موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

الدينونة بقلم خالد العجماوي

142

الدينونة
بقلم خالد العجماوي

تحذير هام
صاحب هذا التطبيق مجرم يستحق العقاب، وهو وإن كان عبقريا شديد الذكاء، فإنه قد ارتكب أكبر الخطايا وأحط الآثام؛ إذ أنشأ تطبيقا يجعل من فيه يسافر عبر المكان والزمن، على ألا يعرف في أي مكان يكون وإلى أي زمن سيذهب، فكان بذلك قد نصّب نفسه إلها صانعا للقضاء والقدر، وجعل من نفسه الملجأ والمصير، والبداية والنهاية.
وعليه، وحتى الوصول إلى مالك ذلك التطبيق وعقابه، فإننا نحذر من الدخول على مثل تلك التطبيقات أو المشاركة فيها، حتى ولو كان من جانب المغامرة والفضول، وإلا أصبحت مشاركا في الجريمة وتضع نفسك تحت المساءلة القانونية.

المحطة مزدحمة كثيرا، والوجوه وإن علاها الكثير من التوتر، إلا أن البسمة وجدت طريقها عبر شفاههم. تفرست في الوجوه باحثة عن وجهه فلم تر إلا وجوها بعيون ضيقة، ولون يميل إلى الصفرة. مرت على أسماء المحال فعرفت أنه اختار لها بلدا آسيويا. ماذا عساها تفعل في محطة القطار هذه، وكيف تعرف البلد والزمن؟ ولماذا لم يظهر “هو” حتى الآن؟ زفرت زفرة حادة وتمتمت:

  • لماذا تأخر؟
    وجدت أحدهم أخيرا يجلس هادئا، وفي يده تذكرة. عرفته من تلك العلامة التي وضعها التطبيق على جبهته..سألته:
  • أين نحن؟
  • اليابان.
    تهللت أساريرها. وصفقت في فرح. سألها:
  • هل حجزت تذكرة للمغادرة؟
    قالت في عفوية:
  • لا..
    بدا متوترا فجأة، وقال في عصبية:
  • نحن في هيروشيما يا آنسة. نحن في السادس من أغسطس والعام هو الخامس والأربعون. لم يبق إلا ساعة أو أقل!
    كاد قلبها أن ينخلع. الشائعات صحيحة إذن والتحذيرات حقيقة. ماذا عساها أن تفعل؟ لماذا لم يذهب بها التطبيق إلى الأندلس، أو المصريين القدامى، أو حتى إلى سويسرا حيث الأبقار والأنهار. وهل كان يعلم “هو” بالأمر، فخدعها ولم يحضر؟ الحقير!
    نظر إلى ساعته، وهرع نحو شباك التذاكر:
  • سأشتري واحدة.
    نظرت إلى الساعة فوجدتها السابعة والنصف. سألته:
  • متى سيكون؟
  • بعد خمس وأربعين دقيقة.
  • متى يذهب القطار؟
  • بعد خمس دقائق.
  • اذهب أنت إذن.
  • لن أتركك.
  • شكرا لشهامتك يا سيد ولكن لا وقت لها. علي الانتظار.
    من كان يتصور أن تكون نهاية المرء قبل أن يولد حتى؟!
    اندس وسط الزحام، والناس تنظر إليه في غضب. ورجع إليها مسرعا وفي يده تذكرتها. أمسك بمعصمها، وجرها نحو القطار، قبل أن يطلق صفارته وينطلق.
  • هل تظن أننا سننجو؟
  • لست أدري. ولكنها محاولة.
  • لم لا نحذر الناس؟ نخبرهم بالحقيقة!
  • تريدين أن تبشريهم بالفناء! لن ينالك إلا التكذيب.
    نظرت من شباك القطار. بدا أنه قد ابتعد مسافة الكيلو مترين..خطر لها خاطر فسألته في انكسار:
  • هل نصلّي؟
    نظر من شباك القطار فلمح طائرة. أشار إليها وهو يهمس:
  • صلِّي ولنرى إن كانت ستمتنع.
    اختنقت الكلمات في حلقها، وهي تنظر نحو الطائرة في رعب. بدت كحمامة بيضاء أو فضية تشق عباب السماء، والناس في القطار ينظرون إلى فوق عبر شباك القطار وعلى وجوههم ابتسامة إعجاب.
  • هل نستحق أن نموت أشلاء؟
    سألته والدموع تترقرق في مقلتيها. قال في هدوء من استسلم:
  • يبدو أن التطبيق يعرف عنا كل شيء.
  • لا أراني أستحق هذا العقاب!
  • كذلك الشيطان لا يرى نفسه مذنبا!
  • ترانا نستحق هذه الميتة؟
    تنهد وهو يرقب الطائرة وقد دارت دورة كاملة، أخرج من معطفه صورة امرأة تحمل طفلا يشبهه..
  • كذبت عليها بالأمس. قلت إني لا أريد أن أراها مجددا..وأني أستطيع الحياة دونها.
  • أنت قاس!
  • أستحق العقاب إذن!
  • ولكن أنا! أنا لم أفعل شيئا يستوجب أن أموت هنا.
    نظر إليها طويلا، ثم سألها:
  • ألم تكذبي ولو مرة؟
    قالت وهي ترمق الطائرة في رعب:
  • لا أذكر..
    كانت يراها ترتعشان، ودبلة زواجها تصطك مع مسند الكرسي المعدني محدثة أزيزا مريرا..
    نظر إلى عينيها بقوة هزت كيانها. أشار نحو الطائرة فإذا بشيء يهبط من أسفلها. قال في هدوء:
  • نلفظ أفعالا ونحن لا نبالي تماما مثل هذه الطائرة. نفعلها ونحن لا نعلم مدى الدمار الذي سوف تلحقه.
    تسمرت في رعب. سألته بصوت مبحوح:
  • حان الوقت!
    دوى صوت انفجار كاد أن يصم الأذن. صرخ:
  • الله في كل مكان..
    لم يعد ثمة شيء إلا بياض هائل، ثم لاشيء.

التعليقات مغلقة.