موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

السيمفونيات التراثية (نغم يمني على ضفاف النيل)تحت قبة (المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية) – القاهرة

400

السيمفونيات التراثية (نغم يمني على ضفاف النيل)
تحت قبة (المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية) – القاهرة

المشاركة والجَمْع والإعداد: الصحفي/ عبد العزيز الهاشمي:

برعاية كل من: رئيس الجمهورية اليمنية المشير/ عبد ربه منصور هادي، مُمَثَّلاً في (وزارة الإعلام والثقافة والسياحة اليمنية)، مع الوزير/ مُعَمَّر الإِرْياني.

و(مؤسسة حضرموت للثقافة)، مُمَثَّلَةً في رئيس مجلس إدارتها الأستاذ/ عمر مسَلَّم مُوْل الدُّوَيْلة.

وبدعمٍ سخي من مجموعة شركات بُقْشان، مُمَثَّلَةً في صاحبها رجل الأعمال الشيخ المهندس/ عبد الله أحمد بُقْشان: رئيس مجلس أمناء (مؤسسة حضرموت للثقافة).

وبالتعاون مع (وزارة الثقافة المصرية)، مُمَثَّلَةً في الوزيرة/ إيناس عبد الدائم.
يقدم الموسيقار اليمني المتألق المايسترو/ محمد سالم القُحُوم: (السيمفونيات التراثية – نغمٌ يمنيٌّ على ضفاف النيل) – حفلة القاهرة، بقيادته وتأليفه للمقطوعات التسع، من الألوان التراثية اليمنية والمصرية شَتَّى، في رؤية أوركسترالية عالمية، وبمشاركة أكثر من (120) عازفًا أوركستراليًّا وموسيقيًّا تراثيًّا يمنيًّا ومصريًّا، ومن جنسيات مختلفة، بصحبة أوركسترا أوبرا القاهرة، وبلمسات فولكلورية متوائمة مع التحديث عصريًّا، تحت قبة (المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية) بالقاهرة، ولأول مرة -بعد (ثمانية) أشهر من العمل والجهد المتواصل بين المعنيِّين في اليمن ومصر، والجهاز الموسيقي المصاحب، بعد أن كان فكرةً في خاطر شاب يمني صاعد آمَن بها وعَمِلَ من أجلها، حتى أصبحت واقعًا- يصعدُ التراث الفني اليمني على خشبة المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية العريقة عراقة الفن المصري، وهذه الحفلة تُعَدُّ تجربةً فريدةً من نوعها، مفعمةً بزخم هائل من بدائع التراث الفني اليمني، لا ليكون نغمًا يمنيًّا فنيًّا فحسب، ومجرد مناسبة فنية تراثية عابرة، بل لإيصال رسالة للعالم مفادها: أنا الفن اليمني هأنذا، وأن اليمنيَّ ينهض من ركام الرماد والممات والأتراح، ومن أعماق الجراح، ليصنع للعالم مصانعَ للأرواح، ويصدر بدائع المسرات والأفراح، وأن هذه الحفلة زخم فنيٌّ مستمر، فقد رافقتها تغطية تليفزيونية مباشرة ومسجَّلة من قِبَل أكثر من (11) كوكبًا تليفزيونيًّا فضائيًّا، وإعلانات تليفزيونية، وحملة مواقع إلكترونية، ومسابقات شبابية، وتغطيات أخبارية، ومطبوعات هادفة، وتوزيع دبابيس عليها لوجوهات السيمفونيات التراثية والجهة الداعمة للسادة الحضور جميعًا، ليكون تعبيرًا على عِظَم هذا الحدث الفني اليمني الكبير.
وعلى هامش الحفل كانت ثمة لقاءات مع عدد من الشخصيات الثقافية والمهتمة بالشأن الثقافي والفني في عدد من الصحف والقنوات الفضائية، كان منها لقائي أنا صاحب هذه الكلمات في القناة الأولى المصرية حيث شرفني بدعوة الحضور أخي وسندي الغالي الصحفي/ صبري سالمين بن مخاشن، الذي كان حاضرًا معنا بالطبع وكان له دور بارز لا يُنسى في الحشد لهذه الاحتفالية الرائعة، قلت فيها: “إنها مناسبة ثقافية تراثية بامتياز، وهي تُعْنَى بالموروث الثقافي الغنائي بشكل عام، وطبعًا فيها رسالة بأننا نرسل هذه السيمفونيات والموروثات الموسيقية اليمنية إلى الآخر لِنُرِيَهُ تراثَنا الثقافي الموسيقي بشكل عام، ولا شك أن التلاقح الثقافي الموسيقي أو الثقافي عمومًا -سواءٌ كان في الأدب أم في الشعر أم في القصة- بين اليمن ومصر، ثابتُ الجذور منذ القدم”.
إن (مؤسسة حضرموت للثقافة) وهي تدشن عملَها الأول من هذه السيمفونيات التراثية التي كانت بدايتها في العاصمة الماليزية كوالالمبور تحت عنوان: (الموسيقى الحضرمية: أملٌ من عمق الألم) عام 2019م على خشبة مسرح (أستانا بودايا) من وحي اللون الفني الحضرمي، لم تكن هذه المؤسسة لتبدأ مشروعها الأول ذاك من منطلق الترفيه أو الإمتاع، بقدر ما كان من منطلق إرسال الرسائل تلو الرسائل للعالم أجمع أن اليمني لن يموت، وأنه ينبت الأمل من عمق تربة الألم، وأن اليمن بلاد الأمنِ والأمانةِ والإيمان، والسِّلْمِ والسلامةِ والإسلام، والتعايش والفن الجميل، واليمن السعيد لا التعيس، منذ الملكة اليمنية/ بلقيس، ليكون جِسرًا بينه وبين شعوب العالم، كما مَدَّها من قبلُ ليكون رافدًا لهم بالكلمات والألحان والفلوركلوريات من قديم الأزل، ولم يزل، وقد كان، حتى أصبحت دول الجوار يُعِدُّونها من فلوركلورياتهم وتراثهم الفني، وهو في الأصل فن يمني. فقد أخذت (مؤسسة حضرموت للثقافة) على كاهلها شعار (الثقافة حياة) منذ تأسيسها بتاريخ (8/ 12/ 2019م) بموجب ترخيص رقم (189) صادر من وزارة الشئون الاجتماعية والعمل اليمنية، في ظل ظروف محلية صعبة تمر بها بلادنا، وأن تجعل من الثقافة اليمنية والتراث اليمني منبرًا للخطابة من على خشبته للعالم أجمع أننا أهل الثقافة والفنون، فقد هدفت إلى الرقي بكل ما من شأنه تنمية الحس الثقافي والفني في ربوع الوطن، واكتشاف المواهب ورعايتها وتصديرها إلى العالم، وتعزيز أواصر الثقافية بين اليمن ومصر والدول العربية، وإبراز الموسيقى اليمنية المتميزة للشعوب الأخرى، والتوثيق الفني التراثي، وإيصال رسالة بماضي اليمن وحاضره ومستقبله.
إن (السيمفونيات التراثية) ذات المقطوعات الموسيقية (التسع) تحكي كلُّ مقطوعة منها قصةً مختلفة من خلال آلة موسيقية بلونٍ موسيقيٍّ ولحنٍ ينتسبان إلى منطقة من مناطق اليمن منذ مئات السنين، وذلك بالاهتمام بالجانب البصري، بالإضافة إلى الجانب السمعي، لإضفاء المزيد من الحيوية والانتباه، كالزي، والديكور، والإضاءة، والتقديم؛ ليعكس أجمل ما في اليمن وأرقى ما عنده.
كانت المقدمتان المتألقتان: الفنانة اليمنية/ شروق محمد، والفنانة اليمنية/ سالي حمادة، هما فاكهة هذه الأمسية بزيهن اليمني التقليدي، وأدائهن الراقي الرائع، ولغتهن العربية الفصحى.
لم يكن الحضور السياسي بغائب عن هذا الاحتفال، رغم اندماجه مع الشعب أثناء العرض، فقد حضر من الجانب اليمني كل من:

الشيخ/ سلطان البركاني: رئيس مجلس النواب اليمني.

معالي دولة/ حيدر أبو بكر العطاس: رئيس الوزراء اليمني الأسبق، ومستشار رئيس الجمهورية اليمنية المشير/ عبد ربه منصور هادي.

معالي الأستاذ/ نصر طه مصطفى: مستشار رئيس الجمهورية اليمنية المشير/ عبد ربه منصور هادي.

معالي الأستاذ/ أحمد عوض بن مبارك: وزير الخارجية وشئون المغتربين اليمني.

معالي الأستاذ/ معمر الإِرْياني: وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني.

معالي الدكتور/ محمد علي مارِم: سفير بلادنا اليمن لدى جمهورية مصر العربية.

معالي دولة/ خالد محفوظ بَحَّاح: رئيس الوزراء اليمني الأسبق.

رجل الأعمال اليمني الشيخ المهندس/ عبد الله أحمد بُقْشان: رئيس مجلس أمناء (مؤسسة حضرموت للثقافة)، الداعم الأول والرئيسي لهذا الحفل.

الأستاذ/ مُوْل الدُّوَيْلة: رئيس مجلس إدارة (مؤسسة حضرموت للثقافة)، راعية هذا الحفل البهي البهيج.

وكم هائل من الديبلوماسيين اليمنيين والعرب، والوزراء، وأعضاء مجلسي النواب والشورى اليمنيَّين، ورجال الأعمال، والإعلاميين، والفنانين، والمثقفين اليمنيين والعرب، وجزءٌ لا بأس به من الجالية اليمنية مقارنة بحجم المسرح الكبير بالأوبرا.
قَبْل فتح الستار: مَن هو المايسترو/ محمد القُحُوم (مؤلف هذه المقطوعات السيمفونية التراثية)؟
هو محمد سالم القُحُوم، مؤلف موسيقي يمني، ولد في مدينة تريم بمحافظة حضرموت، وهو مؤسس ومالكٌ لشركة واستديوهات (صدى الإبداع) في اليمن، ومكتبها الرئيسي في دولة الإمارات العربية المتحدة.
حاصل على درجة البكالوريوس في الهندسة المدنية في جامعة حضرموت بالجمهورية اليمنية، وتلقى العديد من الدورات الموسيقية في المعهد الوطني للموسيقى في العاصمة الأردنية عَمَّان، وتدرب على يد الدكتور/ محمد سعد باشا (رئيس قسم التأليف والقيادة بمعهد الكونسرفتوار، والمايسترو بدار الأوبرا المصرية)، والدكتور/ أيمن الشعراوي (دكتور في جامعة حلوان، كلية التربية الموسيقية).
والقُحُوم يعمل في المجال الموسيقي بصفته مؤلفًا منذ عام 2004م، وقد ألف العديد من الأعمال الموسيقية المعروضة في عدد من القنوات الفضائية والإذاعية، ويَنْشُر معظمَ أعمالِه في قناته على موقع (اليوتيوب) باسم (صدى الإبداع – Sada Alebda)، ليحصد ملايين المشاهَدات.
ومن أهم أعماله: (صناعة الهويات الموسيقية والموسيقى التصويرية: لكل من الأفلام، والمسلسلات التليفزيونية، والإعلانات، والبرامج التليفزيونية)، وهو متعاون فنيًّا مع مجموعة من المطربين والفنانين والمشاهير في الوسط الفني.
يتبنى الآن فكرة مشروع (السيمفونيات التراثة)، ويتولى تأليف المقطوعات وقيادة الفرقة الموسيقية، تم تنفيذ أول حفل له في هذا المشروع عام 2019م بالعاصمة الماليزية/ كوالالمبور، حيث ضم الحفل قرابة (90) عازفًا مِن كُلٍّ مِن: (أوزبكستان، والصين، وماليزيا، والهند، واليابان)، بالإضافة إلى عازفين من اليمن على آلات تراثية يمنية، وقد نال الحفلُ رواجًا كبيرًا في الوسط الإعلامي العربي آنذاك، وحصدت تلك المقطوعات ملايين المشاهدات، عبر الفضائيات واليوتيوب، كما تناولها عدد من النقاد الموسيقيين بشيء من الإشادة والثناء.
بدأ فتح الستار في تمام الساعة الثامنة والنصف مساءً تقريبًا، على الأروكستراليين بمختلف آلاتهم الموسيقية المصرية واليمنية والعربية عمومًا، أهمها الآلات الموسيقية التراثية (اليمنية والمصرية) الآتية (حسب الترتيب الأبْتَثي): (الخلخال أو الحجل)، (الدَّنْبَق)، (الربابة المصرية)، (السمسمية)، (الصحن)، (الطار)، (الطاسة)، (الطُّوْرْبِي أو القَمْبُوس)، (العود)، (القانون)، (المَدْرُوف)، (المِرْوَاس)، (المزمار المصري)، (المزمار اليمني)، (الهاجر).
بدأ الحفل بالعزف بالنشيد الوطني اليمني، ثم العزف بالنشيد الوطني المصري.
ثم كلمة مؤسسة حضرموت للثقافة، راعية الحفل، ألقتها عنها الدكتورة/ تقوى العَبْد، تحدثت فيها عن سياسة المؤسسة الثقافية ورعايتها المستمرة لفعاليات كهذه، وللمبدعين بشكل عام، وللتراث اليمني من أقصاه إلى أدناه، واهتمامها بالتنمية الثقافية التي لا تقل أهمية عن التنميتين الاقتصادية والاجتماعية، وأن هذه المؤسسة ترتكز على كوادر قيمة جدًا كلٍّ في مجاله وخصوصًا الأدب والمسرح والموسيقى، وترسم خارطةً ثقافية على الْمَدَيَيْن القريب والبعيد.
وتطرقت العَبْد إلى نبذة عن هذه (السيمفونيات التراثية) التي حملت في طياتها رسائل مستوحاةً من عراقة التراث الفني اليمني إلى كل العالم، وأنها نابعة من تمازج الثقافتين اليمنية والمصرية. مضيفةً أنه لشرف أن تقوم هذه السيمفونية على الأرض المصرية، حيث المجد والحضارة، وبهذا تجدها تقوى فرصةً لتتقدم في منتهى كلمتها بالشكر الجزيل لمعالي وزيرة الثقافة المصرية الدكتورة/ إيناس عبد الدائم، ولكل مصري أسهم في إنجاز هذا العمل، كما تقدمت بالشكر الجزيل لوزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمنية السيد/ معمر الإرياني، ولرئيس مجلس إدارة دار الأوبرا المصرية الدكتور/ مجدي صابر.
ثم تلتها كلمة وزارة الإعلام والثقافة والسياحة اليمنية، ألقاها وزيرها الأستاذ/ مُعَمَّر الإرياني، الذي رَحَّب فيها بالحاضرين جميعًا شخصياتٍ عامةً وخاصةً، وجميعَ الحضور الكرام.
وقال: “إنها لسعادة غامرة أن تكون السيمفونيات التراثية (نغمٌ يمني على ضفاف النيل) في القاهرة عاصمة الفنون، وذلك بتدشين أول عمل ثقافي مشترك بين وزارة الإعلام والثقافة والسياحة اليمنية و(مؤسسة حضرموت للثقافة) بالتعاون مع وزارة الثقافة المصرية، ليكون باكورةَ إعادة الاعتبار للموروث الفني اليمني المتنوع، لإظهار الوجه الآخر الباسم لليمن المتطلع إلى الأمل، ذلك الوجه الذي عُرِف به اليمني على مر العصور، قبل أن يتعرض مؤخرًا للتشويه بفعل آلة الحرب الطاحنة التي أدت إلى الفتنة والاقتتال”.
وأضاف الإرياني أن الإنسان اليمني حرص دائمًا على تقديم اليمن بصورة باذخة الجمال من خلال فنه العذب المتمثل في الإبداع والصوت والعزف بأوتار يمنية خالصة.
مضيفًا أن اليمن قدمت عمالقة الفن في الغناء والموسيقى، وحدَّثَت فيهما، وما زالت تُقَدِّم وتُحَدِّث، وهذه الفعالية تصب في هذا المضمار، وهي إحدى فعاليات كُثْر.
وقال: “ورغم الحرب التي أرهقت الفن والفنانين إلا أن الروح الفنية للإنسان اليمني أصرت على انتصار صوت القوة الناعمة باللطف على صوت القوة الناعقة بالعنف”.
ثم ختم كلمته بشكره لوزارة الثقافة المصرية ممثلة بمعالي الوزيرة الدكتورة/ إيناس عبد الدائم، ولإدارة دار الأوبرا المصرية ممثلةً بسعادة الدكتور/ مجدي صابر، على هذه الاستضافة، كما تقدم بالشكر لمؤسسة حضرموت للثقافة التي كان لها الدور الأبرز في إقامة هذه الفعالية الرائعة، كما شكر مؤلف هذه الزخم السيمفوني التراثي المايسترو/ محمد القُحُوم، الذي استوحى مقطعوعاته من التراث الفني اليمني ليجعله في قالب فني معبر ومؤثر، كما طال شكرُه كل الجهات الداعمة والراعية والمتعاونة جميعِها، وكلَّ الحاضرين الذين لَبَّوا دعوات الحضور، واعتذر في ختام كلمته لكل من لم يتمكن من دعوته وعن عدم تمكنه من توفير الدعوات لكل الجمهور المتعطش لرؤية اليمن تبتسم.
ثم فُتِح الستار على العازفين اليمنيين والمصريين، وأوركسترا أوبرا القاهرة، ثم دخل المايسترو/ محمد القُحُوم، ورحب به الحاضرون ترحيبًا يليق بتألقه.
ثم بدأت المقطوعات بالعزف:

المقطوعة الأولى: (الكاسر – بحر الغريب):
بدايةً تم الترحيب بالنَّهَّام وعازف السمسمية الفنان/ جاسم خير الله، وبعازفة البيانو/ أبرار الحناني.
والمقطوعة مستوحاة من التراث الساحلي البحري في حضرموت المعروف باسم (الكاسر)، وهو يُؤَدَّى أثناء خوض الصيادين لُجَّةَ البحر، بإيقاعات الدفوف والدنابِق، مُصْطَحِبِين معهم (النَّهَّام) المؤدِّي للأهازيج التراثية البحرية التي منها:
هُوْل يا الله
هُوْل يا الله
فيردد معه رواد البحر على أنغام (السمسمية) التراثية البحرية، وقد تم تأليف جملٍ جديدة من لون (الكاسر)، وتوزيعها، ووضعها في قالب أوركسترالي مليء بالمشاعر والخيال الموسيقي، مع بعض الثنائيات (الدُّوِيْتُوهات) في هذه المقطوعة بين (السمسمية) و(البيانو) لإضفاء نوع من الحداثة مع مقاطع كورال وصوت (النَّهَّام) البحري، إضافة إلى خطوط الآلات الأوركسترالية.

المقطوعة الثانية: (العِدَّة – الحرب والسلام):
بدايةً تم الترحيب بعازف العود المتميز وضيف الشرف لهذه الاحتفالية المطرب/ أحمد الشيبة.
والمقطوعة مستوحاة من رقصة (العِدَّة) الحضرمية، وهي لوحة شعبية راقصة مكونة من رقصتين: تتميز الأولى بالطابع الحربي، والأخرى بالطابع السلمي، وهي من الرقصات الأكثر شعبية، وتمارَس في معظم المناطق الحضرمية لمناسبات متعددة، وخصوصًا في المناسبات الدينية والوطنية والشعبية، حيث ينطلق الراقصون في رقصة (العِدَّة) من منازلهم إلى ساحة اللعبة، وكل منهم يحمل عدته الحربية المتمثلة في عصا (عود) وترس (درقة)، وأحيانًا سكين (خنجر)، ويرتدي ملابسه المحددة لذلك، وتتميز هذه الرقصة بأنها رقصة جماهيرية، يشارك فيها أعدادٌ كبيرة في صفوف متتالية، وتنتهي بإقامة رقصة (الشبواني) الساحلية، التي تتصف بالسلم والتعاضد والوحدة، من خلال حركاتها المعبرة عن ذلك باشتباك الأيدي بين الراقصين.
تتناول مقطوعة (الحرب والسلام) رقصةً من زاوية أخرى، وفي لوحة معبرة برؤية موسيقية جديدة سُخِّرت فيها الآلات الأوركسترالية لخدمة فلسفة المؤلف للمقطوعة مع الاحتفاظ بروح لحن (العِدَّة) التراثي وهويته.

المقطوعة الثالثة: (خَطَرْ غُصْنَ الْقَنَا):
بدايةً تم الترحيب بضيف الشرف مدير (المركز الثقافي اليمني) بالقاهرة عازف العود المطرب/ حسين مُحِب، بآلته (الطُّوْرْبِي أو القَنْبُوس)، وبعازف المزمار اليمني/ عبد الله جُمعان، وبالفنانة عازفة التَّنَك المعدني.
والمقطوعة مستوحاة من أغنية صنعانية تراثية اسمها (خَطَرْ غُصْنَ الْقَنَا)، ومطلعُها:
خَطَرْ غُصْنَ القَنَا
وارِدْ على الْمَا نَزَلْ وادي بَنَا
وِمَرِّ جَنْبِي


وباجْفانِهْ رَنا
نَحْوِي وصَوَّب سِهامِهْ واعْتَنَى
وصابْ قَلْبِي


أنا يا بُوْيَ أنا
وهي من كلمات الأستاذ/ مطهر الإرياني، وألحان المطرب القدير/ علي بن علي الآنسي، وهي في أصلها مستوحاة من قصة حُب حدثت بين حبيبين في إحدى المناطق الوسطى من اليمن، ومِن وحي هذه القصة جاءت كلمات الإرياني وألحان الآنسي، وتميزت هذه المقطوعة باستخدام العود اليمني القديم (الطُّوْرْبِي أو القَنْبُوس)، والمزمار اليمني، واستخدام إيقاع الدسعة الصنعاني، وهو إيقاع قديم له أكثر من (500) عام، يتكون الإيقاع من الصحن والتَّنَك المعدني الصنعانيَّين، بالإضافة إلى الإيقاعات الشعبية اليمنية، لتُعْرَض في قالَب أوركسترالي مع تأليف جمل موسيقية جديدة استخدمت فيها آلات التخت الشرقي (ناي، قانون، عود، كَمَنْجَة)، وتعبِّر مقطوعة (خَطَرْ غُصْنَ الْقَنَا) عن لون تاريخي صنعاني عريق وأصيل.

المقطوعة الرابعة: (اليَنْبُعَاوِي):
بدايةً تم الترحيب بعازف السمسمية الفنان/ جاسم خير الله مجددًا.
والمقطوعة مستوحاة من لون غنائي سعودي من مدينة يَنْبُع، يتم استخدامه كثيرًا في مدن الساحل اليمني، وفي مدن السواحل المصرية أيضًا، يستخدم في الفن اليَنْبُعاوي آلة (السمسمية) البحرية، وصوت الموَّال البحري، ويتميز هذا اللون بإيقاعه الحركي الجميل. ويُعَدُّ هذا اللونُ مثالاً واضحًا لتمازج الألوان الفنية وتقاربها بين الشعوب، ويأتي إنتاج هذه المقطوعة تقديرًا للعلاقة المتينة بين الجمهورية اليمنية والمملكة العربية السعودية، وارتباطهما بالعلاقة المتينة مع جمهورية مصر العربية.

وبين المقطعوعتين الرابعة والخامسة: تم الترحيب بالفنانة اليمنية الشعبية القديرة/ فريحة حسن ملوك، التي كانت من قبل إحدى فريق كورال لدى الفنانة اليمنية القديرة/ نبات أحمد، وهي رسالة أراد المايسترو/ محمد القُحُوم أن يرسلها إلى العالَم بأن الفن اليمني يجري في العروق، فجَسَّدَ بهذه الفنانة ما يكون من فن شعبي نِّسَوي عريق وجميل، واختزل في فريحة ملوك -التي تألقت بزخات من الفرح على أفئدة المتابعين جميعًا- ما يكون في المرأة من جمال داخلي رغم الآلام، وهي لفتة إنسانية معتبَرة من القُحُوم في استضافة إحدى الفنانات اللاتي تعثرت بهن السُّبُل، وجار عليهن الزمن، ومن أهل تهامة الخير، وبيت الفقيه خصوصًا، ليجعل منها منارةً يُحتذى بها في الصبر وزرع البسمة، وقبل أن تصعد إلى المسرح تم عرض فيديو تسجيليٍّ لها من دُكانها الحديدي الصغير في العاصمة اليمني صنعاء وهي تغني أعذب الألحان، ثم دخل بها القُحُوم ماسكًا بها إلى خشبة المسرح لتعزف لنا وتُمْتِعنا بأجمل صوت وأحلى نغم على آلة الصحن المحلي، وما يصدر من القلب يصل إلى القلب.

المقطوعة الخامسة: (مَدْرُوف الأصالة):
بدايةً تم الترحيب بعازف البيانو الفنان/ أدهم الضبيبي، الذي فاز في مسابقة (نغم يمن).
والمقطوعة مستوحاة من اللون الغنائي لرقصة (الزِّرْبادي) والذي يُعَدُّ من أقدم الفنون التقليدية في وادي حضرموت، ويتميز أداؤه بآلة الْمَدْرُوف الدافئة، كما يُعَدُّ من أقدم الفنون التقليدية التي تشتهر بها مناطق وادي حضرموت، وتقام غالبًا في مناسبات الزواج، وفي الساحات العامة، وفي أفنية المنازل، يقوم في (الزِّرْبادي) راقصان أو أكثر بالرقص وسط الحلبة بأسلوب متقَن ومنظَّم، حيث تتكون فرقة (الزِّرْبادي) من عازف آلة القصبة الهواية (الناي المحلي) يرافقه إيقاعيو (الهاجر، وثلاثة مراويس) تتجاوب فيما بينها بتراكيب وتقسيمات دخلية، في تناغم عمودي جعل الباحث الموسيقي الألماني (Jurgen Elsner) يصفها بالنوع (البولوفوني) الذي يُعَدُّ من أروع الإيقاعات في عالَم الموسيقى التقليدية، وللزِّرْبادي الكثير من الألوان، كالمدخل والمخرج، وهو ما تم تناوله في هذه المقطوعة؛ إذ تم تأليف الجُمل اللحنية للمقطوعة بروح جديدة، تَنُمُّ عن أصالة الموروث التقليدي في توافق ملحوظ مع الجُمل والخطوط الأوركسترالية.

المقطوعة السادسة: (على مْسِيْرِي):
بدايةً تم الترحيب بعازف المزمار اليمني/ عبد الله جُمعان مجددًا.
والمقطوعة مستوحاة من أغنية (على مْسِيْرِي)، حيث تَغَنَّى بها المغنون في أعراس أبين، وتعز، وحَجَّة، والحديدة، وشبوة، وصنعاء، وعدن، ولَحْج، وفي كل مناطق الجمهورية.
وأغنية (على مْسِيْرِي) واحدة من أجمل ألوان التراث العدني، وقد اشتهرت بصوت الفنان القدير/ محمد مرشد ناجي، ومطلعُها:
على مْسِيْرِي، على مْسِيْرِي
ألا بسم اللهِ الرحمنْ


على مْسِيْرِي، على مْسِيْرِي
ولا مُوْذِي ولا شيطانْ


ألا يا مَرْحَبَا بِشْ وِبِهْلِشْ
وبالْجَمَلْ ذِيْ رَحَلْ بِشْ
على مْسِيْرِي، على مْسِيْرِي
خَطِيْ في دَرَا جَهْلِشْ
تُغَنَّى (على مْسِيْرِي) أثناء زَفِّ العروس إلى بيت عريسها في أبهى حلتها، تزينها عقودُ الفل ونقوش الحناء، وتصحبها إيقاعات شعبية يمنية مع العود الذي يُعْزَف بالأسلوب اليمني المتميز. ولقد تمت إضافة مقاطع من الأهزوجة على شكل جُمل لحنية بسيطة مع المزمار اليمني التراثي، واستخدامُ صولوهات للناي والقانون، وعرضُها في قالَب موسيقي أوركسترالي حديث بديع.

المقطوعة السابعة: (لَيْلَ دان):
بدايةً تم الترحيب بعازف المزمار المصري/ سيد الحسين، وعازف الربابة المصرية ومؤدي الموَّال المصري/ فكري القِناوي، ومؤدي البالَة الصنعانية الفنان/ عبد الرحمن السماوي، ومؤدي الدان الحضرمي الفنان/ حسن علي بامليص.
تُعَدُّ هذه المقطوعة من أجمل المقطوعات التي قُدِّمت في هذه السيمفونية، وهي مقطوعة حركية سريعة تُعَبِّر عن التقارب والتعايش بين البلدين (اليمن، ومصر)، تبدأ المقطوعة بـ(الموَّال المصري) مع الربابة المصرية، ويتجاوب معه (الموَّال اليمني)، مع العود الذي يُعْزَف بالأسلوب الغنائي (الهنك) اليمني. حيث تتعانق الألحان بين اليمن ومصر في (ليل دان)، وهو تَراقصٌ موسيقي بين (المزمار اليمني والمزمار المصري)، وبين (الطبلة المصرية والبَرَع الصنعاني)، و(الربابة المصرية) ترسم لوحة موسيقية بديعة.
والمقطوعة عبارة عن جُملة موسيقية مفعمة بالروح اليمنية، مع إعطاء مساحة للعازفين المصريين واليميين للعزف الحر، حيث تتناغم الإيقاعات المصرية في مواضع معينة وبنفس الزمن الإيقاعي (الرتم)، تدخل الإيقاعات اليمنية بشكل سلس في تعبير عن مدى الانسجام بين البلدين. وأبطال هذه المقطوعة: (العود اليمني، والمزمار اليمني، والمزمار المصري، والربابة المصرية، والموال اليمني، والموال المصري، والإيقاعات اليمنية والمصرية).

المقطوعة الثامنة: (مزمار الْهَبِيْش):
المقطوعة مستوحاة من (رقصة الهَبِيْش)، وتمتاز بصوت المزمار التقليدي، ورنين (الخلخال أو الحجل)، وتُطلق عليها تسمية (الشرح الساحلي البدوي) لكونها لا تؤدَّى إلا في المدن والأرياف الساحلية من حضرموت، وتصاحب الرقصة آلةُ المزمار التقليدية، إضافة لاعتمادها على حركة الرِّجْل الواحدة، من خلال الضرب بها على الأرض، والتصفيق بالأكف، في حوار إيقاعي متناغم مع أصوات الخلاخيل الفضية التي تُزَيَّن بها أقدام النساء المشاركات، وتتميز (رقصةُ الهَبِيْش) بعذوبة ألحانها، وخِفَّة زمنها الإيقاعي المعروف بـ(C) مقسوم، وتتصف جُمَلُها اللحنية بصيغة تأخر النَّبْر.

المقطوعة التاسعة والأخيرة: (وَطَن):
ثُمَّ تَمَّ إنهاء الحفل بمقطوعة تاسعة وأخيرة بعنوان (وطن)، وذلك بعد كلمة مقتضبة لمؤلف المقطوعات المايسترو/ القُحُوم، سنسردها لكم في المنتهى.
بدايةً تم الترحيب بعازفة البيانو/ أبرار الحناني مجددًا، وعازف البالَة الصنعانية/ عبد الرحمن السماوي مجددًا، ومؤدي الدان الحضرمي/ حسن بامليص مرة أخرى.
والمقطوعة كانت فكرةَ وزير الإعلام والثقافة والسياحة الأستاذ/ معمر الإرياني، ثم أعاد القُحُوم صياغتها، وهي مزيج من التراثيات والسلام الوطني والأناشيد الوطنية، مستوحاةٌ من النشيد الوطني اليمني في الأساس، في قالب موسيقي أوركسترالي يوحي بالعزة والفخر لحضارة اليمن، وتعبِّر المقطوعة عن مشاعر حزينة لِمَا وصل إليه الوطن، تبدأ المقطوعة بموال متعدد الألوان من الأغاني الوطنية التراثية اليمنية، وبعض الآلات الإيقاعية اليمنية، مثل: (المرافع اليمنية، وطاسة البَرَع اليمني)، مع الآلات الأوركسترالية بعرضٍ موسيقي عسكري وطني.

وقبل مقطوعة (الوطن) الأخيرة، كان الحفل قد اختُتِم بكلمة قائد ومؤلف المقطوعات المايسترو/ محمد القُحُوم، قائلاً: “إن المشروع ما يزال في بداية مشواره، وأن الطريق لا يزال طويلاً”، وتمنى القُحُوم أن يكون قد توفق في نقل ولو صورة مبسطة جدًا عن بلدنا اليمن التي هي بأمس الحاجة إلى بصيص أمل، وأن ما قدَّمه اليوم يُعَدُّ ألوانًا بسيطة جدًا من موروثنا اليمني الفني الزاخر والمتنوع.
ثم تقدم القُحُوم بعبارات الشكر التي أرسلها إلى وزارة الإعلام والثقافة والسياحة اليمنية متمثلة في معالي الوزير الأستاذ/ معمر الإرياني، حيث كان متابعًا بشكل شخصي لهذه الحفلة، وتقدم بالشكر لوزيرة الثقافة المصرية الأستاذة/ إيناس عبد الدائم، وقال إنها منذ البداية كان انطباعها كان جميلاً جدًا، وأعطتهم طاقة إيجابية، وتمنى أن تكون حاضرةً الحفل، وقال: “إن الوسط الموسيقي محظوظٌ بهذه الدكتورة”، كما شكر دار الأوبرا المصرية متمثلة في معالي الدكتور/ مجدي صابر، وكل الجهات المصرية التي تعاونت مع المشروع، كما شكر كل العازفين معه، وأوركسترا أوبرا القاهرة، والكورال المصاحب للسيمفونية، وكل الإداريين والفنيين والمستشارين، ومهندسي الديكور، ومهندسي الإضاءة، ومهندسي الصوتيات، وشركة الإخراج والنقل، وكل الإداريين في دار الأوبرا المصرية.
وقال القُحُوم: “إننا منذ بداية المشروع ونحن نشعر وكأننا بين إخواننا وأهلنا، من الحفاوة التي وجدناها منهم”، وتقدم بالشكر لفريق عمله الجميل والإداري، من الهمة والإخلاص والوفاء وكأنه يرى يمنًا سعيدًا آخَر بهؤلاء الشباب الذين لولا الله ثم هم لما رأينا ما رأيينا، حيث كانوا مُضَحِّيين جدًا للفكرة ولأجلها بالغالي والنفيس، وشكر كل القائمين على السوشيال ميديا، وعلى تصميم الدعوات، كما شكر كل من نصح ووجه؛ فالإنسان ليس معصومًا من الخطإ، وشكر كل من ساهم في إنجاح هذا العمل أيًّا كان، كما ختم شكره لـ(مؤسسة حضرموت للثقافة) التي لولا الله ثم هي لما رأينا هذا على أرض الواقع، التي ما فتئت تشتغل في هذا المجال لكل الوطن اليمني.
وقال في ختام حديثه: أنه مبسوط حينما رأى أباه وهو موجود بين الحضور، حيث رحَّب به ورحَّب بكل الحضور الذين قال لهم: “يا حيا بكم ويا سهلا بكم”.

وفي الختام وقبل أن أنهي هذا التقرير المفصل أقول: رغم الانتقادات الطفيفة التي طالت مشروع (السيمفونيات التراثية) سواءٌ كانت في الفكرة، أم في التأليف، أم في الأداء، أم في التمويل، أم في الجمهور، أم في التقنِية، أم في الدعوات، أم في غير ذلك من الانتقادات، والتي لا تعدو أن تكون انتقادات مُحِبٍّ بغيةَ الوصول إلى الأفضل، رغم ذلك إلا أن المشروع كان ناجحًا بكل المقاييس، وقد أحيا في قلوب اليمنيين الفرحة بعد أن غابت عن قلوبهم سنين طوالاً، ولا ينكر ذلك إلا حاقد أو حاسد أو جاحد، ولقد أعجبني أنا شخصيًا شيئًا ملفتًا وهو توزيع المقاعد بصورة عشوائية، حيث أضفى على الحفل روحَ الشعب الواحد بلا تفريق بين شخص وآخر ورئيس ومرءوس، فقد جلس في الصفوف الأمامية عامة الشعب، وجلس في الصفوف الخلفية مسئوليه، لا فرق بين يمني ويمني إلا بالولاء لله ثم للوطن.
وفي منتهى هذه السيمفونية التراثية الكبيرة اجتمع الجميع لالتقاط الصور التذكارية المعبِّرَة عن روح التآخي بين جميع أفراد المجتمع اليمني والمصري، جماعاتٍ ووحدانًا، داخلَ المسرح الكبيره وخارجَه.

وبالله التوفيق والتفوُّق.

التعليقات مغلقة.