التنفس الإصطناعى ” التاريخ والحاضر “
التنفس الإصطناعى ” التاريخ والحاضر “
د.أحمد دبيان
التنفس الإصطناعى كممارسة ليست أبداً وليدة اليوم أو الأمس القريب أو القرن الماضى .
ورد ذكر أول ممارسة للتنفس الصناعى وبعيداً عن سفر التكوين ونفخ الله نسمة الهواء فى أنف آدم ،
“وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ تُرَابًا مِنَ الأَرْضِ، وَنَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ. فَصَارَ آدَمُ نَفْسًا حَيَّةً.”
ورد فى ذكر النبى إليشع فى ملوك ٤:٣٤
أول ممارسة لتنفس إصطناعى كما يحدث اليوم فى ممارسة الإسعافات الأولية والدعم الأساسى للحياة
Basic life support
:
وَدَخَلَ أَلِيشَعُ الْبَيْتَ وَإِذَا بِالصَّبِيِّ مَيْتٌ وَمُضْطَجعٌ عَلَى سَرِيرِهِ.
33 فَدَخَلَ وَأَغْلَقَ الْبَابَ عَلَى نَفْسَيْهِمَا كِلَيْهِمَا، وَصَلَّى إِلَى الرَّبِّ.
34 ثُمَّ صَعِدَ وَاضْطَجَعَ فَوْقَ الصَّبِيِّ وَوَضَعَ فَمَهُ عَلَى فَمِهِ، وَعَيْنَيْهِ عَلَى عَيْنَيْهِ، وَيَدَيْهِ عَلَى يَدَيْهِ، وَتَمَدَّدَ عَلَيْهِ فَسَخُنَ جَسَدُ الْوَلَدِ.
تظل هذه الحادثة الموجودة فى التوراة والكتاب المقدس أول توثيق لعملية تنفس اصطناعى موجب حفظها لنا التاريخ .
أول من تحدث عن التنفس الصناعي كان الطبيب العلامة الروماني جالينوس ( Galen )، حيث تحدث عن أمكانية تمدد رئة الحيوان الميت إذا ما نفخ في قصبته الهوائية، أما العلامة أندرياس ڤساليوس فكان أول من وصف إمكانية تركيب قصبة داخل حنجرة الحيوانات ونفخ رئتهم بهذه الطريقة.
تقليديا ينقسم مفهوم التنفس الصناعي إلي:
• التنفس الصناعي سلبي الضغط ، ويتم من خلال جهاز يساعد علي إمتصاص الهواء إلى الرئتين وقد بدأ هذا الإتجاه للتنفس الإصطناعى فى القرن التاسع عشر واستمر الى منتصف القرن العشرين وكان المبدأ الأساسى للتنفس الصناعى وضع المريض داخل غرفة او حهاز بحيث يتم وضع جسمه كله فيما عدا الرأس داخل هذا الجهاز أو الغرفة او الصندوق مع ضخ الهواء داخل وخارج الغرفة يدوياً
فكان اختراع الرئة الحديدية كصندوق حديد يتم وضع المريض فيه وابقاء رأسه خارجاً أو صندوق يجلس فيه المريض الفرفصاء او غرفة كاملة يتم اجراء الجراحات بها ويساعد الصغط السلبى على تقليل النزيف أثناء العمليات الجراحية.
أنقذ هذا النوع من التنفس الصناعى أعداداً كبيرة من المرضى وخصوصاً مع تفشى وباء شلل الأطفال فى الخمسينات .
(هذا الشكل من مساعدة التنفس لم يعد يستخدم حالياً لاكتشاف عيوب كثيرة منها تسرب الهواء والضغط وعدم التحكم الكامل فى مقدار الهواء او الضغط ).
• التنفس الصناعي إيجابي الضغط ،وهو المستخدم حاليا فى كل أجهزة التنفس الإصطناعى.
ينقسم التنفس الإصطناعى الموجب الضغط الى
تنفس صناعي غير إختراقي
حيث الهواء (أو مزيج من الهواء الجوي و الأكسجين النقي) يتم دفعه إلي الفم عن طريق قناع مثبت بإحكام علي وجه المريض.و يستخدم فقط في حالة المريض الواعي و القادر علي حماية مجري الهواء الخاص به.
تنفس صناعي إختراقي
وهو الأكثر شيوعا، حيث الهواء(أو مزيج من الهواء الجوي و الأكسجين النقي) يتم دفعه إلي القصبة الهوائية عن طريق أنابيب بلاستيكيه تدعيأنبوب حنجري (endotracheal tube) يتم إدخالها إلي القصبة الهوائية. وهذه الأنبوبة تدخل إما عبر الفم أو عبر فتحة الأنف أو يتم عمل فتحة جراحية مباشره إلي القصبة الهوائية Tracheostomy .
كما يمكن إستخدام أنابيب خاصه تدعي القناع الحنجري (laryngeal mask) يتم إدخالها عبر الفم و تثبيتها علي مدخل الحنجرة بدون إدخال، و تستخدم بشكل محدود في العمليات قصيرة المدي و ايضا عندما يكون إدخال الأنبوب الحنجري متعذراً.
تطور التنفس الصناعي إيجابي الضغط يعود إلي التكنولوجيا التي أستخدمت في تزويد الطيارين بالأكسجين في الحرب العالمية الثانية. و بدأ أستخدامها بشكل واسع مع وباء شلل الأطفال في الخمسينات الذي أصاب المنطقة الأسكندنافية والولايات المتحدة، مما أدي إنخفاض كبير في وفيات المرضي بفشل التنفس.
ويعتمد هذا الشكل من التنفس الصناعي علي تركيب انابيب بلاستيكية في القصبة الهوائية للمريض و تقوم ماكبنة بضخ الهواء مختلطا بالأوكسجين لداخل رئة المريض فتنتفخ الرئة الشهيق، ثم السماح بعد ذلك للهواء بالخروج فتعود الرئة لحجمها السابق الزفير .
يستخدم التنفس الصناعى لدعم المرضى الذين يعانون من فشل تنفسى والذى ينقسم الى نوعين
الأول ويكون فيه نقص حاد فى الأوكسيجين
والثانى يكون بسبب ارتفاع ثانى أوكسيد الكاربون
تطور مفهوم التنفس الصناعى عبر التاريخ والحروب والممارسة.
وخصوصاً مع متلازمة الضائقة التنفسية الحادة والتى تم وصفها والتنبه اليها مع حرب فيتنام واصابات الجنود الأمريكيين هناك حيث تمتلئ الرئة بالسوائل دون اى اصابات أولية بها و هي حالة خطرة تهدد الحياة، حيث يحدث التهاب بنسيج الرئة وتجمع لسائل في (الحويصلات الهوائية) مما يؤدي إلى انخفاض خطير فى مستوى الأكسجين بالدم.
تعتمد اجهزة التنفس الصناعى الحديثة على مجموعة من الصمامات واجهزة الإستشعار للتحكم فى نسبة الأوكسيجين الداخل والضغط الباقى عند الزفير مع مجموعة دقيقة من اجهزة الاستشعار تتحكم فى انواع هذا التنفس الإصطناعى الموجب حماية للرئة من سمية الأكسيجين والتأثيرات الضارة لضخ ضغط موجب يتحول لسالب ما يعنى تمدد الحويصلات وانكماشها ما يضاعف التأثيرات الحادة للمرض ذاته.
أجهزة التنفس الصناعى ليست مضخة هواء لنفخ الإطارات كما يتصور البعض وهى بالتاكيد ليست مجالاً لعبث المزايدات الدعائية للرأسماليات الطفيلية التى تتاجر بكل شئ بما فيها أرواح البشر دون وازع من ضمير أو عقيدة صحيحة من دين .
التعليقات مغلقة.