الجزء الثاني” من يوميات احتار دليلي”… بقلم سنية أبو النصر
الجزء الثاني من يوميات احتار دليلي
بقلم سنية أبو النصر
انا لم أظلمها… ولكنني بحاجة لوجودها بجواري بالفعل… بشكل رسمي حتي نستطيع الهروب من قيود العائلة قليلا بالخطبة… انا مازلت رجلا من حقي النزهة والتجول والسمر مع خطيبتي… ولا مانع من بعض التأخير … أنا احبها بالفعل… فهي صديقة عمري… ورفيقة دربي … سوف اقص لها قصتي وسوف تسامحني…
وجاءت نتيجة التحاليل والأشعات… وطلبت من إيمان ان نخرج للنزهة… ففرحت بالطبع…
وذهبنا سويا الي عيادة الدكتور وهي لا تعلم لماذا… وابلغتها حتي تهدأ من قلقها… إنها مجرد تحاليل واشعات فقط.. للاطمئنان…
استقبلني الطبيب استقبالا طيبا وقال لي…
كنت علي حق نسبة الأنوثة عندك عالية ولا بد من عملية تصحيح… وهي مكلفة للعلم … وقبل العملية هناك طريق طويل مع الطبيب النفسي حتي تتهيأ تماما لثوبك الجديد… قبل ان يخرج كاملا للحياة
صُدمت ايمان وخبطت بكفها علي فمها تكتم رد فعلها الغاضب الملحوظ وهي لا تنطق بكلمة… ولكنها من الواضح انها فهمت كل شئ
ثم خرجنا من عيادة الطبيب… وأبلغتها بالوضع وطلبت منها الوقوف بجواري
فصدمتني بخلع محبس الخطوبة… وتركتني ورحلت باكية بدون اي تعليق…
فلاحقتها بسرعة… وتوسلت اليها ان لا تبلغ احدا بالأمر حتي يقضي الله امرا كان مفعولا…
وتأكد من تلك اللحظة اني علي أبواب حرب شرسة مع العائلة… وفضيحة تلوكها الالسنة.
التزمت الصمت وقلت في نفسي:من المؤكد أن إيمان ستبلغ خالتي وأن خالتي ستبلغ امي وتنقلب الدنيا فوق رأسي… سوف اصمت حتي يحدث ذلك… ووقتها سأقف أمامهم جميعاً واعلن تمردي…
مر يوم… اثنان…. ثلاثة…. مرت أسابيع… ولم يحدثني احد… علمت انها احتفظت بسري واخفت ماكان عند الطبيب…فذهبت إلي منزل خالتي لأتحدث معها…
هل ستقفين بجواري ياإيمان؟…أم تركت لي الميدان أواجه مصيري فيه وحدي…
فاستقبلتني ببكاء… وقالت
عشت معاك ايام طفولتي وصبايا وانا أحلم باليوم الذي يجمعنا في بيت واحد… فهمت قربك لي خطأ ياكامل … كان لابد ان تبلغني بالأمر… كانت كل تصرفاتك تبوح بذلك… وقلبي خدعني وظننت قربك حبا… انت في مشكلة كبيرة وانا ايضا… ولن يقبلك احد بالعائلة إن فعلتها …
اقتربت منها في تودد وقلت لها … اريدك فقط بجواري حتي أشعر بالأمان إن نفرني الأهل… فتكونين انت اهلي
وافقت بنت خالتي الطيبة أن تكمل الأكذوبة معي للنهاية… وصارت خطيبتي امام الجميع…
واغلقت الحديث عن تلك القصة أمامهم … واكملت العام الأخير بالجامعة وعملت مدرسا للغة الإنجليزية في إحدي المدارس الخاصة بعقد مؤقت… وفي خلال تلك الفترة كنت أتردد علي الطبيب وبدأت في رحلة التهيئة النفسية… وبدأت العلاج الفعلي قبل عملية التصحيح …
والحقيقة أن إيمان… لم تتركني لحظة… بل كانت تدفعني وتقوي من عزيمتي بكل قوتها…
وجاء المحظور…
وبدأ الجميع يتساءل عن موعد عقد القران بها بعد استقراري بالوظيفة …
فكان رد أبي رادعا وسريعا… بدون ان يسألني… أخر خميس في الشهر المقبل…
فهمست لإيمان … أنه نفس اليوم الذي حدده الطبيب لإجراء العملية… ماذا نفعل…
فقالت:كان لابد من المواجهة حتى لو ساءت النتائج… وأحياناً لطمة الوجة تفيق صاحبها …
قررت الهروب يوم الزفاف والتخلي عن إيمان أمامهم… وذهبت لأخرج كاملة من جسدي
كنا بالطبع علي اتفاق…
اعتكفت في عيادة الطبيب شهورا طويلة حتي تمت عملية التصحيح بنجاح… وكانت تأتيني إيمان في الخفاء بعيدا عن الأهل … واخذت بيدي لأتخطى ذلك التحول النفسي والجسدي …
وتحول حزنها علي الحبيب إلي شفقة علي ابنة خالتها الجديدة… وفي الجانب الأخر… يبحث الأهل… عن كامل في كل مكان لقد اختفى ولم يبق له أثر…
الحق اقول:كنت لا أنوي العودة إلي المنزل… لكن علمت انه بغيابي ساءت أمور كثيرة لم تكن بالحسبان
اشتد المرض علي والدي… واهلكت عيون أمي من الحزن والبكاء…
ياربي… لقد اذيت من حولي دون قصد… فقالت إيمان
لابد أن تعودي الي البيت ياكاملة حتي لا يسوء الأمر أكثر… حان وقت المواجهة
كانت علي حق…
لا فائدة الأن من التهرب بعد استقراري النفسي ورضاي عن الأنثي التي خرجت للحياة… تبحث عن دفء ألأسرة…
ولكن يقتلني الخجل من والدي وأمي … خرجت من بيته رجلا بشارب ولحية… وسوف أعود له الأن بلبس النساء وزينتها… كيف يقبلني؟! …
اخاف وترتعش اوصالي منك ولكن لا مفر…
كانت مشارف رمضان علي الأبواب والكل كالعادة في بيت جدي الكبير في أول يوم من رمضان… سوف اذهب في ذلك اليوم والقي إليهم
[ بزهري ]…
رافقتني بنت خالتي بالهاتف حتي أقتربت من المنزل…طرقت الباب بتوتر وانا التقط انفاسي بصعوبة وفتحت الباب… وعندما سألتها خالتي من الطارق… لم تستطع الإجابة… لكنها اشارت لي بالدخول…
الغريب في الأمر انه لم يعرفني احد بعد ماصرت أنثى…
ثم اقتربت… وتركت الكلمات تخترق مسامعهم… لتنير عقولا مظلمة لا تقبل الواقع وقلت بتوجس:
انظروا إلي جيداً… انا كاملة ابنتكم بعد التصحيح …
نظر إلي والدي بغضب وقد أصابه شلل عارض من الصدمة افقده النطق… وأكملت حديثي:
لقد ذهبت إلي الطبيب وأكد لي اني أنثي كما ترون… وكان لابد من التصحيح… وهأنا جئت إليكم ابحث عن الأمان والدفء فهلا قبلتموني…
رمق والدي بنظرة ترقب إلي عمي وزوجته… وكأنه يبحث عن الشماتة في وجوههم… وبعدها انقض علي بوحشية وأمسكني من ذراعي… وقال لي وهو ثائر وقد نحت وجهه الغيظ والقهر مني …
لقد فعلتها ونفذت مافي رأسك بكل تحد …
ومحوت ذكراي وتاريخي … وفضحتني أمام عائلتي والناس … ماذا تظن أني فاعل بك… افتح ذراعي وأضمك في صدري… لتكمل صف الإناث في بيتي..
لا والله لن يحدث أبدا
انت من الأن ميت… أفهمت؛ ميت…
التعليقات مغلقة.