البرد.. والمرض.. والعقوق بقلم محمد أبو النصر.. المنصورة
بينما أنا قابعٌ تحت البطانية وقد أمسكتْ يدي المرتعشةُ من شدةِ البرد بهذا الجوال.. تذكرتُ عمي صابر الذي يَقبعُ مثلي_ لكن على السرير الأبيض_ يتأوّه..
إنه الآن بعد هذا العمر يسترجعُ الماضي بأتراحهِ وأفراحهِ، وكيف جمعَ القرشَ على القرشِ من عرَق جبينهِ حتى تخرج أبناؤه في كلياتِ القمة..
ولم ينسَ يومَ أن طرده كفيلُه من العمل في بلاد الغُربة، ثم عاد أدراجَه ليحمل الطوبَ والأسمنتَ ويصعد بها على كتفهِ إلى الدور السادس..
وبينا هو كذلك إذ سمعَ رنةَ الهاتف..
إنها الرنة المخصصة لرفيقةِ دربهِ وشريكةِ كفاحة الست فرحانة، والتي يُدللها باسم (فرْحة) ..
-ألو.. السلام عليكم يا حاج..
-وعليكم السلام يا فرحة يا حبيبة قلبي..
-انتَ عامل ايه في البرد ده؟
أهو ماشي الحال – يا فرحة- ونحمد اللهَ على كل حال..
إزيّ العيال؟
-بخير يا حبيبي..
- إلَّا مفيش حد منهم جالي ولا سأل علي!
فين الدكتور محمد؟
ولا المهندس محمود؟
ولاالست عَزّة المحامية ال كل يوم في محكمة؟ - يا حاج انت عارف مشاغل الحياة، وكمان الواد ابنها في رابعة ابتدائي السنة دي.. ربنا يعينها عليهم..
-آه ياني يا فرحة..
كان نفسي أشوفهم قبل…
وهنا تسقط من عينه دمعتان..
ويتحشرج صوته.. - إهّي!! هو فيه إيه يا حاج؟ ما تصلي ع النبي!
أنا ان شاء الله هاخد العلاج واعمل لك بطاطس مسلوقة من ال بتحبها وأجي لك في وقت الزيارة..
-الزيارة!
الزيارة!
-شد حيلك يا حاج صابر. دا انت سيد الرجالة..
الشِّدّة على الله يا فَرْ….
وهنا يتوقف الإرسال..
محبكم
أبو عبد الرحمن
محمدأبوالنصر
التعليقات مغلقة.