الدراسات اللغوية بين الفبركة والحذلقة … نادى جاد
الدراسات اللغوية بين الفبركة والحذلقة
نادى جاد
آفة الدراسات اللغوية العنعنة والشوفونية .. اما العنعنة فهيىأقرب طريق واسرع طريق لتسويد الاوراق دونما عناء ودونما فحص أو تمحيص وكأن ما كتبه باحث او لغوي سابق هو كلام حق لا ياتيه الباطل وهو حقيقة لا يرقى إليها الشك رغم أن كثير من الباحثين هم أيضا ا نقلة معنعنون
وأما الشوفونية فتدفع الكثيرين إلى أن يلووا عمق الحقيقة كي يثبتوا فرضية توهموا صحتها أو سمعوا عنها في أحد الدكاكين وغالبا ما تتعلق هذه الفرضية بالمقارنة المزعومة بين العربية ولغة أخرى..قرأت مثلا أن كلمة cat و canon و sugar وغيرها كلمات عربية فمن أين وصل الكاتب الهمام إلى هذه النتيجة ؟ هل درس تاريخ المفردات في العربية والإنجليزية.؟ هل يعرف اللاتينية فعاد اليها؟ لا طبعا ..هو اعتمد على التشابه الصوتي وبما أن العرب هم السابقون دائما فلابد أن هذه الألفاظ ظهرت في العربية ثم استعارها الآخرون. هل عرف صاحبنا أن العرب لم يستخدموا كلمة قطة قط ولم تذكر في نص مكتوب أو مسموع قبل ظهور الدولة العباسية ؟ هل درس صاحبنا أن cat اصلها اللاتيني catus?
ولا أريد أن استطرد في هذا الجزء وقد كتبت عنه فصلا كاملا في كتابي ( سر الكلمة)
تعود الى العنعنة واضرب مثلا واحدا في هذا الصدد : ارسل النبي الكريم رسالة إلى قيصر روما يدعوه فيها للإسلام جاء فيها : اسلم تسلم وإلا وقع عليك وزر الآريسيين.،،
الكلمة ليست عربية وإنما عربت بطريقة النقل الصوتي او ما يعرف ب transliteration وبدلا من البحث عن اصل الكلمة ومعرفة معناها اخذ كل يدلي بدلوه في سوق الكلام
قال القلقشندي أن الكلمة تعني الفلاحين
وفي شرح صحيح مسلم قيل أن المقصود هم اليهود والمسيحيين
وقيل هم عبدة النار من الفرس اي المجوس
وقيل عبدة الله من المجوس
وقيل أنهم اتباع عبد الله بن أرس وهو رجل كان في الزمان الأول
وبلغت الفبركة منتهاها على يد واضعي المعاجم فطبقوا عليها الميزان الصرفي وجعلوا المفرد اريس على وزن جليس وقالوا هو الخادم
وبعد أربعة عشر قرنا ينبري رجل يعشق البحث العلمي وهو الدكتور أحمد محمد الحوفي عضو مجمع اللغة العربية ليزيل الغموض واعد دراسة شيقة كتب مقدمتها دكتور شوقي ضيف رئيس المجمع آنذاك..فماذ قال دكتور الحوفي؟
قال أن الزعم بأن الآريسيين هم اتباع رجل اسمه عبد الله بن أرس كلام لا أصل له ولا سند
واستبعد أنهم جماعة من المجوس يعبدون الله ولا يعبدون النار لأن المجوس كلهم من عبدة النار
وليس من من الصواب في شيء أن تفسر الكلمة على أنها تعني الأمراء والكبراء علماء يختص النبي الأمراء والكبراء بالذكر ؟ وهل كان الأمراء والكبراء في اي بلد و في اي عصر سباقين إلى اتباع المذهب الجديد؟
ولا يمكن أن تعني الفلاحين لسببين أولهما أن الكلمة لا أصل لها في اللغة اللاتينية ، لغة بيزنطا في ذلك الوقت
وثانييهما أن التي لم يحدد في كتبه الأخرى إلى الملوك صنف من الناس ذوي حرفة
إذن فمن هم الاربسيون؟
بعد دراسة عميقة توصل الباحث إلى أن الآريسيين هم اتباع اريوس ، واريوس هذا كان يؤمن بناسوت المسيح ولا يؤمن بلاهوته وهذا هو رأي الإسلام، وقد ذاعت تعاليم اريوس وصار له كثير من الأتباع مم استدعى انعقاد المجمع المسكوني لدحض هذه الهرطقة ..وقد اختصهم النبي بالذكر لأنهم سيرحبون بالإسلام ويعتنقونه ويذيعونه حينما تبلغهم دعوته القائمة على التوحيد الخالص ورفض اللاهوت كاحد طبيعتي السيد المسيح
وبعد فهذا مثال للبحث الجاد اما القص واللصق والاتباع الأعمى لكل ما كتب دون بحث أو تمحيص فهو آفة العصر …
نادي جاد
التعليقات مغلقة.