم في الدنيا.. إنها من رحمته تعالى فما كان أحد ليطيق.. تقول سورة الإسراء – الآية 2..
” وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِن دُونِي وَكِيلًا”..
ولقد جاءت الإسراء هنا بالتاريخ الذي مضى.. ثم بالنبؤة بما سيحدث.. فقد جاء كتاب موسى بالهدى وبالحق يدعوا بني إسرائيل لعبادة الواحد الأحد.. جاء ليهديهم سواء السبيل.. وكانت المهلة الربانية الإلهية لعلهم لا يتخذون وكيلا إلا الله.. حسبنا الله ونعم الوكيل.. وجاء التذكير بالمعجزات التي أجراها الله على يد موسى لتعضده وتقويه في مواجهة فرعون وملأه.. تقول سورة الإسراء – الآية 101
” وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ۖ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَىٰ مَسْحُورًا”..
فكان المقصود بالآيات هنا أن تلك المعجزات كانت من وسائل الضغط على فرعون وملأه..
ولكي يؤمن ضعاف النفوس أنه لا يستطيع الإتيان بكل هذا إلا رسول من عند الله.. لعلهم يستجيبون لدعوة موسى عليه الصلاة والسلام..
الأنبياء – الآية 48 ” وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِّلْمُتَّقِينَ”..
ثم إن الآيات سورة الأنبياء تثبت أن الله قد آتى موسى وهارون الكتاب – وقد سماه القرآن هنا بالفرقان – فكان نورا وتذكرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.. كما إن إضافة وذكر هارون عليه الصلاة والسلام هنا يشركه ويمجد نصيبه في ثواب الدعوة مع موسى إلى الله..
إن هذا ما جاءت به سورة المؤمنون – الآية 49 أيضا.. ” وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ”..
وكذلك في سورة الفرقان – الآية 35 “وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا”..
وأكدت سورة الفرقان على دور هارون.. ولقبته بالوزير.. ويطول الحوار في سورة طه.. قال الله:
اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (24).. ..
فطار موسى يتمنى على الله.. ويعدد مطالبه منتزا الفرصة.. إنه تصوير رائع لشخصيته….
قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28) وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (34) إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا (35)..
قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى (36).. ..
وكذلك أكدت نبوة هارون كاميرات سورة مريم.. وكان الحوار مع نبينا صلى الله عليه وسلم..
وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (51)..
وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا (52)..
وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا (53)”..
وتروي سورة القصص – الآية 43 أن الله أرسل بالكتاب إلى موسى بعد أن أهلك فرعون..
” وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَىٰ بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ”..
ونتلوا من سورة السجدة – الآية 23.. والأمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم هنا كذلك..
” وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُن فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَائِهِ ۖ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ”..
ومن سورة غافر – الآية 53 ” وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَىٰ وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ”..
فالتوراة بقيت في بني إسرائيل من بعد أن توفي سيدنا موسى.. ويقال أن بعث العزير مرة أخرى.. التي جاءت في سورة البقرة.. بعد أن أماته الله مائة عام.. كان للتذكير بالتوراة التي كان العزير يحفظها..
*وفي سورة فصلت – الآية 45 ” وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ ۗ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ۚ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ”..
أراكم في حلقة قادمة إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.