الرقصة الأخيرة بقلم عبد الصاحب إبراهيم أميري
الرقصة الأخيرة بقلم عبد الصاحب إبراهيم أميري
تربت في حضن أمها الملترمة بأمور الدين والحجاب ، فقدت أباها في إحدى المعارك وبات منسيا ككل الذين رحلوا في مطاحن الحروب اللعنة، تاركا خلفة زوجة مريضة وبنتا لا تعي شيئا من أمور الحياة ، حاولت أن تكون عونا لأمها المريضة، عملت المستحيل لأجل لقمة الحياة عملت منظفة وخادمة في البيوت والمصانع والاعتناء بكبار السن، رغم صغرها وتلقت الصفات من رب عملها لأي خطأ يصدر عنها ولازالت بعض آثار الصفعات على خدها الأبيض مطبوعا ، لم يكن جمالها عاديا، فهي بدأت تسحر القلوب عندما بلغت الرابعة عشر ربيعا،، تقدم العديد لطلب يدها، فكان الرفض اول الكلم ،
-لابد أن تتزوجي يا ابنتي.
-كيف أتزوج واتركك يا اماه
-انا لن ابقى أبد الدهر،. لابد من الموت،
عشق غريب ربط البنت بامها،،تكدح وتعمل من أجل بيتهم وتواصل تعليمها مساء من أجل أن تكون شيئا
أثبتت وجودها إينما حطت اقدامها، لفتت الأنظار، ابتسامتها الطرية لن تغادر وجهها ، في أصعب الظروف التي مرت بها، سميت( قوام) بين أصحابها
-القمر المنير
فهي بحق كانت قمرا منيرا، وهذا ما صرحت به صديقتها هناء التي كانت تعيش ظرفا يشبه إلى حد ما ظرف قوام،
عجلة الحياة كاد أن يخطف أمها، بعد أن استحوذ السرطان عليها، وبات من الصعب جدا تأمين العلاج المكلف، فأحتارت البنت العشرينة(قوام) نفقات الحياة في ظل مرض السرطان، الإ أن هناء كانت تمدها بين حين واخر بمبالغ لاقتناء الدواء،
-هناء، من أين تأتين بهذه النقود
-اقول لك سرا، انا زهقت من الخدمة في بيوت الناس، فوجدت مهنة الرقص لي سبيلا للعيش بهناء
-تعملين راقصة
بكت هناء بمرارة، واعترف ان ما تفعله ليس رغبة منها بل جبرتها الحياة، واقترحت على قوام مهنة الرقص حتى تمر الأزمة بسلام
،،،
رأت قوام أن مهنة الرقص، هو الملاذ الوحيد للخلاص من أزمة الفقر على أن لا تتجاوز المحارم حسب فهمها، فإن دروس أمها لازالت عالقة في مخيلتها،
تحاشت الاختلاط خوفا من التلوث، كانت تغادر ليلا بحجابها الكامل ولا أحد يعرف بمقصدها سوى هناء،. صديقتها بالمحنة،
وتعود كما ذهبت، دون أن تجد اثار هذه المهنة عليها،
وتمارس صباحا تعليمها العالي في إحدى الجامعات الأهلية،
أنتصر مرض السرطان وفتك بامها وبقت وحيدة بين جدران بيتها الصغير، مؤنسها كاتبها وصديقتها الوحيدة هناء، وساعات الليل التي تقضيها على مسرح النادي الذي ترقص فيه، تربعت على عرش الرقص و أبدعت حتى بدأت تشعر ان الرقص جزء من كيانها،
طلب يدها زميل لها بالجامعة، ووافقت لأنها أعتقدت أن الزواج ملاذها الأخير.،
-لابد أن تتزوجي يا ابنتي
كلمات امها ترن في اسمتعها.
وافقت دون أن تخبره شيئا من ماضيها وتعاسة الحياة وامتهانها الرقص، تسارعت الأيام بالرحيل بات عقد القرآن مطلا على الأبواب ، استمرارها بالرقص، يعني،. نهاية حياتها الزوجية، لذا قررت الاعتزال نهائيا
-هناء سأودع الرقص دون رجعة، والليلة رقصتي الأخيرة
،،،. ،
أعلن عريف الحفل اعتزال( قمر) ، وهذا كان اسمها الفني، وأن الليلة ستكون رقصتها الأخيرة
أعتلت خشبة المسرح لتودع جمهورا أحبته كثيرا ، وفنا بات جزء من كيانها مضطربة، خائفة، صفق لها الجمهور بحلاوة،
أستعرضت حياتها التعسة، اختفاء اباها. والفقر تنظيف البيوت، لوصفعة رب العمل التي لازلت آثارها على وجهها النير ، مرض أمها، وبالتالي رحيلها، وظهور شاب وسيم تقدم لطلب يديها،
كانت تحي الجمهور دون وعي، والجمهور يصفق. شعرت بدوار غريب ، سقطت على المسرح، اجتمعوا حولها، وعلا صوت النحيب والبكاء
-“ماتت
النهاية
عبدالصاحب ابراهیم اميري
،،،،،،،
التعليقات مغلقة.