الراشي و بائع البليلة … بقلم مجدي محمد كمال
لم يكن من شيء أيسر في حينا من افتعال الشجار، كل ما عليك فعله يا صديقي أن تذكر أياً من الأخوين وعندها ينفجر الجمع سباباً ومعايرة، في خلاف لا يعرف أحد متى بدأ ؟ وعلى أية قضية ؟ فقط توارثناه جيلاً بعد جيل، خلاف أقرب للخلاف العقائدي ، فجموع ترى أن تاجر التفاح الثري كان أحق بميراث أبيه ، و الآخرون يرون أن الصياد الهائم في البراري هو الأحق بالثروة والتمجيد، أما صاحب الثراء الفاحش فقد حصل على كنزه بالرشوة!
لا يخاطبون بعضهم إلا تنابذاً بالألقاب: يا راشي، يا ملعون، … ويأتي الرد: هذا من خيبتك يا بائع البليله يا مسكين .
وعلى هذا يا عزيزى نشأت، وكنت صغيراً لم أكن أعرف بعد أن الأخوان هما الأكبر في كل الأحياء من حولنا ولهم من الصيت والباع الكثير و يحترمهم الخصوم أضعاف ما يظهرون من احترام لبعضهم، فهذا يُتفه من غريمه وهذا يحُقر منه رداً.
ولا أعرف كيف لم يفطنا يوماً أنه – إن كان خصمي راشياً فالعيب عيب النظام إما أن تغيره أو تهجره ، ولو كان خصمي بائع جائع مسكين هزيل ضعيف، فأي نصر هذا احتفل به عليه ! و أين شرف الخصومة والندية ؟
لكم تمنيت أن أريهم صورتهم وهم منتفخي الأوداج شاهرين السبابة لبعضهم في خلاف لا ينتهي إلا ليبدأ، ناسين أنها لعبه وأنهم أصلا طلبوا المتعة والبهجة في تنافسية لا تنتظم إلا بالتبادل و التناطح وصفقة لك وجولة لي ، وإن ظن طرف أنه وحيداً يغرد في سمائه فقد فاته أنه لا يستقيم أمر الدنيا عامة إلا بالتدافع، لعلنا يوماً نضع أياً من أمورنا في نصابها ، لأننا ملوك حقاً في أن نبدل أماكن الأشياء ومقامها ثم نبكي أطلالها .
ولا تظن يا عزيزي أنني واهم أبحث عن الدرجات الفاضلة بين الأخوين وأن يتبادل الأخوين الورود والعطايا والحب، فليست تلك بحقيقة ولا تصدق حتى وإن طلبت، لأن أصل الأمر هو التنافس و لكن متى كان التنافس في تلك الصورة التي نراها ونسمعها ونتبادلها، فقد زاد التصعيد حتى وصل الأمر للموت وأصبحنا نحيي ذكرى شهداء لعبة !
ولعدم الإطالة – فالخلاصة يا عزيزي، أن المطلوب أن لا تنساق الجموع خلف الأصوات التي تنتفع من الفتنه، ابحث عن المستفيد من ذاك الصراع اللامنتهي، من الذى يستدفئ بنار الفتنة بين طرفي النزاع؟
من يتاجر بالأحلام ومن يصور تلك الانتصارات كما لو كانت كل الدنيا، ومن يعظم خسائر الآخرين كأنها أم الخسائر، بينما نحن طلبنا كان البهجة والمتعة والتنافس الشريف، فقد خُلقت تلك المنافسات في الأصل من أجل أن توجه تلك الطاقات إلى التنافس السلمي المتحضر بدلا من الحرب والموت، فأين نحن من ذلك؟ وياليتنا في مصاف الدول التي تتنافس حقاً على منصات التتويج العالمية، بل الخيبة خيبتين – لا نحن في التصنيف ولا نتبادل الخلق النظيف .
يصور الواقع الآن هدنة سلام بين الطرفين – دفع طرف دين عليه لأخيه وفتح الآخر داره لغريمه الدائم و تلاقا وتصافحا.
فهل وصل ذلك السلام إلى الأصوات التي ستسب فتاهم الأسمر لتشتعل الفته من جديد؟ في اللحظة التي سيسب الآخرون فيها فتاهم الذهبي الخائن.
يجب أن نحاول تغيير الخطة طويلة الأجل والتي سأظل انشدها،
ألا سبيل إلا من البدايات، من عند الصغار في الملعب و فى المدرج يجب أن نعلم أبناءنا أنها لعبه وأن الفرق بين الاحتفاء بالنصر بها لا يعتبر انتصاراً شخصياً يغني عن نجاح الشخص بنفسه لنفسه في معترك الحياة، لأن تلك الطريقة التي ظلت تُصدر للشباب جعلتهم يفضلون أنديتهم على المنتخب بل ويحسبون أن تلك الانتصارات قد ترفع شأن الأمة العام ولا يعرفون شيئاً في الدنيا غير الحنجرية اللحظية للعب ، وأولى بنا تعليمهم أنها لعبة للترفيه و التنافس ولا تعبر عن نجاحك الشخصي .
الأمل الضعيف أنه يوم الجمعة الثامن من مارس للعام الرابع والعشرين من الألفية الحاضرة سوف تنير سماء الرياض بالكبيرين المصريين الأهلى والزمالك فى نهائى البطولة الأقدم في الشرق الاوسط – كأس مصر – نأمل أن تكن بداية عصر جديد من التنوير يعم فيه الفكر قبل الصراخ وينظر فيه للأمور على حقيقتها لا على طريقة أهل الوقعية بين اللونين الكبار فنخسر جميعاً و ينتصروا.
أما عن النواحي الفنية الجميلة والتي تزين كرة القدم في العيون ، لن نتطرق لها إلا بعد المباراة ، والعارفين بأصول اللعبة يدركون تماماً أنها مباريات لا تقاس بالظروف والتخمين ودوماً ما تحمل الجديد حتى وإن وضح مثل قرص الشمس أنها كالعادة ٧٠% : ٣٠% ، لتاجر التفاح .
فانتظرونا في المقال التحليلي للقمة .
التعليقات مغلقة.