موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

الرزق …بقلم / محمــــد الدكـــــرورى

186

الرزق …بقلم / محمــــد الدكـــــرورى

لا إله إلا الله وحده، يختص بالرزق والتقدير، دون شريك ولا معين ، وسبحانه وبحمده، امتد رزقه فضلاً عن العقلاء، فرزق الطير في أوكارها، والسباع في جحورها، والحيتان في قاع بحارها، وشمل رزقه الدواب بأنواعها، والبر والفاجر، والمؤمن والكافر، فهى نعمة ورحمة يتفضل بها الله على الخلق أجمعين ، فيظل الرزق حبلاً ممدودًا بين السماء والأرض .

فسبحان من قسم الأرزاق بين عباده ، فمن الناس من وضع رزقه على المكتب أمامه، وهو مستريح على كرسيه، ومنهم: من يجريه الله عليه بما يكتبه بيده، ومنهم: من وضع الله رزقه أمام الفرن أو التنور، ومنهم: من رزقه في مصنع الثلج، هذا أبداً عند البرودة وذاك عند الحرارة، ومن الناس جعل رزقه مع الأولاد الصغار في المدارس أو العمال الكبار في المصانع، ومنهم: من رزقه في لجة البحر فهو يغوص ليستخرجه .

ألا وفوق طبقات الهواء، فهو يركب الصعاب ليأتي به، ومنهم: من رزقه وسط الصخر الصلد، فهو يكسره ليستخرجه، ومنهم: من رزقه في الأرض وآخر مع دواب الأرض، وثالث مع كنوز وجواهر الأرض ، فتعددت الأسباب وكثرت الطرق والرزاق واحد، هو الله سبحانه وتعالى .

وأمر عز وجل عباده أن يمشوا في الأرض، وأن يبتغوا من رزقه، وأن يطلبوا الرزق منه سبحانه لا من غيره، فهذا الكوكب الذي نعيش عليه كوكب غني للغاية فيه من أنواع المعايش ما لا يخطر ببال، ولا يزال البشر يكتشفون من المعايش التي أودعها الله في هذا الكوكب العجيب الأمور الكثيرة في أرضه .

وفيما يخرج من زرعه، وفي الدواب التي بثها، وهذه الثروة الحيوانية، وفي هذه الكائنات البحرية، والبحر الذي تستخرجون منه لحمًا طريًا، وفي هذه الجبال وما أنزل فيها من الحديد، وخلق فيها من المعادن، ذهب وفضة، ونحاس، وغير ذلك، كوكب غني للغاية.

فالناس كل الناس في سباق، فما منا إلا من يجد أمامه من سبقه، ووراءه من تخلف عنه، كل أمريء منا سابق ومسبوق والمؤمن الصادق لا ييأس من نفسه ولا يبك حظه، فإن صار عالياً فغيره من هو دونه، ودون الدون من هو أسفل منه.

فقضية الرزق من حيث الإيمان به جزء مهم من الاعتقاد في الله تعالى، فالله سبحانه تكفل للخلق بالرزق مهما كانوا وأينما كانوا، مسلمين أو كافرين، كبارًا أو صغارًا، رجالا أو نساء، إنسًا وجنا، طيرًا وحيوانا، قويًّا وضعيفًا، عظيمًا وحقيرًا ، فقد قال تعالى: ( وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ) سورة هود .

وتأملوا عظمة الله وإحسانه، وكمال قدرته، فالمخلوق الذي لا يحمل الرزق يُحمل إليه الرزق! والذي لا يملك قوت يومه أو غده ييسره الله له ، ويقول بن كثير ، أن الغراب إذا فقس عن فراخه البَيْض خرجوا وهم ِبيضٌ، فإذا رآهم أبواهم كذلك نفرا عنهم أيامًا، حتى يسودّ الريش، فيظل الفرخ فاتحًا فاه يتفقد أبويه .

فيقيّض الله عز وجل ، طيورًا صغارًا كالبرغش فيغشاه، فيتقوت به تلك الأيام حتى يسودّ ريشه، والأبوان يتفقدانه كل وقت، فكلما رأوه أبيض الريش نفروا عنه، حتى إذا رأوه قد اسودّ ريشه عطفا عليه بالحضانة والرزق ، أرأيتم كيف يتولى الله رزق الضعفاء حين يتخلى عنهم أقرب الأقرباء الرحماء ، إنها منتهى الرحمة من الله سبحانه وتعالى وكمال الربوبية.

وفي الحديث القدسي المشهور، قال الله عز وجل “يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجِنّكم، قاموا في صعيد واحد فسألوني، فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر” والمراد كمال قدرة الله وكمال ملكه، وأن ملكه وخزائنه لا تنفد، ولا تنقص بالعطاء، وإن في هذا لحثًا على إنزال الحوائج بالله وسؤاله إياها

ولقد كان إيمان السلف بأن الله هو الرزاق عظيمًا، فلم يلتفتوا لأحد سوى الله في أرزاقهم، وكانوا بما في يد الله أوثق منهم بما في أيديهم، ولذا قال الحسن: ” إن من ضعف يقينك أن تكون بما في يدك أوثق منك بما في يد الله عز وجل ” .

وكما أن الرزق مقسوم، حق نؤمن به، فلابد من اتخاذ الأسباب، والناس في أمر الأسباب ذهبوا مذهبين كلاهما بعيد عن الصواب، فمنهم: من ظن أنه ما دام الرزق مقسوماً فما عليه إلا أن يقعد وينتظر، فيترك العمل ويحتج ببعض الآيات والأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومنها: قوله عليه الصلاة والسلام: “لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا أي جائعة وترجع بطاناً أي ممتلئة”.

وغفلوا عن أن هذا الحديث وأمثاله حجة عليهم لا لهم، فالطير هل قعدت في أعشاشها؟ وانتظرت أرزاقها؟ أم أنها غدت وراحت؟ وهل تملك الطير إلا الغدو والرواح؟ ومن الناس في المقابل من اتكل على الأسباب وحدها، وظن أن النتائج منوطة بها أبداً، ونسوا أن وراء الأسباب مسبباً، ولأرزاق الخلائق مدبراً.

فهم بهذا الظن خسروا وإن ربحوا في دنياهم، خسروا شيئاً من دينهم وتوحيدهم وإن ربحوا في مكاسبهم وتجارتهم وأعمالهم، والصواب: هل العمل بالأسباب مع صدق التوكل على الله والثقة بما عنده، والإيمان بأن كائناً من كان لا يأكل نعمة لم يكتبها الله له، ولو بذل مهما بذل، فالله هو المعطي وهو المانع، وما يمنع أحداً شيئاً إلا عوضه خيراً منه.

وقضية الرزق مكتوب حتى لا يحمل الإنسان نفسه فوق ما تحتمل، فهو مطالب بالأخذ بالأسباب ، ” فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ” لن ينزل من السماء أن تمطر ذهبًا أو فضة، نعم في السماء أرزاق تنزل، وفي مطر ينزل، لكن لن تمطرك ذهبًا وفضة، لكن هناك قدر بالرزق ينزل، وهناك مطر يعين على الرزق ينبت الله به ما ينبت، يعين على الرزق، ولذلك إذا ابتغيت السبب .

يعني ضربت في الأرض، مشيت في مناكبها، وسعيت، وولجت الأبواب، وما يتعلق بذلك من دراسة وسعي وسؤال وتقديم، ونحو ذلك، بل عمل مباشر في هذه الأرض من زراعة، وصناعة، واستيلادًا لهذه الثروة الحيوانية، ونحو ذلك، أو الإجارة بتأجير النفس فيما يسمى بعالم الوظائف، كلها عوالم، عوالم جعلها الله، زراعة صناعة تجارة، إجارة أسباب، أبواب، المطلوب أن يجلها الإنسان.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مبينًا قاعدة عظيمة من قواعد الكسب وطلب الرزق: “من كانت الدنيا همّه، فرّق الله عليه أمره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له، ومن كانت الآخرة نيته، جمع الله له أمره وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة”.

وإن همَّ الرزق قد أكل قلوب الخلق، وسيطر على عقولهم، وعطلوا من أجله ما كُلفوا به، وهم قد كفوه ، وانشغال الإنسان أو نسيانه لقضية الأجل يجعله في هم ونكد وضيق ،
فحب الدنيا لا يكون إلا حبًّا في ملذاتها وشهواتها، وهذه تحتاج إلى مال، والمال يحتاج إلى جمع وتحصيل وكدح.

وكلَّما كان مالُ الإنسان أكثر كان استمتاعه بالملذات أكثر، وكان حبه للدنيا أقوى وأمكن، وحينئذ يتنافس الناس على الدنيا، ويعطلون الفرائض من أجلها، ويرتكبون المحرماتِ في سبيلها ، وكذلك وكراهية الموت ما كانت إلا بسبب ضعفِ الإيمان في مسألة الأجل.

وهناك أمر من أعمال القلوب نتحدث عنه وكثيرًا ما لا نحسنه، أي عملًا في الواقع وتطبيقًا، ألا وهو ، التوكل ، ” وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ” والتوكل يصب عليك الرزق صبًا، هناك أدلة يقينية لكن القضية في العمل بذلك: لو أنكم كنتم توكلون على الله حق توكله وهذه: حق توكله فيها المربط والسر حق توكله هذه قضية تفريغ القلب إلا من الله، ولا اعتماد إلا على الله، ولا لجوء إلا إلى الله، وطلب الرزق منه لا من غيره، وتفويض الأمور إليه .

وقال الحسن البصري ، طلبت خطب النبي الكريم محمد صلى الله عليه و سلم في الجمعة فأعيتني ، فلزمت رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم فسألته عن ذلك فقال : كان يقول : في خطبته يوم الجمعة يا أيها الناس إن لكم علما فانتهوا إلى علمكم و إن لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم فإن المؤمن بين مخافتين بين أجل قد مضى لا يدري كيف صنع الله فيه و بين أجل قد بقي لا يدري كيف الله بصانع فيه .

فليتزود المرء لنفسه و من دنياه لآخرته و من الشباب قبل الهرم و من الصحة قبل السقم فإنكم خلقتم للآخرة و الدنيا خلقت لكم و الذي نفسي بيده ما بعد الموت من مستعتب و ما بعد الدنيا دار إلا الجنة و النار .

ولقد حذَّرنا النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، من أن تتعلق قلوبنا بتحصيل أرزاقنا؛ فننسى الله عز وجل ، والدار الآخرة، ونُشْغَل عن العمل الصالح بالجمع والتحصيل، والعد والتنمية، ولربما شحت نفوسنا عن أداء حق الله سبحانه وتعالى ، في أموالنا، أو امتدت أيدينا إلى ما لا يحل لنا؛ فنكون كالذي يأكل ولا يشبع، ويجمع ولا ينتفع ، فنعوذ بالله من نفوس لا تشبع، ومن قلوب لا تخشع.

وعن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس من عمل يقرب إلى الجنة إلا قد أمرتكم به ولا عمل يقرب إلى النار إلا قد نهيتكم عنه ، لا يستبطئن أحد منكم رزقه ، وأن جبريل عليه السلام ألقى في روعي أن أحدا منكم لن يخرج من الدنيا حتى يستكمل رزقه فاتقوا الله أيها الناس واجملوا في الطلب فإن استبطأ أحد منكم رزقه فلا يطلبه بمعصية الله فإن الله لا ينال فضله بمعصية .

التعليقات مغلقة.