موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

الدكرورى يتكلم عن موسى بن نصير

262

الدكرورى يتكلم عن موسى بن نصير


بقلم / محمــــد الدكــــرورى

من هو موسى بن نصير ؟ وما هو أصل موسى بن نصير؟ ومن يكون ذلك الصحابي الجليل الذي أراد في يوم من الأيام قتل رسول اللَّه محمد صلى اللَّه عليه وسلم ، ليتحول بعد إسلامه إلى القائد الأعلى للقوات الإسلامية المقاتلة ؟ ولماذا أصبحت خطط هذا القائد الإسلامي العظيم تدرَّس في جامعات الغرب العسكرية إلى يومنا هذا؟

إنه القائد الفاتح موسى بن نصير اللخمي، ولد في سنة تسع عشرة من الهجرة في خلافة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، في قرية “كفر متري” بالشام، وكان أبوه نصير من سبايا “عين التمر” الذين سباهم خالد بن الوليد أثناء فتح العراق، وكان نصير ضمن مجموعة مكونة من أربعين غلاما يتعلمون الرهبنة في كنيسة “عين التمر”، فسباهم خالد فأسلموا جميعا .

ثم انتقل “نصير” وهو شاب صغير إلى الشام، حيث التحق بخدمة معاوية، فجعله على حرسه، وصار أحد قواده، وارتفعت منزلته عند معاوية رضي الله عنه ، ونشأ موسى في بيت جندية وجهاد، فأبوه من قادة الفتح الإسلامي على الجبهة الشامية، فلا عجب أن يكون الفتى صنو أبيه، ويلمح فيه معاوية النجابة والذكاء والقدرة على القيادة، فيعهد معاوية له ببعض المهام الحساسة، فيغزو موسى البحر لفتح قبرص وبناء بعض الحصون هناك مثل حصن “المعاوض” و”بانس” وظل نائبا على قبرص فترة.

ويعدّ موسى بن نصير من أهم القادّة العسكريين في عهد الخلافة الأموية، وهو أبو عبد الرحمن، موسى بن نصير بن عبد الرحمن، اختُلف في نسبه، فقيل أصله من اليمن، وقيل إنّ أباه من موالي بني لخم، وقيل ينتسب إلى قبيلة بكر بن وائل، وقد أُسر أبوه على يد خالد بن الوليد في معركة عين تمر .

ويقال إن أباه كان على شرطة معاوية بن أبي سفيان عندما كان واليًا على الشام، وتوفي في طريقه إلى الحج سنة 97هـجريه بعد سلسلة من الانتصارات العظيمة التي حققها في إفريقيا، ثم في شبه جزيرة إيبيريا .

وكانت منزلته مكينة عند معاوية بن أبي سفيان، وبلغ في الرتب أن كان رئيس الجيش في عهد معاوية حين كان واليًا على الشام في خلافة عمر وعثمان ، وفي روايات أخرى أنه كان رئيس حرس معاوية نفسه، وكذلك روى التاريخ لأمِّ موسى قصة بليغة في الشجاعة

فلقد شهدت هي أيضًا معركة اليرموك مع زوجها وأبيه، وفي جولة من جولات اليرموك التي تقهقر فيها المسلمون أبصرت أمُّ موسى رجلاً من كفار العجم يأسر رجلاً من المسلمين، تقول: “فأخذتُ عمود الفسطاط، ثم دنوت منه فشدخت به رأسه، وأقبلتُ أسلبه فأعانني الرجل على أخذه” .

وهكذا تربى موسى بن نُصير على حب الجهاد، وترعرع بين أبناء القادة والملوك، فلم يُلهيه ذلك عن حمل هم الإسلام والدفاع عنه ، وحينما تقرأ في سيرة هذا الفذ ، تجد أن كبار الكتاب والمؤرخين تعجز أقلامهم، وتقف بلاغتهم حائرة في وصف هذه القامة الإسلامية الشامخة .

فكيف بمن يتعلم منه كيف يكتب عنه ، إنه موسى بن نصير ، فمن درس أو قرأ تاريخ الأندلس عرف فضله ومنزلته، فهو الفاتح لها، وهو من ثبت دعائم الإسلام فيها، كما ثبته في بلاد المغرب بعد أن أعاد فتحها، فلولا فضل الله عز وجل ، ثم هو، ما استقر فيها الفتح، وما كان لنا في الأندلس تلكم الحضارة .

فقد تعلم من خطأ من سبقه، فكان منهجه في الفتوحات كمنهج خالد بن الوليد رضي الله عنه ، وتولى وزارة مصر مع عبد العزيز بن مروان، فكان نعم الوزير، فتعلم وازدادت خبرته في أمور السياسة والحكم، وكانت له سمعة طيبة، جعلت الخليفة الوليد بن مروان يعينه وزيراً لأخيه بشر على العراق ورئيس الديوان

وفي الحقيقة كان هو الأمير الفعلي، حتى تولى ولاية البصرة، ثم عَيَّنَه صديقُه عبدُ العزيز بن مروان سنة تسع وسبعين واليًا على شمال إفريقية بدلاً من حسان بن النعمان، و حينما وصل إلى مقر القيادة خطب في الجند فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه:

” إنما أنا رجل كأحدكم، فمَنْ رأى مني حسنة فليحمد الله، وليحضَّ على مثلها، ومَنْ رأى منِّي سيئة فليُنكرها، فإني أُخطئ كما تُخطئون، وأُصيب كما تُصيبون “ ولمَّا وصل إلى مدينة القيروان، صلَّى بالجند صلاة شكرٍ لله على النصر، ثم صعد المنبر وخطب قائلا:ً ” وأيم الله لا أُريد هذه القلاع والجبال الممتنعة حتى يضع الله أرفعها، ويذلَّ أمنعها، ويفتحها على المسلمين بعضها أو جميعها، أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين” .

وانتشرت جيوش موسى بن نصير في شرق المغرب وشماله تفتح كلَّ ما يُصادفها من الحصون المنيعة ، حتى أخضع القبائل التي لم تكن قد خضعت بعدُ للمسلمين، حتى استقر الأمر للمسلمين في بلاد المغرب، بدأ يتطلع إلى فتح بلاد الأندلس .

وهكذا المسلم العالم العامل، تجده لا تحده الآمال ولا توقفه الظنون، ولا يعلم للمستحيل دليلاً، يعمل بقوله تعالى ” فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ” فشيد الأسطول، حتى نزل مولاه طارق بن زياد ، قائدُ جيش موسى بن نصير ، أرض الأندلس، وبعد عدَّة معارك فتح الجزيرة الخضراء .

وعَلِمَ الإمبراطور لُذريق بنزول المسلمين في إسبانيا من بتشو حاكم إحدى المقاطعات الجنوبية، الذي بعث إليه يقول: “أيها الملك، إنه قد نزل بأرضنا قوم لا ندري أمن السماء أم من الأرض، فالنجدة.. النجدة، والعودة على عجل” ولما خشي موسى بن نُصير على جيش طارق، عبر إليه على رأس حملة كبيرة، ولما لاقاه عاتبه، ثم عفا عنه، وأخذا القائدان يُتمان فتح الأندلس، ولما تمادى في سيره في الأندلس، أتى أرضا تميد بأهلها.

وبدأ موسى بن نصير بإرسال الطلائع إلى الجزر القريبة، ففتحت مايوركا ومينورقة، ثم استأذن الخليفة بغزو بلاد الأندلس التي ترزح تحت حكم مملكة القوط الباغية التي يعاني أهلها من سوء وفساد حكامها وتسلطهم، فحذره الخليفة من مخاطر خوض البحر قبل اختبار البلاد وطبيعتها واستخبار أحوالها .

ثم قرر موسى بن نصر أن يبدأ بفتح الأندلس بعد دعم وتشجيع من يوليان ملك مدينة سبتة الخاضعة للقوط، والذي كان على خلاف مع ملك القوط رودريك، فأرسل موسى بن نصير كتيبة مع القائد طريف بن مالك، فعاد من أحد الجزر بغنائم عظيمة، ثم دفع موسى بجيش كبير قوامه سبعة آلاف مقاتل بقيادة طارق بن زياد.

وحشد ملك القوط آلاف المقاتلين، فلما علم طارق بن زياد بجموع القوط سارع بطلب المدد، فأمدّه موسى بن نصير بخمسة آلاف، فانتصر المسلمون انتصارًا عظيمًا عند وادي لكة، وفر رودريك، ليبدأ بعدها طارق بن زياد زحفه باتجاه مدن الأندلس، ففُتحت قرطبة وألبيرية وغيرها، ثم توقف طارق بأمر من موسى بن نصير الذي خشي على الجيش في الأندلس، وخرج بنفسه مع جيش كبير إلى الأندلس، ففتح إشبيلية وشذونة وقرمونة وغيرها من المدن، ثم التقى بطارق وأكملا معا فتح باقي المدن.

وعمل موسى بن نصير على تنظيم شؤون البلاد إداريًا وماليًا، وولّى على المدن أمراء ثقات يقومون على تنفيذ تعاليم الإسلام في عدم التعرض بالإساءة إلى سكان المدن المستأمنة، مع الحرص على تقديم أفضل صورة عن سماحة المسلمين وتواضعهم، وهو الأمر الذي سمعه مسبقًا أهل الأندلس عن المسلمين، وهو ما دفع أعدادًا كبيرةً منهم للإقبال على اعتناق الإسلام .

وبذلك استطاعت إدارة موسى بن نصير الحكيمة أن تضع حجر الأساس للحضارة الإسلامية في الأندلس والتي ستستمر بعد ذلك لمئات السنين، ثم توقف موسى بن نصير عن متابعة الفتح عندما أتته دعوة الخليفة الوليد بن عبد الملك الذي توفي بعد أيام قليلة من وصول موسى بن نصير إلى دمشق .

لكن الخليفة سليمان بن عبد الملك الذي تولى الخلافة بعد الوليد لم يكرم موسى كما فعل سلفه، بل يقال أنّه أساء معاملته، ثم اجتباه وقرّبه من مجلسه، فرافقه موسى بن نصير في رحلة الحج سنة 97 هـجريه وفي الطريق إلى مكة فارق موسى بن نصير الحياة، فمنهم من قال أنّه توفي في الظهران، وهناك من قال كانت وفاته في المدينة المنورة.

التعليقات مغلقة.