الجائزة بقلم .. هانى موسى
عاهدت نفسي ألا أكرر عليه سؤال كل يوم ، لأننى أدركت أن مسئولياته الثقلية ،هى التى حرمتنا من اللعب معاً ،بعدما ترك له والده إرثاً من الهموم ،وتلالًا من الآلام ،قررت ألا أزيد من أوجاع صديقي، تكفيني تلك النظرات التى تحمل من الرسائل ما يكفى ،سرت مع رفاقي نخوض ونلعب ،لا تستوقف نبضات طفولتنا المُبهِجة الحالمة أى قوة، ملأت أصواتنا وضحكاتنا كل الأرجاء، نركض خلف فرحتنا ،بشتى الألعاب التى تعلمناها فى ذلك المكان الفسيح، أمام مسجدنا الوحيد بالقرية ،بعد صلاة العصر كعادتنا، ننتظر الجائزة نحملها لبيوتنا ،كنت أسير بفرحتى خلفهم، واسترق النظرة بين الفينة والأخرى ، لألمح صديقي هل انتهى من بيع حزمات الجرجير والخس؟ أو لا! أتمنى أن يشاركنا “على” لهونا..ظللت أراقب نظراته التى تسبق خطواتنا، ولهفته التى شغلته عما يفترش ،فتح عامل المسجد المذياع، وصوت الشيخ محمد رفعت قد استقطب المسامع والألباب، وجلست جماعات تلو جماعات ،من الرجال بجوار بعضهم ،يتمازحون، يتناولون حكايا الماضى، وهم مثلُنا ينتظرون فرحةً، خلف قرص الشمس المعانق، للمآذن فى كل مكان ،اقترب نفر من أهل القرية الأثرياء، نحو صديقى، أهداه بسمته ،وسلم عليه كرجل من كبار القوم ،تركت الصبية يعبثون، وأمسكت بمنظار حاد الرؤية، أراقب عن كثبٍ ما يدور هناك ،هل آن الأوان لتنجلى ظلمة هذا اليوم، عن طفولة صديقى ؟! هل سأرى بسمته من جديد؛ كما عاهدته قبل عامين ؟ فتح علىّ كيس كبير، وأخذت فرحته تقذف بواحدٍة تلو الأخرى من الحزمات ، حتى ألقى بكل همومه فى هذا الكيس ، فأعطاه هذا الكريم ورقةً كبيرةً من المال، عانقتها فرحته ،طرت بأجنحة الشوق نحوه، كى أقبض على سعادته وسعادتى اليوم، ونسير نحو الصبية نستعيد ذكرياتنا، لكن المؤذن أبىّ أن يتحقق حُلمنا، حينما طار الصبية خلف صوته ،هنا وهناك ،يرفرفون بفرحتهم ومهللين! افطر يا صايم ،افطر يا صايم !.
التعليقات مغلقة.