الجراح …فايزة أحمد شهرزاد
هل كانت تلك المكابرة إلا محاولة للهروب ؟ راوغت كثيرا بجهل منها أو بقصد ، لكن الجميع يمكنهم ادعاء الشجاعة حتى تزجهم الأيام و المواقف بساحة المعركة فتذوب تلك القشرة الواهنة مع أول مواجهة ، لماذا حرمت على قلبها أن ينبض ؟ لماذا ترددت و خافت أن تقابله ؟ لماذا قابلته بعدها دونما ترتيب ؟ لماذا ؟ …سلسلة لا تنتهي من الأسئلة حاصرتها و هربت منها في آن واحد و هي معه ؟ السلام لا يمكن إلا أن يكون صورة لمشاعرها الحقيقية دونما تغليف أو تزييف ، الوقت الذي تنحى و تفلت لأنها معه كان صديقا لدودا للمرة الأولى ، هادئا و مسرعا مضى بهما ، لم تجروء أن تنظر مباشرة لعينيه حتى عندما طلب منها و لم تختلس نظرة إليه في حين غفلة ، فذلك القلب ليس له وجهان ! الحديث الذي دار بينهما كان مألوفا جدا لكن المواجهة صنعت التوتر بطول صمتها ، تلك اليد التي امتدت ربما لتزيل حاجزا بفتح نافذة حوار من نوع آخر كانت محاولة لتعريتها أمام نفسها و اقتحامها في آن واحد ! لماذا خافت ؟ بل ليس خوفا إنها المواجهة بما تكنه القلوب و تخشاه ، إنها الحقيقة التي جاهدت للهروب منها فحاصرها بها على حين غرة ، لم يكن سوى جراح خبر الداء و سعى لاستئصاله ، لكنه لم يفطن إلى تبعات الجراحة ، لماذا اقترب ؟ وحده الذي يعرف الإجابة التى ضن عليها بها ، ربما كان يريد فقط أن يعترف بما خاف أن يعترف به فربما كان ، فلو كانت حيلتها الهروب ، فحيلته المواجهة ! ربما أراد فقط أن يثبت لها زيف مقاومتها ، و يهتك الحجب بينهما ليسقط كل كلمة حالت دون حوار يفصح فيه أي منهما عن أمنياته و مخاوفه !
هل كانت يده الممدودة طوق نجاة ؟ أم جذوة من الجحيم ؟ تنحت الكلمات ليحمل الوجع تنهيدة حارة ألهبته بينما اخترقته فوصفها بالجمال ! لتتشح بصمتها الخجول و تنظر بعيدا كأنما ترنو للغد ، عليها الرحيل ، و كل سيمضي إلى وجهته ، ربما ستستمر في فرارها ، لكن هل يفر القلب من قدره ؟ المشاهد التي تكررت علي ذاكرتها كانت تحمل الإجابة ، و صمته كان يكذبها ، الليل الذي التحم بالنهار يجهل السكون و السكينة ليملأ صدرها بالصخب ، أصعب اللحظات هي عندما نتعرى أمام أنفسنا ، فمن ندين ؟ و من ينصفنا ؟ هل كانت حقا تحبه ؟ هل وضعها في تلك المواجهة ليقودها لمراجعة موقفها بالصدمة ؟ و هل الدنيا غرفة عمليات و قلب الجراح كمشرطه ؟ لا يعرف اللين ! و إن كان فيه الدواء ؟ أكان القرار بالبتر قراره دون الرجوع إليها ؟ لكم حملت وجعها راضية به ، صوته وحده هو الذي كان سيحسم المواجهة و يبدد خوفها ليحملهما للغد ، لكنها أمنية عاقر ، و أصعب العشق شوق بلا غد يحمل أمل اللقاء و الجراح !
التعليقات مغلقة.