موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

“الجانب الآخر من النهر ” قصة قصيرةبقلم/ محمد كمال سالم.

69

كاد النهار أن ينتصف، والبلدة العتيقة يفوح ثراها بعبق التاريخ، ماهى بقرية وماهى بمدينة، حانوت قديم أظن أنه ليس له باب، جاءت سيدة من بعيد تقصده، بيضاء شرقية في عباءتها وحجابها الذي ما استطاع أن يواري بديع حسنها.
على كتفيها شال، تحمل فوق أحدهما خرج تئن بحمله الثقيل ،بينما تسحب في يدها الأخرى طفلة دون الرابعة هي نسخة مصغرة من أمها،،
ألقت بخرجها على جانب مدخل الحانوت ووقفت تنتظر أن يفرغ البائعُ من رجل يحادثه، لكن البائع يتخطّى الرجل ويعاجلها:

ماذا تريدين يا امرأة ؟ قالت :

أريد أن أبتاع صنفين من عندك دأب زوجى أن يشتريهما من هنا،
الرجل يجيبها طلبها بعد أن رفض مساومتها على تخفيض السعرِ الذي قالت أنه مبالغٌ في ثمنه، وما كان زوجها أبدًا يشتريه بهذا الثمن.
أخذ الرجل المبلغ ألذي يريدُ في غلظةٍ وكأنها تتسوله بضاعته،
وهمَّت بالخروج من الحانوتِ فإذا بالبائع الغليظِ ينهرُ الرجلَ الذى كان يحدثه قبل وصولها قائلاً في حِده:

فيم وقوفك الٱن؟ انتهينا، انصرف ملأتم البلد بهمكم .

يخرج الرجلُ خجلًا في أثرِ المرأه التي رمقته من طرفٍ خفي فنظرَ إليها لحظةً يتأملها ثم اتجه إليها في اندفاعٍ حذرٍ وقال في تأدب :

دعيني أحملُ عنكِ الطفلة أو هذا الخُرج ،
قالت:

لا يبدو عليك بحمَّالٍ وليس معي أجرة ما تحمله عني.

لستُ بحمال يا سيدتي و لا أريدُ أجرة، فلتكن ما كانوا يطلقون عليه ( المروءة )
فناولته خرجها وهى تقولُ :

أرجو ألا تكون مروءتك خدعةً كأيامنا تلك.
ما أن يتناولها منها ويهَم أن يدافعَ عن مروءته حتى سمع أزيزَ طائراتٍ منخفضٍ، علمَ بفطنته أنهم قد قرروا ضربَ هذه البلدةِ أيضًا، فركض نحوها مندفعاً وجذبها سريعًا نحو أقربِ عربةٍ لبائع جوال وجرها وطفلتها قبلها تحتها، في نفس اللحظة التي ألقت فيها الطائراتُ حمولتَها المتفجرة. أصبح المكان في بضع ثوان وكأنه قطعةُ من جحيم، راح يهديء من روع الطفلة الصغيرة ويهدهدها، يهديء من روع المرأه التي كادت أن تموت رُعبًا، تتناثر الشظايا القاتلة حولهم وكذلك أجساد الضحايا، مرت بضعُ دقائقَ بعدها انتهى القصف، خرجا من تحت العربة يتحسسان موضعهما في حذر فإذا بالطريقِ قد دُمر عن أخرِه، يبدو أنه لم يتبق أحياء حولهم اللهم إلا من بعض الناجين مثلهم، همهماتٍ وأنين وصرخاتٍ مكتومةٍ تصدرُ من بعيد، فأسرعَ وهو مازال يحمل الصغيرة بين يديه يتفقد الضحايا آملًا أن يجدَ بينهم من يستطيعُ إنقاذه ولكنهم كانوا جميعا صرعى. أخذت المرأه المذعورةُ تبكي وتحثُه على الخروجِ من هذا الجحيم ،يعود للعربةِ التي اختبأوا تحتها، أخذ يقلب على الارض ماتبقى من بضاعتها التالفة ثم يضع عليها خُرج المرأة وصغيرتها ويجرها.

يجدان في السير إلى خارجَ البلدة.
يسألها:

إلى أين تذهبين؟

إلى الجانب الآخر من النهر.
تملكته دهشة من إجابتها ولكنه قال :

وأين زوجك؟ لِمَ لم ْ يعفكِ مشقة هذا الأمر؟

زوجي مات في قصف مثل هذا ،أخذ يلهث تحت وطأةِ حِملِه الذي يجرُّه ويقول :

إذاً سأودعك عند بداية الجسر تعبرين أنتِ وابنتك، قالت:

هل تنتهي مروءتُك عند الجسر؟
-.بل تنتهي حياتى إذا عبرت الجسر!
تتوقف وقد أدهشتها إجابته

ماذا يعنى ما قلت ؟!

يعنى ما سمعتِ أنا هارب من حتفي من حيث اتيتِ أنتِ.

مجرمُ إذاً أنت هارب من العداله ؟!
يقف للحظه يرمُقها فى غضب

عن أى عدالةٍ تتحدثين ؟! لستُ بمجرمٍ جريمتى هى، هى، لكن لا طائل ولا وقت للخوض في هذا، هلمى كاد النهارَ أن ينتهي، خطواتٌ قليلة ونبلغُ النهر وتفارقين هذا المجرمَ الخطيرَ .
قالت معتذره :

لا أقصدُ هذا لولا شهامتك، يعلم الله، لكنت وابنتي صريعتين الآن، سامحنى.

لا عليك ها قد بلغنا النهرَ ولكن، ولكن! ما هذا!
الجسر… لقد قصفتْ الطائراتُ الجسرَ.
لطمت المرأة وجهها وافترشتْ الأرض تندبُ حظهَا ومصيرها المجهول وضياع قوتَ عيالها الذي حملها على أن تعبر النهرَ وأن بلدتهم فقيرة قد دمرت مواردها تحتَ قصفِ العدو المتصل .
يضع الرجلُ كلتا يديه فوق رأسه يدور حولَ نفسه يفكر ماذا عساه أن يفعل، فكر مليًا، ثم قطع نحيبَ المرأه قائلا :

هوني عليكِ سأعبرُ بك النهرَ وليكن ما يكون. نظرت فى دهشةٍ كيف ؟!

سنسير بمحازاة النهر الى أن نصلَ البلدة المجاورةَ ثم نعبرَ جسرها.. أظنهم لن يقصفوها.

وحياتك! ألاتخشى عليها؟

إن جريمتي قد اقترفها كل الرافضين هناك، إذن فليجرِ عليَّ ما يجري عليهم، هلمي بنا. _دخل الليل ضعي شالك على الطفلة فطريقنا طويل.

أو أسير معك في هذا الليل وحدي؟
قال دون أن يلتفت إليها

اطمئني لا يقدرُ الشيطانُ أن يشاركنا أو يتحمل أن يخوضَ معنا هذا الطريق.
وضعت ْيدها في خُرجها وناولته رغيف خبزٍ، فتناوله وهو يقول:

لست جائعاً، كان قد أكله بالفعل.
راح يجر العربة وفوقها الطفلة والمرأه تتبعه منهكة تسأله:

أنت في مقتبل شبابك، لم هانت عليك حياتك؟!

لو أن لي إمرأة مثلك أو طفلة جميلة كطفلتك لربما جبُنت وحرصتُ علي حياتي.
تستطرد محاولةً أن تغير مجرى الحديث:

وفيم كان ينهرك صاحب الحانوت الفظ هناك؟
أكنت تسأله شيئًا؟!
قال وهو يجدُ السير :

نعم كنت أسأله عملًا أقتات منه في تشريدي هناك.

طال سيرهما طويلًا وروعهما الليل وأرهقهما السفر، ولما وصلا، وعلى ضوء القمر وجدا جدارًا عالياً من السلك الشائك، عليه لافتة اجتهد حتى قرأها في الظلام:
_لا تتعدوا حدودكم.. خطر، حقل ألغام.

التعليقات مغلقة.