السلام والحرب بقلم.عصام الدين محمد أحمد
السلام والحرب
مع الاعتذار لتولستوي
دلفت إلى باب أقرب مشرب.
طلبت زجاجتين جعة من ماركة اللؤلؤة، منذ فترة طويلة لم أقرب الكحوليات، ولكن أحيانا يفيد طمس العقل بغشاوة البلاهة.
هكذا تناجيت.
اندمج الادراك والوعي في أنبوب الغيبوبة، كل الأشياء صارت طلسما يأبى فك الرموز، طلبت زجاجتين أضافيتين.
أتجرع كؤوس الراح حتى لا تصاب أعضائي بالعطب، وتتوه في دهاليز الدوامات.
انزحت ساقطا من قمة المصعد قبل ولوجي القمر.
يضحكون ويتغامزون، انتشلني أحدهم، أجلسني جواره، صب لي الكأس تلو الكأس.
نسجت كلاما من حروف نصفها حاضر ونصفها غائب، أتفوه الكلمات بصوت مسموع واضح المقاطع، أظن أن الآخرين لم يسمعوا، فألفظها بنبرات أعلى، أتمهل بين اللفظة وتابعتها حتى أتأكد من وصولها إلى آذان الآخرين.
تتقارع الكؤوس.
ينطق أحد الجالسين:
اللعنة على الحرب.
تتطاوح الحروف:
اللعنة على السلام الجوعان.
صمت وخدر.
أستطرد:
سلام الجبناء.
يستوضح ثان:
السلام والجوع لا يجتمعان.
أتفلسف:
السلام والجوع صنوان.
تندلق الكأس على مفرش الطاولة، أعدل الكوب، أتمنطق:
في الحرب لا يسرق الحكام.
وبخني ثالث:
اسكت.
أتبرم:
ما على السكارى من جرم أو جريرة أو حرج، حدث ولا تخش أحدا.
قال رابع:
السُكر – ذاته- وزر.
صاح الساقي بالتلاوة:
ولا تزر وازرة وزر أخرى.
أفر من المشرب كالملسوع الأبله، زكمتني فكرة:
لماذا لا أقيس الشارع بالقدم؟
شرعت منفذا.
كعب قدمي اليمنى يرتدف أصابع قدمي اليسرى.
أبذل جهدا عصيا لإنهاء اشتباك القدمين.
أمسى القياس على هذا المنوال مستحيلا.
أبدلت الفكرة بأخرى:
لماذا لا ألولب الشارع؟
أنسابت أقدامي تلتهم الشارع طولا وعرضا.
تعزف بقية أعضائي سيمفونية التطوح.
تعثرت في الخيالات المارة في الطريق.
احتضنت جسدا ناعم.
نزعتني أذرع موجعة من صدرها.
تقيأت.
وميض إفاقة يدثر الخدر.
عدت من حيث رجعت باحثا عن مشرب لم أدنسه من قبل.
تمت بحمد الله
التعليقات مغلقة.