البحث عن بوب دينار بقلم د.أحمد دبيان
البحث عن بوب دينار بقلم د.أحمد دبيان
ومن الفيلق الأجنبى الى مرتزقة اردوغان ، يصبح الأرتزاق منهجاً تحول فيه من ظاهرة فردية الى ارتزاق دول .
ومن مروج لنهضة تركية قامت على استلاب الشعوب الاسلامية قبل الأجنبية عاش التركى مرتزقاً لدى العباسيين وليصنع جيوشه من مرتزقة الشعوب بجرائم كان له فيها فضل السبق والإبتكار .
وبقانون “الديشرمة” أو الدفشرمة)
والذى كان من القوانين المنظمة للعلاقة بين السلطة العثمانية، و”الرومللي”-أي المناطق المسيحية الخاضعة للعثمانيين في أوروبا-حيث تحصل إسطنبول إضافة للضرائب المالية على “ضريبة بشرية”!
فيتوجه ممثلو السلطة إلى البلدات والقرى المسيحية، وبمعاونة عمدة المنطقة وكاهن كنيستها يقومون بجمع نحو ألف طفل بين سن الثامنة والثامنة عشر، شريطة ألا يكون وحيد والديه مع وضع الأفضلية لأبناء الأسر الكبيرة، ثم ينقلون هؤلاء الأطفال إلى الأناضول حيث تنقطع تماما ونهائيا علاقتهم بأهلهم وبماضيهم.. ويصبحون عبيداً للسلطان.
وفي مركز خاص لجمع هؤلاء العبيد، يجري إلزامهم باعتناق الإسلام، وتلقينهم تعاليمه – بالدرجة التي تسمح بالانحياز له وبخدمة السلطة – ويُعزَلون عن العالم الخارجي، ويُمنع أفرادهم من الزواج عدا من ينتقل مستقبلًا لفئة كبار الضباط.
لم يكن الارتزاق غريباً عن الأتراك
فالتاريخ يرصد فى مصر القديمة إطلاق المصريين القدماء على مجموعة المرتزقة فى ذلك الزمان اسمه “هابيرو” باللغة الأكادية.
والذين تم وصفهم على أنهم مجموعة من الآسيويين يتجولون فى بلاد الشام بحثًا عن الرزق فى أى مصلحة كانت، شأنهم فى ذلك شأن العبرانيين.
وكلمة “هابيرو” مرتبطة بكلمة “هابتو” الأكادية التى تعنى “النهب” أو “السرق”، وقصدوا بهذه الكلمة المجموعة الصغيرة من الجنود المتجولين الذين يعملون كمرتزقة محليين، ويبدو أن هذا المصطلح بات متداولًا بين الشعوب القديمة، فهو مكتوب فى النصوص الحثية القديمة وكذلك النصوص القديمة الموجودة فى الأناضول.
التركى خاليستى بلا هوية ( وبلا تجانس عرقى أو حتى تجانس اصطباغ )ولا هوية حقيقية له وهو مرتزق تائة اختار دور التابع اللاعب على الحبال ما بين الشرق والغرب ، تخلى عن تمسحه بالعربية ليتمسح بالغرب بلا لون او طعم او شخصية .
ارتزاق التركى ضارب بجذوره فى عمق التاريخ ، وهو ليس وليد اليوم .
وقد تحول هذا الارتزاق من ارتزاق فردى لارتزاق مؤسسى ، وفى هذا هو يؤدى نفس الدور الذى قام به المرتزقة فى افريقيا وفى آسيا فى الستينات .
اردوغان يستخدم مؤسسات دولته ليصبح بوب دينار القرن الواحد والعشرين .
فيما كان الغرب منشغلا بالحديث عن الديموقراطية وحقوق الإنسان وفيما يفعل اردوغان اليوم بالحديث عن الشرعية والديمقراطية .
فى ستينات القرن الماضى كان العقيد بوب دينار ومرتزقته منشغلين في تدبير الانقلابات والتدخلات العسكرية في إفريقيا ومناطق أخرى على مدى أربعين عاما.
تسنى للعقيد بوب دينار واسمه الحقيقي جيلبير بورغو فعل الكثير خلف الكواليس بمجاميع من الجنود المرتزقة من فرنسا وبلجيكا وجنوب إفريقيا، وشارك في نحو عشرين انقلابا أو محاولة انقلاب أو غزو منذ بداية ستينات القرن الماضي، ودشن بذلك عصر الجيوش الخاصة.
من بين تلك المغامرات التي خاضها ومرتزقته تنفيذه أربعة انقلابات في جزر القمر بين عامي ١٩٧٥-١٩٩٥ عصر نادى السفارى الذى كان تنسيقاً بين المخابرات الفرنسية والمصرية والسعودية والمغربية والإسرائيلية بعد ان تخلت مصر عن مشروعها التحررى المساند للدول الافريقية فى الستينات .
ظل بوب دينار لعقد من الزمن حاكما فعليا لهذه الدولة المتكونة من عدة جزر في المحيط الهندي قبالة الساحل الشرقي للقارة الإفريقية.
شارك هذا المرتزق الفرنسي في مغامرات عسكرية مختلفة معظمها جرت في إفريقيا، في أنجولا وبنين والكونغو والصراع على اقليم كاتنجا ما ادى لتدخل الامم المتحدة بعد استشهاد رئيس الوزراء المنتخب باتريس لومومبا .
شارك وساهم ايضا فى صنع انقلابات فى الجابون ونيجيريا وتشاد وروديسيا التي تعرف في الوقت الراهن بزمبابوي، وأيضا في إيران وفي اليمن حيث حارب الجيش المصرى وقوات الثورة اليمنية هناك وكان يتم تأجيره من قبل المملكة السعودية مساندة لقوات الملكيين .
هذا المغامر الفرنسي الخطير الذي عمل بمثابة “بندقية للإيجار” حُوكم مرتين في فرنسا على محاولتي انقلاب في بنين وجزر القمر في عامي ١٩٩٣ ٢٠٠٦ حين حاولت فرنسا غسيل سمعتها
وأدين في الحالتين، إلا أن الحكم كان بالسجن مع وقف التنفيذ، ومع ذلك لم يرض هذا الحكم محاميه الذي عد موكله “كبش فداء للجمهورية”.
ولد هذا المغامر الفرنسي الذي ترك بصمة غائرة في كل مكان وصل إليه صحبة بنادقه المأجورة، في مدينة بوردو جنوبي فرنسا عام ١٩٢٠، وانضم في سن مبكرة لسلاح البحرية، وأرسل إلى فيتنام ثم إلى المستعمرات الفرنسية الأخرى في الهند الصينية، وانضم إلى الجندرمة الفرنسية في المغرب عام ١٩٥٢، وسجن لفترة وجيزة في عام ١٩٥٦ بتهمة التورط في مؤامرة لاغتيال رئيس الوزراء الفرنسي بيير منديس فرانس.
وبدأت مغامراته العسكرية بعد فترة من إطلاق سراحه، حيث شارك عام ١٩٦٢ في محاولة انفصالية فاشلة في منطقة كاتانغا بالكونغو، ثم شارك في الحرب باليمن إلى جانب قوات الإمامة، وأعلن حينها أنه يعمل بشكل وثيق مع الاستخبارات البريطانية.
وساعد فيما بعد الجنرال المتمرد أوجوكو في حرب بيافرا الانفصالية في نيجيريا والتي تواصلت نهاية الستينات لأكثر من عامين وقامت فيها مصر عام ١٩٦٨ بحماية سماء نيجيريا من الانفصاليين رغم عدوان ١٩٦٧ .
وقد أوصلته تجاربه السابقة والخبرات التي اكتسبها إلى جزر القمر عام ١٩٧٥، حيث نجح في تنفيذ انقلاب ضد الرئيس أحمد عبد الله عبد الرحمن، ثمن عاد لاحقا عام ١٩٧٨ وأطاح بالرئيس علي صويلح وتسبب في مقتله، وأعاد الرئيس المخلوع أحمد عبد الله، واعتنق الإسلام كعادة المتاجرين بالدين وغير اسمه إلى سعيد مصطفى محجوب، وبات الحاكم الفعلي للبلاد حتى عام ١٩٨٩، حين قُتل الرئيس أحمد عبد الله في ظروف غامضة بعد أن أصدر قرارا بحل الحرس الرئاسي الذي كان يقوده بوب دينار.
وإثر ذلك فر هذا العقيد العنيد إلى جنوب إفريقيا، ثم عاد بعد ثلاث سنين إلى فرنسا حيث برأته المحكمة في قضية مقتل رئيس جزر القمر أحمد عبد الله، وحكمت عليه بالسجن مع وقف التنفيذ في قضية محاولة انقلاب في بنين نفذت عام 1977.
وشهد عام 1995 آخر مغامرات هذا المرتزق الشهير، وكانت في جزر القمر حيث فشل في الاستيلاء على السلطة من جديد مع نحو ٣٠ من القتلة المحترفين، وتدخلت حينها القوات الفرنسية لاستعادة النظام، وكانت تلك إشارة إلى قرار باريس الاستغناء نهائيا عن خدماته.
بوب دينار، هذا المغامر الخطير الذي توفى في فراشه عام ٢٠٠٧ بعد صراع مع مرض الزهايمر، كان لا يخفي أن ما يقوم به يتم بموافقة ضمنية من الحكومات الفرنسية، وقد أجاب ذات مرة عن سؤال عما إذا تلقى ضوءا أخضر من باريس بالقول: “ليس بالضبط، تلقيت ضوءا أصفر فقط”.
ولم يرتبط هذا القائد المأجور بسلطات بلاده التي زودته بجوازات السفر وبالمال فقط، بل وارتبط بعلاقات وثيقة مع نظام الفصل العنصري حينها في جنوب إفريقيا وبالاستخبارات الأمريكية والبريطانية.
وقد دافع عنه رئيس سابق للاستخبارات الفرنسية بالقول: أجهزة الاستخبارات “حين لا تكون قادرة على القيام بأنواع محددة من العمليات السرية الخاصة، فهي تستخدم تشكيلات موازية، وهذا هو الحال الذي كان عليه بوب دينار”.
اردوغان دينار بارتزاقه ينفذ أجندات الدول الغربية والتى لا يستطيع الغرب فعلها لاختيار الغرب ان يصدر الاقتتال مقابل الحصول على الكعكة بعد استنزاف القوى الوكيلة .
وهو يغازل موسكو وواشنطن كتابع ذليل مقابل لحس اطباق النفط فى العراق من فتات الامريكى او اللهاث واللعاب المسال على أطباق النفط المحتملة فى الهلال النفطى الليبى .
و هو بالطبع شأن كل المرتزقة لا يتورع عن الإتجار بالدين كما فعل استاذه بوب دينار فيغازل المهووسين باسم الخلافة حيناً وباسم اعادة الآذان فى متحف آناً آخر وهو لا يكف عن ارسال المرتزقة تحت شعارات الجهاد باسم الدين وباسم النكاح وباسم الخلافة ، تارة الى سوريا والذين تحطموا على صخرة بسالة الجيش العربى السورى ، واليوم الى ليبيا والتى يقينا ستحطمهم بالجيش الوطنى الليبى وبدعم جيش العروبة الصامد القادر الجيش العربى المصرى ، وليندحر اردوغان كما اندحر بوب دينار قبله فى اليمن فتم اعلان الجمهورية وطرد القاعدة البريطانية فى عدن ، والذى لم يكن لينجح فى السبعينات الا بتخلى مصر وقتها عن دورها الداعم للنضال فى أفريقيا والذى نعانى تبعاته والى اليوم .
التعليقات مغلقة.