الاستغناء مطلب ديني وإنساني
بقلم / حاتم السيد مصيلحي
الاستغناء مطلب محبب للنفس حين تسد حاجاتها المادية والمعنوية، وتصل إلى حد الاكتفاء، وترتقي في مدارج القانعين بما كسبت، والراضين بما اكتسبت، فلا يزال الإنسان عزيزا محفوظ القدر إذا كان مستغنيا عن غيره، وهان عليهم وقل قدره عندهم إذا طلب منهم إحسانا ظل أسيرا له طوال حياته هذا من جانب.
أما الاستغناء الشعوري أو العاطفي مطلب صعب المنال، لذا يظل مطلبا حياتيا للإنسان، كالماء والهواء، لشدة احتياجه اليومي له، يستوي فيه الغني والفقير، الصغير والكبير، فالتفاف القلوب حول فرد يدخل السعادة والبهجة عليه، بل إن تبادل النظرات وتفقد الأحوال يترجم إلى اهتمام، والملامسة فيها تطبيب وتطييب للخاطر وجبر له.
وقد يبخل الكثيرون بتصدير هذا الشعور للآخرين، ويبحثون عن فائدة مرجوة من ورائه، فإن وجدوها بذلوا تلك المشاعر وربما بالغوا في إظهارها وإلا فلا.. وهذا يتنافى تماما مع القيم الدينية، والمبادئ الإنسانية التي حثتنا على بذلها معروفا لمن يستحق ومن لا يستحق كل على قده وقدره، فجعلت من الابتسامة معروفا بلاحروف مرسومة، وصدقة غير مرصودة، وزيارة المريض بما تحمله من مواساة ودعاء وتسرية ترفع درجة وتمحي خطيئة، ومساندة مكروب يضفي عليه شعورا بالراحة والطمأنينة.
هذا ما حثنا عليه ديننا، وأرساه نبينا الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ بمؤاخاته بين المؤمنين، ومباركة رب العالمين في قوله سبحانه: { إنما المؤمنون أخوة….} سورة الحجرات، الآية:(10)
فلا تصتصغرن من المعروف شيئا مادامت نيتك خالصة لوجه الله، ولا تبخلن بمشاعرك تجاه الآخرين؛ فقد تكون فيها إصلاح ذات البين.. وقد أمرنا الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالتحابب بقوله: “٠٠٠٠٠ ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم.”
التعليقات مغلقة.