موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

البرناسية والأصولية والشعراء الجدد … محمد الجداوى

428

البرناسية والأصولية والشعراء الجدد …

محمد الجداوى

البرناسية والأصولية والشعراء الجدد
محمد الجداوي

لم يخلُ زمان منذ ظهور فن الشعر، الذي به عُرف العرب باعتباره ديوانهم وفنهم الأول، من شعراء يؤمنون أن الشعر للشعر وألا غاية تُضاهي أن تكتب الشعر لنفسه، أو ما عُرف في العصر الحديث نقديا باسم المدرسة البرناسية التي امتاز أدباؤها بأنهم يكتبون الشعر للشعر والفن للفن مقدرين قيمته ورافعين لواءه عاليا خفاقا لا يتردد لشعور ولا يزل لفكر ولا يتوقف عند حدود إدراك ولا يتوانى عن نصرة نفسه في المحافل جميعا.

وما إن تظهر هذه المدرسة العريقة في زمن حتى تسارع في الاختفاء والاضمحلال، وتجري نحو الفناء والانتهاء، لتظهر المدارس الواقعية وما بعدها التي تعيش مع الواقع وله وبه، تنقل نقلا حيا تجاربه ومعاناة أهله وتصف خطاهم في فنون الآداب جميعا ومناهله، فلا تكاد تشعر بالغربة مع كل كلمة ولا تستوحش إحساس كاتبها؛ لأنها من المجتمع وتصب في المجتمع.

لكن عادة التطور التي لا تنتهي لا تدع مجالا إلا وخرجت عليه، ولا طريقا إلا ومهدت غيره وسلكت وعره وأشاعت بين الناس فضله وخيره، وكأن الخير لا يأتي إلا بالجديد والشر كله في القديم، وإن حاد الأول عن الجادة وتمسك الأخير بالفضل والخير.

وعلى النقيض تجد الأصوليون يتشبثون بما شاع عن أسلافهم، ويتمسكون بما درج عليه أجدادهم، ولا يثقون إلا بمن سار على دربهم وسلك سبيلهم ولم يرضَ من الجديد إلا بالمحافظ على القديم، دائرا في ذهنهم- وإن لم يظهروا ذلك- أن الله قد كتب على هذه الأمة أن تموت فلا تتطور وأن تكتفي بما قدمه الأقدمون، كأن الخيرية انمحت من الوجود، أو كأن الأمة فقدت بوصلة حياتها ولا تملك من حاضرها إلا أن تطحن في طحين الأقدمين أو تحرث في أرض طينتها الماء.

ولعل سائل يتفلسف متسائلا: لماذا قصرت عنوان مقالتي تلك على البرناسية والأصولية رغم ما ذكرت في طياتها من مدارس أخرى؟ والجواب: أن كل المدارس تدور حول رحى هذين المدرستين، إما أصولية تتمسك بالقديم الأصيل والواقع المعاش ونقل الحاضر بلسان الأديب، أو برناسية تعيش في الرمز المطلق والخروج على الأصولية سواء في الشكل كما يجيء فيما يُسمى بقصيدة النثر، أو في المضمون كما يجيء في المدرسة الحداثية التي يطغى على محتواها الرمز.

والخلاصة أننا إن أردنا أن نعيد النهضة الأدبية من جديد فعلينا أن نتمسك بالقديم العتيد، والأصول التي لا يمكن الخروج عليها، والحفاظ على الموروث الذي تخطى عمره القرون الستة عشر، ولا نهمل التطور الذي دفع أسلافنا إلى تقديم الجديد والخروج على الخليل في مقلوبات البحور وموشحات الأندلس وتفعيلات نازك.

ثم علينا أن ندرك أن الاختلاف على مصطلح لا على إبداع، وأن الإنتاج الإنساني جدار لبناته بعضها فوق بعض، لا قضيبا قطار أسياخه تعاكس أختها على طول الطريق، وأن ما يُسمى بالشعر المنصور أو القصة الشاعرة، نتاج أدبي يُختلف في تسميته لا في قيمته الأدبية والتاريخية، كما لم يندثر الشعر العمودي رغم هذه التطورات الهائلة في الشعر الحداثي.

التعليقات مغلقة.