الاسطورة الأوزيرية بين الخرافة والفكر
بقلم / منى الشوربجى
ليست الاسطورة مجرد حكاية خرافية بل هى منهج فكرى استخدمه الانسان القديم ليعبر فيه عن نظراته فى الكون ، بدء الخليقة ، نظام الكون ؛ الصراع الازلى بين الخير والشر الخ ؛ ويطرح فيه تساؤلاته عما يراه من تناقضات تشوب هذا النظام الرائع الذى ابتدعه الإله الأعلى وسنه للحياة .
من هذا المنطلق يقدم لنا العالم البريطانى رندل كلارك كتابه
“Myth and symbol lin Ancient Egypt”
الذى صدر لأول مرة عام 1959 حيث كان يشغل منصب أستاذ التاريخ القديم فى جامعة برمنجهام حتى وفاته فى عام 1970 .
والواقع ان الكثير من العلماء قد اعتبروا الاسطورة فى منشئها حادثة او مجموعة من الأحداث التاريخية الهامة التى تحولت فى مخيلة الانسان القديم إلى أحداث خارقة للمألوف ؛ وربطت بالدين ؛ ومن ثم خلع أبطالها رداءهم البشرى وباتوا آلهة.
ومن ذلك تفسير العالم الألمانى الشهير “كورت زيته ” للأسطورة الأوزيرية التى تزعم أن الخالق ” أتوم” انبثق من محيط مياه أزلى فوق ربوة عالية وخلق الهواء والرطوبة (شو وتفنوت ) ومنها جاء زوج ثان ، الأرض والسماء (جب ونوت ) . ومنهما جاء زوجان ؛ اوزيريس وايزيس ، وست ونفتيس ، وجعل جب (الأرض ) ابنه اوزيريس ملكا على البشر الذين خلقوا من دموع الاله أتوم ؛ وعلم اوزيريس البشر فنون الحضارة والزراعة ؛ فأحبه شعبه ؛ وحنق عليه ست ، الذى دبر مؤامرة دنيئة للقضاء عليه ؛ واغتصب ملكه بعد أن قتله ومزق أوصاله ؛ ولكن إيزيس تعيده للحياة ، وتحمل منه حورس الذى ينتقم لأبيه ويطرد ست إلى الصحراء ويعتلى عرش مصر .
تعتبر الأساطير تعبير عن أفكار وتأملات سابقة للمنهج العقلانى ؛ ومنها تتبع التطور الفكرى للانسان القديم منذ مرحلة التكوين فى الدولة القديمة الى مرحلة النضج الفكرى فى الدولة الحديثة ..معتمدا على المتون التى وجدت منقوشة على جدران اهرامات الدولة القديمة والنصوص التى كتبت على التوابيت وأوراق البردى فى عصر الدولة الوسطى ؛ والكتب الدينية التى تزين جدران المقابر الملكية فى وادى الملوك من عصر الدولة الحديثة ولئن ارتبطت تلك النصوص فى مظهرها بالموت والدفن ..الا انها مصدرغنى للافكار الدينية والتأملات شبه الفلسفية فى أمور الكون وءحوال الحياة التى عبر عنها المصرى القديم بفكره الأسطورى.
المراجع : الرمز والاسطورة فى مصر القديمة .تاليف :رندل كلارك
ترجمة :أحمد صليحة
مصر القديمة ..تأليف : سليم حسن
التعليقات مغلقة.