الرجل الطيب
قصة قصيرة
تأليف محمد كسبه
حملوه علي الأكتاف ، ليس فخرا إو تكريما أو حبا فيه ؛ إنما هو واجب عليهم حسب العرف و العادات و التقاليد فهو ينتمي إليهم إما بصلة الرحم أو بصلة الجوار ، هو يشعر بهم و يسمع أصواتهم ،لكنه لا يحرك ساكن صامت محمول إلي مثواه الأخير إلي المقبره.
جميعهم يكبرون الله و يرددون مات الرجل الطيب و يدعون له بالرحمه و ما رحموه في حياته .فهذا الأخ الأصغر أشهر محامي في الباطل ، كثيرا ما كان يحسده علي ماله و أولاده ، يمنعه من التصرف في ميراثه بالتهديد و الوعيد و تلفيق التهم بالباطل ، بئس الأخ و بئس المصير .
هذا الجار الجاحد أيضا يدعو له ليس صدقا و لا حبا لكن التظاهر و التقليد يجعله أمام الناس يشعر بالنشوة و الفخر حين يدعو لخصمه أمامهم و هو مازال محمل بالحقد و الكراهية ، كثيرا ما أساء إليه و أعان الأخ الصغير علي الظلم و بينهم الكثير من الأمور الخفية فالشاطين كلهم أصدقاء .
هذه التي تبكي هي الأم التي تحمد الله أنه هو الذي مات و ليس الأخ الأصغر الذي تحبه ، تفضله ، تميزه عن الآخر الذي دائما كان لا يعصي لها أمرا ، يخشي غضبها يخاف منها و من دعائها عليه فهي كانت لا تدعو له إلا أمام الناس جبرا للخواطر ليس حبا ، مات و لا يعرف لماذا لا تحبه؟
هذه الأخت الكبري له تسيل الدموع من عينيها كالمطر و تدعو له بالرحمه ، بمجرد أن إنتهت مراسم الدفن عادت إلي بيتها و عاشت حياتها فهي لا تحب الحزن .
هذه الأخت الطيبة الحنونة التي كان يلجأ إليها في أزماته و كانت تدعمه و تقف بجانبه بكل قوتها و بكل ما تملك فهي تحب جميع إخوتها بلا تميز ؛ لكن المواقف دائما تكون أكبر منها فكانت تدعو له من قلبها حبا .
أما هذه فهي الأخت التي تبحث دائما عن المصلحة و الفائدة ، تفتعل الأزمات و الخلافات لتكسب تعاطف الجميع و خاصة الأم التي تميزها هي الأخري لكن بينها و بين الأخ الأصغر خلافات لأنهم يتنافسون علي سلب مال وعطف وحب الأم التي جعلتهم أعداء في الباطن منسجمين أمامها في الظاهر .
و هؤلاء جميعا الزملاء ، الاقارب ، الجيران الذين لم يجد منهم السند و الدعم و لا حتي نصرة الحق ، فأكثر من حوله في الحياة أو ربما هي الحياة جعلت المصالح ، القوة ، النفوذ هي أدوات التعامل بين البشر .
إنتهت مراسم الدفن و إنتهي الدعاء للميت و عاد الجميع لحياتهم و بقي الأثر في كل من تعامل معه عدو أخ صديق الكل يذكر جملة مات الرجل الطيب .
التعليقات مغلقة.