الصخره
بقلم محمد كسبه
جلس في نفس المكان المحبب إليه علي تلك الصخرة التي إعتاد الجلوس عليها و الحديث إليها و التدقيق في ملامحها فهي أحن عليه من الأقارب و الرفاق ، لا تمل منه ، لا تختلف معه ، لا تتلون مثل البشر ، تستوعبه بكل همومه و آلامه ، يشكو إليها دائما ؛ فيجد الرد حاضرا في ذهنه بعقلانية و بهدوء .
جلس كعادته يراقب البحر و الأمواج الهادئة و غروب الشمس ، مستمتع جدا بصوت تلاطم الأمواج علي الرمال .
لا شئ يشغل ذهنه سوي الهدوء و سحر جمال الطبيعة .
فجأة لفت إنتباهه صوتها ، ضحكتها و ملابسها الخفيفة و رشاقة جسمها و شعرها الذي يطير في الهواء كانت تجري حافية القدمين و هو خلفها يحاول الإمساك بها و كلما أمسكها تفلت نفسها ، صوت الضحك و الكلام الممزوج بمشاعر الحب يوقظ الأحاسيس التي تناساها من زمن ، إستلقت علي الرمل و إستلقي بالقرب منها إحتضنها و قبلها و تهامسا معا ثم ساد الهدوء و بعد دقائق جلسا علي الشاطئ و الموج يداعب اقدامهما و تبادلا الحديث
بحبك بحبك بموت فيكي تميل رأسها علي كتفه و تهمس بحبك إنت حياتي
_ حبيبتي أنا حظي حلو جدا ، تخيلي أنا لقيت و ظيفة .
_ وظيفة إيه
_ مندوب مبيعات في شركة أغذية ، هي وظيفة و السلام لكن أنا طموحي كبير جدا ، المهم إني أقدر حالا اتقدم و أخطبك ، كل مشاكلنا هتتحل و أحلامنا هنبدا نحققها مع بعض .
تنظر إليه بتعجب و تبتسم ؛ فهي تحب أن تعيش اللحظة و تستمع بقدر ما تريد و لا تفكر في أي مستقبل معه ، هو يعدها بالخطوبه و الزواج قريبا بعد أن تحسنت احواله الماديه ، ما زال يحكي و هي تسمتع تتظاهر بأنهامقتنعه بكل افكاره ، تحني رأسها علي كتفه و شعرها الأسمر المموج يغطي وجهه و تقسم له أنها ستظل تحبه طوال العمر و لن يفرقهما إلا الموت .
ظلا يفكران سويا في اسماء ابنائهما هي تريد ان تنجب ولدان و هو يريد بنتان إختلفا و علت اصواتهما و جلسا كل منهم ملتصق بظهر الآخر ثم التفتا لبعض و رددا معا ولد و بنت ثم ضحكا معا ، إرتدت الصندل و هو إرتدي حذاؤه و مشيا سويا واضعا يده علي كتفيها و ذهبا بعيدا حتي إختفيا عنه.
و ما زال هو علي الصخرة يكاد ينشق صدره من الحزن علي فراقها هو إلي الآن يتذكرها رغم السنين و كلما جاء لتلك الصخرة يدور في ذهنه ذلك المشهد و يبكي علي الصخرة التي كانت احن عليه من الدنيا و الناس و احن عليه حتي من حبيبته التي تناست كل الوعود و لم تترد لحظة امام اغراء المال لتتزوج من شاب ثري اعتاد علي الزواج و الطلاق .
نهض واقفا ليودع البحر و الأمواج و الغروب و كلما أرهقته الحياة يعود لصخرته التي احبها وإعتاد ان يأتي اليها لتذكره بالماضي
التعليقات مغلقة.