الإلحاد…بقلم د.أحمد دبيان
الإلحاد
د.أحمد دبيان
بداية ونحن نخوض فى بحار الشوك الفكرية يجب ان نبدأ بتبيان بعض التعاريف :
الملحد هو اللفظة العربية لكلمة
Atheist
او اللاديني
وبينما تعبر الكلمة الانجليزية بدقة عن الحالة الذهنية والاعتناقية للا دينى
فان كلمة ملحد ، والمنبثقة من التعبير واللفظ القرآنى ،
يلحدون والواردة فى آيات عديدة ،
( ان الذين يلحدون فى آيَاتِنَا )
( لسان الذى يلحدون اليه اعجمى وهذا لسان عربى مبين )
فى المعجم هناك تعاريف تفصيلية للفعل ألحد ننقلها كما هى :
أَلْحَدَ السَّهمُ عن الهدف : أى عَدَلَ عنه
أَلْحَدَ فلانٌ : عَدَلَ عن الحقّ وأَدخل فيه ما ليس منه
أَلْحَدَ إِليه : مال
أَلْحَدَ في الحرَمِ : استحلَّ حُرمتَه وانتهكَها
أَلْحَدَ في الدِّين : طَعَنَ
أَلْحَدَ بفلان : أَزرى به وقال عليه
باطلاً.
من هنا ففعل الإلحاد يعنى بالعربية الطعن فى العقيدة ، بينما اللادينية تقوم على فرضية نقض فكرة الدين ( كل دين ) والأهم فكرة الإله ذاته .
ريتشارد دوكنز عالم سلوك الحيوان والاحياء التطورى ، وله بالمناسبة لقب طريف
فيطلقون عليه ( نبى الملحدين )
فى كتابه
The god delusion
أو وهم الإله
والذى صار قرآنا للملحدين
( وبالمناسبة قرآن من قريانا بالآرامية ، بمعنى ما يُقرَأ فى التجمعات الدينية ، وكانت تطلق على عظات القسيسين ) .
ريتشار دوكنز المولود لأبوين انجليكيين ،
ينطلق لإثبات فرضيته، من نظريات مثبته علمياً ،
أولاهما ،
The Big Bang theory;
والثانية من ال
نظريات التطور
Darwinism and the Neo-Darwinism
او الداروينية والداروينية الجديدة
وهى باختصار
أن الكون كان في الماضي في حالة حارة شديدة الكثافة فتمدد، وأن الكون كان يومًا جزء واحد عند نشأة الكون،
وبعد التمدد الأول، بَرُدَ الكون بما يكفي لتكوين جسيمات خلال الثلاث دقائق التالية للانفجار العظيم، إلا أن الأمر احتاج آلاف السنين قبل تكوّن ذرات متعادلة كهربيًا.
النظرية الثانية ، والتى يثبت بها دوكنز فرضيته،
هى الداروينية والداروينية الجديدة .
وأساسها النشوء والارتقاء ،
وعملية الانتخاب الطبيعى
او
ال
Natural selection
ويفسر بها دوكنز ان الكون نتج عن انفجار كونى أدى لتكون ذرات متعادلة كهربياً ، كونت الجسيمات والمادة ، وان تكوين الانسان نفسه والحيوانات وباقى المخلوقات والنباتات والأشجار والغابات اتى من المادة .
وان التطور والانتخاب الطبيعى أدى لاختيار كائنات بصفات ، تتواءم مع البيئة ، وبها تم تفسير انقراض الديناصورات ، وتطور الحصان والطيور .
الانتخاب الطبيعى يتم بطفرات ، وهذه الطفرات تأتى بصفات جديدة ، وتتحور الجينات فى بعض الفصائل وحتى عند الانسان لتأتى بصفات جديدة .
لا أناقش هذه النظريات العلمية لانى مؤمن انها تفسر الكثير من آليات الخلق ، والحياة والتطور.
لكن ما يتم اغفاله وسط هذه النظريات الرائعة ، هو ما الذى يضبط ويحكم هذه التفاعلات ، وهذا الانفجار بشظاياه ليعيد تكوينه.
من يضبط الطفرة لتأتى بصفات يستفاد بها ، ولا تأتى بكيانات شائهة ، عبثية ؟!!
ما هو ميزان الأشياء وتوازنها فى الكيمياء والبيولوحيا والفيزياء ،
لماذا الانفجار الكونى ، لم يؤدى لسلسلة انفجارات تشطر الذرة وتجلب الفناء ؟
الله حين خلق الكون خلقه بالعلم ، وبسلسلة قوانين علمية ، لأن الارادة الإلهية ان تحكم الكون علاقات السببية ،
فالنظريات التى تفسر النشوء هى بالأساس تفسر السببية .
أمرنا الله بالعلم لا بالغيبيات،
وأمرنا ان نبحث عن الأسباب وهى اساس القوانين التى وضعها الخلق وتطوره .
حتى المعجزة فى جوهرها خاضعة للقوانين العلمية ؛
عصا موسى وشق البحر هى عملية جزر بكل قوانين المد والجزر ،
الارادة الإلهية هنا هى توظيف هذا القانون فى تلك اللحظة ،
عرش بلقيس ، والذى اتى به من أوتى العلم ، وليس العفريت هو قانون انتقال ايونى ، يعمل عليه العلماء ليكتشفوه .
المسيح حين احيا ابنة قائد المائة ،قائلاً لها
( إصلبيتا وتعنى يا بنية قومى )
ولمسها ، كان يقوم بعملية
CPR
او إنعاش قلبى رئوى
قبل ان نكتشفه نحن بآلاف السنين ،
احيائه
لالعازار
Lazarus
بعد أيام من موته ،
و
لا ندرى كم كانت حرارة العازار حين توفى .
لكننا نعلم ان الجسد الذى يتعرض لبرودة شديدة
Hypothermia
ولساعات وأيام
نستطيع القيام بعملية الانعاش القلبى الرئوى حتى ولو استمرت لأكثر من اربع وعشرين ساعة وانها تنجح فى احوال كثيرة .
الإيمان والخلق محكومان بقانون العلم الازلى الذى خلق الله به الكون بالسببية .
والضابط والميزان للانفجار الكونى ولل
Gene polymorphism
تحور الجينات ،
والانتقال الايونى
ولقوانين احتمالات يحدث به الاحتمال الأدنى فى توقيت زمنى محدد ، هو تلك القوة التى تضبط وتزن وتقدر .
العلم الكسبى هو ما أُمرنا ان نعلمه وننهل منه ونكتسبه ونسبر به قانون الكون السببى ، والعلم الوهبى هو ما وهبه الخالق الضابط عباده فى توقيتات زمنية مغايرة .
والاثنان قوانين علمية تحكم ناموس الكون .
وان الأفكار الناتجة ، انعكاساً لممارسات من اتجروا وتاجروا وتجرأوا على الضوابط والشرائع والنواميس باغراقها فى تفسيرات غيبية ليست مبرراً أبداً لإنكار ضابط الكون الأوحد وميزانه وناموسه .
التعليقات مغلقة.