موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

” البعد الواقعي …وفلسفة الزمان والمكان ” دراسة نقدية تحليلية لقصة “ليلة العيد ” للأديب محمد كمال سالم ..نقد وتحليل أســامــة نـور

134

” البعد الواقعي …وفلسفة الزمان والمكان ” دراسة نقدية تحليلية لقصة “ليلة العيد ” للأديب محمد كمال سالم ..نقد وتحليل أســامــة نـور

النص :-“ليلة العيد “

كلما اشتريت حذاء جديدا، لي أو لأحد من اولادي، أبحث فيه عن تلك الرائحة العالقة بذاكرتي، من حذاء العيد الراقد جنب رأسي على وسادتي في ليلة العيد ننتظر الصباح.
أبدًا ما وجدتها، أو مايشبهها.

الغريب أن حذائي هذا، ماكان معه لكسوتي للعيد إلا بيجامة، مازلت أنتظر غيرها، لكن عندما أعلنت السيدة أم كلثوم عن حلول العيد، أيقَنت فطرتي البسيطة أنه ما من شئ إلا هذا الحذاء، وتلك البيجامة الكستور المقلمة بالطول، التي حاكتها أمي بيديها الماهرتين لي ولأخي الأصغر، على ماكينتها الأسطورية ذات البدّال لقدميها وطرقاته المنتظمة، وكأنها قطار فحم عتيق, فقد محطة الوصول.
لم يرحم قلبي الصغير، رقدتها متعبة بعد شهر شاق ويوم طويل، اتكئ علي ظهر سريرها، فوق رأسها أبكي:
( أنا مش عايز البيجامة، أنا عايز بدلة العيد)
تحاول أختي الأكبر إسكاتي جاهدة:
لدينا ميت في البيت عند قريبتنا وجارتنا، لا يجوز الابتهاج، أو أي مظاهر للفرح.

أنام مهزوما ودموعي تغرق وسادتي، ساخطًا على قريبتنا التي حرمتنا من كل مظاهر الفرحة بالعيد، حتى من اللعب والسهر عند فرن عم احمد، الذي يخبز لنا كحك العيد, رائحة الخبيز ودفء الفرن, الجري واللعب في الشارع مع إخوتي من أبناء الجيران والأقارب, سباقنا مع الترام والأتوبيسات, منطقتنا لا تهدأ, الصخب والضجيج حتى الصباح كل يوم تدافع الناس تسابقهم لقضاء حوائجهم المتواضعة حتى فجر العيد.

كانت رائحة حذائي الجديد هي مؤنستي هذه الليلة فقط.
أصحو على صوت أبي الذي كان ساهرا في عمله, دائما يسهر في عمله، أحضر معه كحك العيد خلسة، بعيدا عن أعين الجيران، كان رده على نظرات أمي اللائمة (العيال مالهمش ذنب)
يغتسل, يستعد ليصحبنا لصلاة العيد، أهازيج ومرح الأطفال في الشارع، أفتح عيني المثقلتين بالهم، فقد سرقوا مني فرحتي ، لم يشفع لأمي عناقها لي أو إغراقي بالقبلات، وأختي الكبرى مشغولة بالمكواة في عجل: ( اخلع ياللا البيجامة علشان تقيس بدلتك الجديدة)
طار قلبي من الفرح، بذلتان لي ولأخي الأصغر بنطال قصير وسترة جميلة ياقة عالية وكسرتان من الخلف, سهرت أمي تحيكهما طوال الليل.
ابتهجنا، وصحبتني أمي للشقة التي تحتنا، تزور قريبتنا الحزينة المكلومة لجبر خاطرها، لكن لست أدري لمَ لدغتني أمي لدغة بكيت على أثرها، لما قلت لجارتنا: تَانت، تَانت،
إحنا عندنا كحك العيد.



النقد والتحليل :-


مقدمة :-

إنَّ الأدب مرآة المجتمع ؛ يعكس حالة المجتمع ويظهر الإيجابيات ويؤكد عليها ويدعمها ،ويسلط الضوء على السلبيات ؛فيعرض خطورتها وما يترتب عليها من سوء العواقب ؛لنتجنبها ونعالجها ونقضي عليها ..لهذا كان للأدب دورٌ حيويٌ في المجتمع فالفن والأدب” شعره ونثره” قوة ناعمة لا يمكن إغفال دورها الحضاري والثقافي على مر العصور وتعاقب الأزمنة ..فالأدب والفن من ركائز الحضارة والتقدم

كما أنهما خلدا التاريخ البشري والملاحم والأحداث
والوقائع بل شكلا كثيرًا منها .وقد قيل إذا أردت أن تقف على حضارة دولة فانظر إلي آدابها وفنونها.
ويري سقراط وكذلك أفلاطون ..أهمية الفن في المجتمع
ودوره في تهذيب الآخلاق وتعديل السلوك ..ثم دعَّم ذلك
الكاتب الروسي “تولستوي” في كتابه” ما الفن؟” وذهب أن الأدب والفن ضروريان لإصلاح المجتمع، وتقويمه ..

في ماهية العنوان

أصبح للعنوان أثرٌ كبيرٌ ؛فهو دالٌ على المضمون ..ونص مصغر له ،.كما أنه باعث ومشوق على القراءة . لهذا كلما
كان العنوان معبرًا عن النص بإيحاء ودلالات ورمزية وإسقاط
ساهم ذلك في نجاح النص.
والعنوان هنا “ليلة العيد” يعبر عن الزمن ، وهو زمن له في النفس وقع وذكريات لا تنسى ، يتكون العنوان من كلمتين ليلة خبر لمبتدأ محذوف تقديره هي ، والعيد مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة .والإصافة هنا تفيد التعظيم والتشريف .
والعنوان هنا يرتبط بالجانب الشعوري الذهني الوجداني الممتد عبر الزمن الماضي ووالزمن الحاضر ، وبذلك يعبر القاص من خلال قصته عن الشعور الجمعي المرتكز في أعماق الشعور الوجداني، المحفور في بؤرة التفكير العقلي ، وقلب ذاكرة المدى الطويل ..
فالكاتب هنا يرتكز بوعية الأدبي ،وخبرته الكتابية والقصصية على التأثير على المتلقي فكرًا ،ووجدانًا ، فألقى بما يجذبه ويستحوز على مشاعره .متخذًا من العيد ، وذكريات ليلة العيد متكأً، ومدخلًا لقصته .
ورغم أن العنوان “بكلمتيه” يبدو عاديًا ، ومباشرًا ، لكن له تأثير نفسي وذهني ..يدغدغ مشاعرنا ،ويتجول في ذكرياتنا
ويقوم بالاستحضار أو الاسترجاع والخطف خلفًا ( الفلاش باك ).لنعيش بين الماضي والحاضر.



“مقومات القصة ” العناصر والمضمون “


يقدم لنا الكاتب قصة إجتماعية واقعية ؛ مستخدمًا آليات كتابة القصة من شخوص، ومكان وزمان، وحبكة…
في دراما اجتماعية ومشهدية عالية ..ودقة في نقل الواقع بأحداثه..وإخراج متقن …يقدم ذلك في إطار من السرد المحكم ،والحوار .فالسرد على لسان الراوي (هو الكاتب نفسه).. له مغزاه في القصة وشكَّل مع العنوان دورًا كبيرًافي إظهار النص وتأثيره ،وتماس المتلقي معه.
تعكس القصة الترابط الأسري والمجتمعي ومدى الإحساس بالآخر والمحافظة على القيم والعادات المجتمعية الأصيلة،
والمكان هنا ممتد، وكذلك الزمان ،لكن القاص اتخذ من أسرته
مثالًا ،ورمزًا للحارة المصريةو للمجتمع بشكل عام، واتخذ من ليلة العيد ،واستحضار الماضي رمزًا ، ووحدة للزمان .
فالزمان والمكان غير محددين ؛فهما مطلقان …
..يبدأ القاص بشراء الأحذية الجديدة ، له ولأولاده ،فتأخذه رائحتها إلى عبق الماضي؛ ليكون ذلك مدخلًا لقصته ، واسترجاعًا ليلة عيدٍ مضت ..
** استخدم الشاعر المشهدية العالية ،وكأننا نشاهد فيلمًا عن الحارة المصرية ، وكأنني أري مشهدًا من فيلم “أعز الحبايب”
أو فيلم ” حياة أو موت ” والجملة الشهيرة ” على …أحمد إبراهيم القاطن في دير الملاك عدم تناول الدواء ؛ الدواء فيه سم قاتل ” وكذلك فيلم” عسل أسود “
وهذه أشهر الافلام التي جسدت الحارة المصرية ،ونقلت فرحة العيد ، وعادات وتقاليد الأسرة المصرية في العيد.
ينقل القاص لنا الأشياء في صورة ديناميكية حركية ..وكأن الحذاء ،والبيجامة رفيقانه يشاركانه فرحة العيد والاحتفال
وكذلك ماكينة الخياطة …ودور الأم في حياكة البيجامة، ورغم ذلك التمرد ،من أجل الحصول على بدلة العيد فتشعر الأم حتى الصباح ،د؛ لحياكة بدلة له وأخرى لأخيه
ويظهر هنا التجاوب المجتمعى والمشاركة الشعورية في قول الأخت ” تحاول أختي الأكبر إسكاتي جاهدة:
لدينا ميت في البيت عند قريبتنا وجارتنا، لا يجوز الابتهاج، أو أي مظاهر للفرح”
ويظهر ذلك أيضًا في”
“أنام مهزومًا ودموعي تغرق وسادتي، ساخطًا على قريبتنا التي حرمتنا من كل مظاهر الفرحة بالعيد، حتى من اللعب والسهر عند فرن عم أحمد، الذي يخبز لنا كحك العيد”,
وهذا الغضب من منطلق طفولي ، له مايبرره وإحساس بالحرمان من الفرحة والبهجة ،
ونلحظ ذلك أيضًا في
“أحضر معه كحك العيد خلسة، بعيدًا عن أعين الجيران، كان رده على نظرات أمي اللائمة (العيال مالهمش ذنب)”
إنها الأم الواعية التي تربي على التقاليد ،والخلق القويم .
بنظرتها الحادة ، التي تغني عن كثير الكلام .
والأب الذي يحمل العطف والحنان والمسئولية تجاه أبنائه .ويعكس ذلك دور الأسرة في التربية والتنشئة السليمة .
ومحاولة الأسرة إسعاد أطفالها.فالأم تسهر حتى الصباح لحيالكة بدلتين لطفليها
وبعد سعادة الأخوين بالملابس الجديدة ، تذهب الأم بصحبة
بطلنا لزيارة قريبتهم المكلومة فيقول :-
” وصحبتني أمي للشقة التي تحتنا، تزور قريبتنا الحزينة المكلومة لجبر خاطرها، لكن لست أدري لمَ لدغتني أمي لدغة بكيت على أثرها، لما قلت لجارتنا: تَانت، تَانت،
إحنا عندنا كحك العيد”
يصور الكاتب عفوية الطفل ،وبراءته ،ويصور لقطة رائعة
فلكور مصري اختصت به الأم المصرية وهو” لدغتها الشهيرة”
التي هى مؤشر للصمت ، أو للكف عن سلوك غير لائق.
“إنها لدغة التنبيه والتحذير “
وهنا استخدم الكاتب “الفلاش باك ” ؛ لاسترجاع الماضي واستمراره في الحاضر ولفهم العلاقات الشخصية ، والعادات والتقاليد المجتمعية ، وكذلك لفهم دوافع الشخصية ومنظورها وفلسفتها. والتركيز على الأدلة والتلميحات لتذكر أحداث من خلال بعث الماضي ،وإسقاطه على الحاضر ..


“من حيث اللغة والأساليب والفنيات “


استخدم الكاتب اللغة الحية السلسة ، التي تناسبت مع مضمون القصة ، فجاء السرد طبيعيًا متسقًا ، يعكس قدرة الكاتب على السرد بمهارة ، والدقة في استخدام المفردات ،
وجاء حوار الشخصيات” باللهجة العامية “ليعبر عن دقة التصوير والمشهدية ، ونقل الواقع بدقة .
استخدم الشاعر الأسلوب الخبري للتقرير والتأكيد ..وهذا ما يتناسب مع القصة ، في نقل الحكاية وسردها ،
وجاء الأسلوب الإنشائي الأمر في” اخلع ياللا البيجامة “
والاستفهام في “لمَ لدغتني أمي لدغة بكيت على أثرها؟!”
وللاستفهام دور في تحريك الذهن وإشراك المتلقي .
جاءت الصور قليلة لأن الفكرة ونقلها بحرفية ودقة وتشويق هو مايميز القصة القصيرة ، بالإضافة إلى واقعية القصة. ونجد الصورة حاضرة في
“على ماكينتها الأسطورية ذات البدّال لقدميها وطرقاته المنتظمة، وكأنها قطار فحم عتيق, فقد محطة الوصول.”
وفي “والتفاعل””كانت رائحة حذائي الجديد هي مؤنستي هذه الليلة فقط”
*** ونجد حضور الفنيات من خلال التكثيف ،والمهارة السردية
ودقة الوصف ،تبعًا لما تقتضيه القصة من مضمون وشخوص ،وسهولة الألفاظ والمشهدية العالية ، والإيجاز
الذي حوى بعض التفاصيل الصغيرة التي أضفت على الشخصيات طابع الواقعية ، كذلك الوصف الدقيق للبيئة
والشخصيات مما مكَّن القارئ من تخيل أحداث القصة التفاعل معها .
استخدام” الزمان والمكان والحدث والشخوص ” في
ديناميكية وتفاعل .
ولم تخل القصة من الإثارة ،والتشويق ، رغم واقعيتها
وتكرار أحداثها في كل أسرة ، ولكن للحدث هيبته وتشويقه
وجلاله ،
وكان للمشاركة الوجدانية مع الآخر ، وإظهار عمق العادات والتقاليد ، دورها في التأثير على المتلقي .


“الحبكة الدرامية ،وتأثيرها الفني “


استخدم الكاتب دراما الواقع ، والتضاد بين فرحة العيد ،وحزن الجارة على فقيدها ، وإحساس الكاتب بالحرمان من بهجة العيد ،لتتوازى في النهاية الفرحة مع الحزن ، رغم محاولة أسرة الكاتب ،إخفاء مظهار البهجة ،
فجاءت الحبكة الدرامية هنا متوازية ، وكان لها دورها في تفاعل الشخصيات ، ووصفها بدقة ..
كما كانت البداية مؤثرة ، في البهجة بشراء حذاء جديد ،
فهو يعبر عن العام ،من خلال الخاص.
كانت النهاية أيضـًا رائعة ، سلسة ، تعبر عن عفوية الطفل وموقف الأم الذي يتكرر فهو سمة للأم المصرية ، فهو خاص يعبر عن العام ..


“البعدان الرابع والخامس وأثرها على النص “


أطلق أينشتاين على الزمن “البعد الرابع ” واعتبره شيئًا مرئيًا
وبذلك أصبحنا نرى الزمن بجزئياته ،من خلال تتابع الأحداث
وتسلسلها..وكأنها شريط سينمائي. والزمن في القصة ممتد مطلق ، فهو ماض ممتد إلى الحاضر والمستقبل ، فالحدث هنا
مشترك في الزمن المطلق ، فالحدث ثابت رغم تغير الزمن والمكان ..وقد برع الكاتب في الانتقال من الحاضر للماضي
بانسيابية ومهارة ،
كما نلحظ وجود البعد الخامس الروحاني ، من خلال شعائر العيد ،والتجاوب الوجداني ،وعلو المشاعر وسموها ؛ للتتوازى مع علو الشعيرة ،ومكانتها ..
ونجد ذلك في قوله “
“يغتسل يستعد ليصحبنا لصلاة العيد، أهازيج ومرح الأطفال في الشارع”
——؛؛؛؛؛؛؛؛——-
قصة اجتماعيةواقعية ؛جمعت بين الزمان والمكان والبعد الخامس الروحاني في وحدة بنيوية متماسكة ، وفي إيجاز وتكثيف ، وسرد متقن اتسم بالإثارة والتشويق .
عبر الكاتب من خلال الخاص عن العام ، في مشهدية عالية
عَبَرت الزمان والمكان .
وحققت معها الإبداع والإمتاع .
تحياتي/ أســامــة نــور

التعليقات مغلقة.