« الداعية هادياً وليس قاضياً »
بقلم / محمد البيليالرياض – كفر الشيخ
لاشك أن كل مسلم هو داعية في مجال عمله ولكن ما نراه في زماننا هذا أن البعض يجعلُ من نفسه قاضيا يحاكم الناس على أفعالها بل ويصنفها حسب هواه
وبما أن برامج التوك شو هذه الأيام لاتحمل إلا كل ماهم كئيب عن الكورونا
وكذالك برامج المقالب إللي بعتبرها إهانة لأدمية الإنسان
فقد قررت الهروب الي البرامج الدينية طمعا في أن أجد فيها مايثلج صدري في هذه الأيام المباركة
إلا أنني فُوجئت بالعجب العجاب في مناظرات على الفضائيات للكثير من الدعاة المعروفين
يصل بهم الحوار في كثير من الأحيان الى حد السب والقذف بل يتعدى ذلك الى حد التخوين والتكفير
والمحزن هو إستشهاد البعض بأيات الله وإستخدامها في غير موضعها لإثبات صحة أقواله أو لخدمة إتجاهه وكأن الدين ملكية خاصة به
مع إن دور الداعية فقط هو إظهار الحكم بالحجة والبرهان دون أن يتدخل في تصنيف من يختلف معه أو نعته بالكفر أو الضلال لأنه ببساطة ليس عليه أن يهتدي أو لايهتدي
فالداعية يملك فقط هداية الدلالة والإرشاد والبيان
أما هداية التوفيق فهي بيد الله وحده لايملكها ملك مقرب ولانبي مرسل
قال تعالى « فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ، لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ، »
الغاشية 22 – 21
فمشكلتنا أننا نهتم بالشكل الخارجي والحكم النظري فقط مع إن الدين ليس أحكام فحسب
سال أحد الشباب المُتحمس الشيخ الغزالي رحمة الله عليه
عن حكم تارك الصلاة وكان الفتى المُتحمس ينتظر أن يقول الشيخ
“لا يصلى عليه إذا مات”،
أو”لا يدفن في مقابر المسلمين”،
أو “تُسْبَى زوجته “،
ولكنه فاجأه بقوله حكم تارك الصلاة ان تقنعه أنت بأهميتها وتأخذه معك الى المسجد ليصلي
فنعت الشيخَ “بالمُنبطح”وشطب إسمه من قائمة العلماء والشيوخ التي يحتفظ بها في ذاكرته
وهذا مثال لكثير من الشباب إللي قد يكون عالما بالكثير من أمور دينه ولكنه لم يكن متصفا بما عرفه أوعلمه
يقول ابن القيم
الرجل قد يكون عالما بالشيء ولايكون متصفا بالتخلق به فالعلم شيء والحال شيئا اخر
وقد تستولى النفس على العمل الصالح فتسيره جندا لها فتصول به وتطغى
فترى الرجل أعبد مايكون أزهد مايكون أطوع مايكون وهو عن الله أبعد مايكون
فالإسلام ليس أحكاما فقط بل هو كما يقول أهل العلم
عقيدة جوهرها التوحيد،
وعبادة جوهرها الإخلاص،
ومعاملة جوهرها الصدق،
وخلق جوهره الرحمة،
وتشريع جوهره العدل،
وعمل جوهره الإتقان،
وأدب جوهره حسن المعاملة،
وعلاقة جوهرها الأخوة،
فمن ضيع هذه فقد ضيع جوهر الإسلام،
التعليقات مغلقة.