السكان والمعيشة بالحارة المصرية…
سيد جعيتم
السكان والمعيشة بالحارة المصرية
١-سكان الحارة المصرية
سكان الحارة المصرية كانت الغالبية العظمي منهم من الحرافيش وهي طبقة فقيرة، وعلية القوم من الحكام من المماليك والأعيان، كانوا يعتبرون البسطاء من الحرافيش سفلة و أراذل وهم المستوي الأدنى في السلم الاجتماعي مع انهم هم الغالبية العظمي من الشعب ، ونجد ذكر الحرافيش في تاريخ الجبرتي وابن إياس والمقريزي و ابن تغرى بردى .
ورغم أن الحرافيش كانوا الطبقة الفقيرة ،إلا أن أمراء المماليك يخشونهم و يحسبون لثورتهم ألف حساب، وفي النزاعات بينهم كانوا يستقوون بالحرافيش، ومن أمثلة ذلك ما ذكره صاحب النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة (جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن تغري بردي) أن الأمير(منطاش) كان يدور بينه وبين الأمير (الناصري) نزاع عام 707 هجرية .فأخذ الأمير (منطاش ) يتقرب من الحرافيش ويتودد إليهم حتى تغلب بهم على خصمه اللدود الأمير (الناصري)
للحرافيش شيخ يسمي شيخ الحرافيش ونقيبهم
ومِن رحم الحرافيش خرج الشباب المتمردون ويطلق عليهم لقب العياق أو المشاديد، وهم أعوان الفتوات، حيث يكلفهم الفتوات بالسهر على مداخل الحارات و مخارجها لحمايتها من أي دخلاء يهددون أمنها.
٢- الحياة في الحارة:
الحارات في معظمها ملتوية (بها حواداية) بهدف خلخلة الهواء ليلطف حرارة الطقس ويمرر الهواء العليل بين المنازل بشكل طبيعي.
منازل الأعيان قديمًا كانت تنقسم من الداخل لقسمين: القسم الأول يسمي الحرملك، وهو خاص بأهل البيت وتسميته مأخوذة عن سلاطين المماليك وعن العثمانيين ، فقد كان للحريم اقسام تسمي بالحرملك لا يدخلها إلا الحريم أو الخدم و الأغوات من الخصيان .
السلاملك مخصص للجلوس واستقبال الضيوف، و نوافذ البيت تكسوها المشربيات المصنوعة من الخشب المعشق بشكل جمالي، يمكن أهل البيت من الحريم من النظر للحارة من خلالها دون أن يراهم المارة.
أما الحرافيش فكانت الأسرة تقطن غالبًا في حجرة واحدة ( أوضة ) تستخدم للنوم والجلوس والطهي والغسيل، لذا كان في الجلوس أمام المنازل فرجة لقاطنيها، وكانت دورات المياه مشتركة بين السكان، أي يستخدم الدورة كل سكان المنزل، ومن هنا كانت المشاجرات تقوم بين السكان.
كانت بيوت الحارات متلاصقة بدون فواصل، تتكون في معظمها من دورين اثنين الدور الأول يفتح بوجهته بعض الدكاكين، وكثيرًا ما تبني بيوت ذات بابين تفتح علي حارتين تسمي بالخوخة .
سكان الحارة يغلب عليهم الكرم والعلاقة بينهم متينة، فكانوا يتزاورون ولا مانع من جلسة أنس وسمر على الحصير فوق الأسطح أو أمام المنازل
, و هم سريعوا الغضب لكرامتهم، ومتسامحون وسريعوا النسيان, يتشاجرون صباحًا و يتصالحون ظهرًا، من يعاملهم معاملة سيئة ثم أعقب ذلك بمعاملة حسنة يغفرون له إساءته.
سكان الحارة متمسكين بالعادات والتقاليد، يتزوجون في سن مبكر، ومن العادات أنهم لا يطيقون رؤية حذاء أو شبشب مقلوب، وتحرص النساء على الشهقة عند طبخ الملوخية، وتجنب الحسد بالخرذة الزرقاء وإمساك الخشب.
بعض البيوت بها أفران في حوش البيت وعندما يشعل أهل البيت الفرن للخبيز ، يأتي كل من لديه عجين من أهل الحارة مستغلًا أن الفرن مشتعل، وفي نهاية يوم الخبيز يتبادل كل من قام بالخبز مع بعضهم أرغفة مما خبزوه، والخبز المخبوز في فرن البيت كان له طعم جميل ومميز ( يتاكل حاف)، و يتبادلون أطباق الطبيخ وبصفة خاصة البصارة، وأطباق الحلويات ( سد الحنك – المهلبية أو البالوظة – الأرز باللبن)، والطبق يلف بين البيوت ولا يعود لأصحابه فارغًا، والأطفال يصنعون حلوة(علي لوز) من العسل الاسود ويجملونه بالسمسم أو براغيث الست( نوع من الحلوي في حجم السمسم)، ويلفون به علي الكبار ليتذوقوا مقابل ملاليم يفرح بها الأولاد، ولا يمكن أن نغفل أبدًا المفتقة التي تصنع من العسل وقرطاس المفتقة في موسم الشتاء.
وما أجمل الحارة المصرية في شهر رمضان، تعلق الزينات والفوانيس، وينتشر صانعوا الكنافة و القطايف ، والعرقسوس و الخشاف ( البلح المنقوع في ماء الورد أو في اللبن) هما المفضلان علي الطبلية التي تخرج أمام باب البيت ليتشارك كل أهل الحارة في تناول الطعام، ولا يمر عليهم غريب وقت الإفطار إلا و عزموه علي موائدهم التي سبقت ما نعرفه الآن بموائد الرحمن.
انتظروني مع:
الجلباب المصري والملاية اللف
التعليقات مغلقة.