الحى اللاتينى وموسم الهجرة إلى قنديل أم هاشم
الحى اللاتينى وموسم الهجرة إلى قنديل أم هاشم
د.أحمد دبيان
تناول أدباء كثيرون العلاقة ما بين الشرق والغرب .
كان التناول الأشهر هو للأديب
يحيى حقى فى روايته قنديل ام هاشم والذى جعل البطل (إسماعيل ) وإغراقه فى المادية بعد احتكاكه بالغرب .
فيتحول الحب والعلم والتفكير عنده لمادية مفرطة ليقع فى خلل محاولة تطبيقه، ناسيا ان ما يصلح لمجتمع ما يجب تفصيله وتقديمه واخراجه بشكل مختلف ليناسب مجتمعاً آخر وهنا كانت نقطة تصالح البطل مع واقعه فى التعاطى الروائى .
على الطرف الآخر ومن لبنان يأتى الأديب والناشر سهيل ادريس فى روايته الحى اللاتينى ليجعل العلافة تماس ناعم وانفتاح على الغرب ونهل من ثقافته وعلومه ومجتمعه .
ولكن ذاك التماس المتجسد فى العلاقة مع البطلة جانين مونترو اصطدم بموروث البطل الثقافى والحضارى وعجزه عن مواجهة موروثه الحضارى و تقاليده وثقافته .
وأدى به الى تدمير هذا التماس الذى صنعه مع الحضارة الغربية والتى أفادته بعد ان تلاحم معاها وادى فى النهاية الى ضياع جانين نفسها .
الطيب صالح فى موسم الهجرة الى الشمال حلل العلاقة بعداء ودونية تحقق ذاتها بالجنس واستمرت علاقة العداء حتى تحولت فى النهايك إلى تطرف ودموية وقتل .
كان الطيب صالح من القليلين الذين لمسوا ان التطرف الاستعلائى والدونى هو سمة العلاقة المتطرفة التى تتأتى من احتكاك شرق بموروثه الثقاقى دون استعداد بغرب يرى فى نفسه السيد دون منازع .
فى النماذج الثلاثة جاءت النهاية المتصالحة أو (الكومبرومايز ) فى رواية قنديل ام هاشم ، ليحيى حقى
تعبير واقعى عن طبيعة الشخصية المصرية والتى تحاول علمنة الدجل او منهجته علمياً .
فكان الإفراز الواقعى لها بعد تصدير شعارات العلم والإيمان فى السبعينات
هو الطبيب مصطفى محمود وبرنامجه الممول من أجهزة استخبارات شرق اوسطية لخلخلة وتحطيم نواة المجتمع العلمى فى الستينات والذى انتهينا به الى الدكتور زغلول النجار ولننتهى الى منهجة كل دجل علمياً فى غزو ممنهج اضاع العلم كقيمة مطلقة .
العلم يحب فصله عن الدين او محاولة تثمين هذا المعتقد او ذاك بريادة علمية سبقت العلم التجريبى .
العلم باختصار محدث متجدد قاصر .
والدين على الطرف الآخر أزلى يقينى غيبى .
التصالح او المزج الملتوى ببساطة يصبح مزجاً مسخياً بين الزيت والماء .
نظريات العلم المتجددة تنسف النظرية العلمية السابقة واذا ما حاولنا ربطها بالدين فى سعى مخلص حسن النية فنحن ببساطة نضع الدين ذاته موضع شك المتغير
وثغراته.
التصالح الذى اصطنعه الأديب يحيى حقى فى قنديل أم هاشم ما بين الخرافة والعلم ، رسخ لاطار منهجة الخرافة علميا الذى لا زلنا نحيا توابعه وآثاره.
التصادم الدموى فى موسم الهجرة إلى الشمال للطيب صالح كان أكثر واقعية فى ترسيخ حتمية المواجهة مهما كانت الكلفة و الخسائر.
التعليقات مغلقة.