موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

الشك و سوء الظن بقلم محمد دكروري

207

الشك وسوء الظن


بقلم / محمــــد الدكــــرورى

من الأمراض الخطيرة التي ابتلينا بها في هذا العصر مرض الشك والريبة، ودخول الشك الاعتقادي والضعف الإيماني والريب إلى النفوس والقلوب ، إن الشك هو التوقف في الأشياء اليقينية المسلم بها، وعدم القطع فيها، وريبة النفوس منها، وإدخال الشكوك إليها، وهذا المرض الخطير دب إلى نفوس الكثيرين منا، وتمكن من قلوبهم ودخل إلى صدورهم، وصار أساس الاعتقاد عند بعضهم بهذا المعتقد الفاسد المرتاب.

ولقد ذم الله الشك والريب وكلاهما بمعنى متقارب لأن الريب ينبعث من قلق النفس واضطرابها فيتبع ذلك من ضعف الإيمان في النفوس وعدم اليقين بالله واليوم الآخر الشيء الكثير ، وذكر الله عز وجل أنه لا يهدي أهل الشك والريب ولا يوفقهم للاستقامة والثبات .

وإن الشك والريب ذكرهما الله عز وجل في كل الآيات في القرآن الكريم مقترناً بأهل الكفر والطغيان، وبيّن أنهم أهل شك وريب، فقال عنهم أنهم قالوا لأنبيائهم: (وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ) وقال: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ) سورة هود .

فهذه الآيات كلها وصفٌ لذلك النوع من الشك الذي يقض المضاجعَ، ويجعل أصحابَه في حيرة من أمرهم، ويوقعهم في اضطراب وقلق، وكل ذلك متَّسقٌ مع المقام الذي يتحدَّث عن أولئك المشككين، الغارقين في الحيرة، والواقعين في قلق واضطراب من أنفسهم، وهو حال أغلب المشركين والكفار لذلك جمعت الآيات بين الأمرين ، الشك والريب ، لأنهم جمعوا بين الأمرين: الشك الذي يدل على التردد وعدم اليقين، والريب الدال على التخبط والاضطراب والتكذيب والاتهام .

بل لو لاحظتم في القرآن لوجدتم أن الله عز وجل يؤكد على المسائل العقدية الكبرى التي يجب الإيمان واليقين بها بقوله: (لَا رَيْبَ فِيهِ). فحينما حدثنا في بداية سورة البقرة عن القرآن قال: (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ) .

وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: بعثَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في سرية، فصبَّحْنا الحُرَقات من جُهينة، فأدركتُ رجلًا فقال: لا إله إلا الله، فطعنتُه، فوقع في نفسي من ذلك، فذكرته للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” أقال: لا إله إلا الله، فقتلتَه؟ ” قال: قلتُ: يا رسول الله، إنما قالها خوفًا من السلاح، فقال: ” أفلا شقَقتَ عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا؟! ” فما زال يكررها عليَّ حتى تمنيت أني أسلمتُ يومئذ .

ومن الأسباب التى تؤدى الى الشك هىأ ن ينشأ المرء في بيئة معروفة بسوء الخلق، ومنه سوء الظن، سواء أكانت هذه البيئة قريبة ، ونَعني بها البيت ، أو بعيدة ، ونعني بها الأصدقاء فيتأثَّر بها، ولا سيما إذا كانت في مرحلة الحضانة أو البناء والتكوين، ولما يصلب عوده ويحصَّنْ بعدُ ضد هذه الأخلاقيات، وتلك السلوكيات، وحينئذ يصاب بسوء الظن، ولقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أثر البيئة على الإنسان عندما قال: ” ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يُهوِّدانه أو ينصِّرانه أو يمجِّسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة، هل تُحسُّون فيها من جدعاء؟!

أو كأن ينشأ تنشئة غير صالحة، فيقع كثيرًا في المعاصي والسيئات حتى تورثه تلك المعاصي وهذه السيئات سوء الظن بمن ليس أهلًا لها، ويصبح ذلك مظهرًا من مظاهر سوء النية، وخبث الطوية .

ولكن يجب علينا بناء العقيدة السليمة القائمة على إحسان الظن بالله وبرسوله، والمؤمنين الصالحين؛ فإنَّ هذه العقيدة تحرسنا من أن نظن السوء بالآخرين من غير مبرر ولا مقتضًى، ولو وقع منا فإننا نبادر بالتوبة والرجوع إلى الله تبارك وتعالى ، وكذلك التربية على تغذية هذه العقيدة بما يثبتها في النفس وينميها؛ وذلك بترك المعاصي والسيئات، والمواظبة على فعل الطاعات وأعمال البر؛ فإنَّ التربية بهذه الصورة تجعلنا نتورع أن نقع في سوء الظن بمن ليس له أهلًا، وإن وقعنا فالتوبة والندم.

وكذلك التنشئة على الالتزام بآداب الإسلام في الحكم على الأشياء والأشخاص؛ من: الاعتماد على الظاهر، وترك السرائر إلى الله وحده الذي يعلم السر وأخفى ، ومجاهدة النفس وقمع الهوى والشهوات، حتى تعرف النفس أنه ليس من السهل توجيه تهمة لأحد من الناس، لمجرد ظنٍّ أو تخمينٍ لا دليل عليه ولا برهان، وما في الدنيا شيء أعظم من أن يكون هوانًا؛ تبعًا لما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وكذلك تجنب الوقوع في الشبهات، ثم الحرص على دفع هذه الشبهات إن وقعت خطأ، أو عن غير قصد ويجب علينا دوام النظر في كتب السيرة والتاريخ، ولا سيما تاريخ المسلمين؛ فإنها مليئة بصور حية عن الظن السيِّئ وآثاره، وطريق الخلاص منه، بحيث يسهل على النفس التخلص من هذا الداء ، والتذكير الدائم بعواقب سوء الظن في الدنيا والآخرة، وعلى الفرد والجماعه ، فإنَّ الإنسان كثيرًا ما ينسى، وعلاج هذا النسيان يكون بالتذكير، كما قال سبحانه: ﴿ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ .

التعليقات مغلقة.