الحب والحرب…
بقلم هيفاء البريجاوي …سورية
كنت مدعوة لحفل زفاف ابنة صديقتنا ،،،،،
ما أسعدني دعوتها لكل زميلات الدارسة بعد سنين طوال كل منا تفرقت بمكان ،،،لتكمل كل منا مسيرتها المهنية والإجتماعية ،،،لكن من كانت أميزنا تفوقاً وجمالاً وعشرة طيبة ،صديقتنا (حياة) .
حينما التقت عينانا سويا ،،،لم أتمالك نفسي سعادة لأحتضنها بشوق ولهفة،،،، لتعود بنا الذاكر ة لسنين طوال ،،،،لكنها ما زالت بنضارتها وأناقتها ورقتها كنسمة عبير تعطر المكان فرحًا وأنسًا ،،بهدوء ورزانة ..
لكن قرأت لغة حزن عميق تستوطن قلبها، لم تخفيه معالم الرخاء التي تبدو عليها وهي تتصنع زيفه،،
تلبس فستانها الأبيض وشعرها الأسود الذي يغطي كتفيها كثوب ليل يشع منه ضوء قمر منير، يتخلل محياها طيب ومحبة ،تبادلنا السلام وأخذت رقمها لأتواصل معها دعتني لزيارتها ،،،
فعلاً في اليوم الثاني من الزفاف ،،قمت بزيارتها ،وتبادلنا الأحاديث ،أخبرتها بما مر عليّ من ظروف ومسيرة حياتي ،، ،،،لتتابع حديثها برقة وخجل ،،ممزوج كبرياء روح شامخة ،،،،،تدهشني بما سمعت وكأنها تروي قصة من عالم الكمال والحب الذي حقا يؤرخ أسطورة عالمية لدروس تعلم من مدرستهما معنى الوفاء لتدرس بمدارس الحياة ،،،،
بدأتْ حديثهامنذ أول سنوات الكلية حينها ،انتقلتْ إلى جامعة بمنطقتها بحمص ،،،،وتابعتْْ هناك تحصيلها الجامعي ،،،وكبرت على مقاعد الدراسة التي احتضنت حبهما الكبير،
قصة حب مع جمال زميل لها ،،وهي تحكي لم تقاوم دموعا فاضت من لؤلؤتين تغزل شوقاً وحنيناً ،،لقلب وهبها كل حبه بل وحب لم يولد على الأرض ،،
لتخبرني كان كظلي يتتبعني بداية الأمر ،،وينتهز اي فرصة للتقرب مني وفتح حوار معي ،،،،ومع الأيام والسنوات كبر حبنا وكل زملاء الدراسة شهدت ذاك الحب ،،،،وبليلة زفافنا أفاجأبه يخبرني أنه ليس من ديني ،،،وانه أخفى عليّ ذاك الامر لئلا أتخلى عنه،،،وحبه لي أصبح كالهواء الذي يتنفس ،ولم يخبرني لوقت كتب الكتاب ومستعد يعتنق ديننا فقط لا اتخلى عنه،،،،،حينها أُصبت بانهيار ما عساي اتصرف ،وكيف أخبر أهلي بذلك الامر ،،،
تتابع المهم يا صديقتي :جن جنون أهلي حينما أعلمتهم بالأمر ،وانقطع العرس كان ابن عمي قد طلبني مرات و مرات ،،،حينها تم زواجي منه ،،،وانا ألبس فستاني الأبيض لأزف لمن أعيشه ويعيشني ،،كنت من نصيب ،ابن عمي…..
سمعت انه غادر البلاد لسنين بعدها ،وكنت قد أنجبتُ احمد ،،،توفي زوجي اثناء الحرب ،،،كان هو قد ترفع لمنصب عال ،،،التقيت به وأنا أتابع أوراق رسمية بدائرة حكومية،،،،،ما أذكره غبت عن الكل العالم حولي ،،،وكأنه هو كل دنياي،،،،للحظات كان سيغمى عليّ ،،حاولت أستعيد وعيي ،تقدم وألقى السلام عليّ،جلسنا بمكتبه ،دعاني لأشرب القهوة معه،علمت انه لم يتزوج ،وقرر ان يتابع تحصيله العالي خارج البلاد، وعاد البلد التي تحتضن قلبه وذاكرته وانا بها ،،،كنت أتمنى حينها ان أعانقه وأبكي طويلا ،،، تعاهدنا الصداقة،،،التي بقيت قاموس ومحور تواصلنا،،
طلب يتعرف على ابني أحمد ،كان حينها سنة أول كلية حقوق ،،،تعلق به كثيرا وأحبه كابن له،،،،، بل وأكثر،،،يوماً ما وهو عائد للبيت بسيارة ،اختطفته مجموعة إرهابية ،،لتطلب فدية ،،حينما علم جن جنونه ،،لم أكن أعلم التفاصيل،،،،، لكن أخبرني ان أثق به وكفى؛؛؛؛؛؛؛؛
ما قلب حياتي ألما وحولها نارا لم تطفئها السنون لرماد،استحوذني و سحقني ذاتي وتركني على مقاعد الانتظار لقدر حتمي ،،،، لأرى بابني أحمد روح من عشقت ،،،الذي فداه بنفسه لأجل ان يعود لحضني وأكون سعيدة ، هكذا عاهدني وأصدقني الوفاء ،،،لكن حولني لشبه حية وكاننا رحلنا سويا إلى اللا نهاية ،،
اخبر كل من حوله ،أن حصل له مكروه ،لا أحد يعلمني,,لكن سلسلته التي ألبسها لأحمد ، كنت قدأهديته إياها سنة أولى من دارستنا بالكلية ،،،ما افتضح أمر وفاته ،،،هرع قلبي جامثا وكأنه يشيعني معه ،،،،لتبقى انفاس روحه تسري بي إلى الآن،،،،لهذا دوما ارتدي اللون الأبيض ليوم زفاف لم يتم،،،،لكن روحه الطاهرة تسري بي ،،،إن فارقت الحياة أزف له ولا أفارقه ابدا ،،،،،،،،،يطرق الباب جمال الصغير ،،،،تحتضنه بدموعها وقلبها المشتاق لوفاء حب لا ولن يموت…..
التعليقات مغلقة.