الطابور بقلم/ حسن غريب

الطابور بقلم/ حسن غريب

فجأة و بدون مقدمات أو إشعارات تحول الطابور شبه المنتظم إلى هرج و مرج و فوضى و تعالت الصيحات و أختلطت الأجساد و تلاحمت ،
وتحولت المسام الضيقة على الوجوه إلى صنابير ينهمر منها العرق بغزارة .
لم أعد أفهم شيئاً لم أعد أشعر بشئ . العيون تشع منها الحرارة ،و الملابس تشتعل،والأجساد كالمعادن تنصهر .
كنت فى المقدمة.
لم تبق سوى خطوات قليلة و أصل .
عيناىَّ تتشبثان بالحائط .
لكنهم جذبونى للخلف.
قاومت وبكل إصرار تشبثت يداي بالحائط.
ازدادت قوتهم
وازداد عددهم .
الحائط أملس ناعم. الحائط يدفعنى وهم يسحبوننى للخلف. مزقوا ملابسي .
انهرت وسقطت ،
وفقدت المقدمة . ذبت بين ضلوعهم . القيت بنفسي خارج الطابور .
لا أدرى ما الذي حدث.
كان شيئاً طبيعياً أن أكون فى المقدمة .
أحدهم خرج من الطابور .
قال إنه آخر صندوق. ثم بدأت المعركة . الكل يريد أن يأخذ نصيبه من الصندوق الأخير ،قبل الأخرين .
هناك من يقف خلف الحائط المرتفع .
ينهر الجموع و يقسم ألا يبيع .
الكل يلتزم ،والكل ينتظر.
شخص يخرج من الباب الخلفى.
ليس من أبناء الطابور .
مهندم الملبس.
لا تتساقط من وجهه حبات العرق . لكنه يحمل الصندوق الأخير .