موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

الطبيب الذي فجع باستشهاد طفله .بقلم.فادية حسون

211

الطبيب الذي فجع باستشهاد طفله .بقلم.فادية حسون

قصة الطبيب الذي فجع باستشهاد طفله أثناء عمله في المشفى ..
لقد صغتها بأسلوبي الخاص بعد أن جمعتُ بعض المعلومات .. لكنني كتبتها على لسان الأم المفجوعة ..
أتمنى أن أكون قد وُفّقت ..

كانت ٱخرُ قطرةٍ من زيتِ الزيتون قد أرقْتها ليلةَ الأمس فوقَ رغيفٍ يابسٍ تمكّن العفنُ من فرض سيطرته عليه خلالَ سبعة أيام من الحصار .. فأسكتُّ به أنينَ معدتي المتضوّرةِ جوعًا ..
لكن و في صباح هذا اليوم حاولت استجماع ذاكرتي المشتّتة وتساءلت في نفسي أين أستطيع أن أجد شيئا ما يأكله صغيري يوسف الذي استيقظ جائعا في يومٍ نضبت فيه كل مؤونةُ المنزلِ من خضارٍ وخبزٍ ومواد تموينية ..
ارتديتُ ملابسي على عجلٍ ، بعد أن برقت في ذهني فكرةٌ كنت قد تردّدتُ كثيرا قبل أن أنفّذَها .. أوصدتُ باب المنزل بالمفتاح بعد أن وعدتُه ألا أتأخّر .. وهرعتُ بكل مايحمله قلب الأم من عاطفةٍ ولهفة ..طرقتُ باب جارتنا أمّ محمود عدة مرّات ، لكن مامن مجيب .. فاتجهت إلى بيت أمّ مقداد الذي يقع في نهاية الشارع الخلفي ،وبعد التحية المتسربلة بلهاثي الشديد وصوتي المتقطع ، سألتُها إن كان لديها ماأُطعم ولدي يوسف .. فأومأت بالإيجاب .. وناولتني بعض الطماطم والخبز ، بينما كنت أحاولُ بتر إجاباتي عن أسألتها المتلاحقة، والتي تصبّ كلها في خانة الاطمئنان عن أوضاعنا الأمنية .. كنتّ أرد أوتوماتيكيا بلساني ، لكن عقلي كان عالقًا هناك ، وراء ذاك الباب المقفول ، حيث تركتُ يوسف وحده ..
التقطتُّ الطعام بيديّ واتجهتُ نحو الحي راكضة ، كمن يطاردُ لصّا سرق شيئا عزيزا وهرب ..
لكن صوتَ انفجارٍ كبير جعلني أجمد في مكاني وكأن صاعقة من السماء قد مسّتني فشلّت حركتي عن المضي أماما ..
زاد الخفق في قلبي المضطرب أصلا ، سحابةُ من الدّخانِ والغبار حجبتِ الرّؤيةَ عنٌي .. لكنّني أيقنتُ أن هذه الكتلة النارية تجمعت فوق بيتنا .. بدأتُ أصرخ بملء حنجرتي :
_ يوسُف .. يوليدي .. يارب تكون بخير .. يوسف يعمري
_ ياناس .. ياجماعة الخير حدّ فيكو شاف طفل صغير هون ..؟!
_ والله يمّا منعرف مين المصابين .. لكن أخدوهم كلهم عالمشفى تكدري تلحكيهم ..

على الفور تذكّرت زوجي أبا يوسف الذي يعسكرُ في المشفى منذ بداية الضربة العدوانيّة .. لاأدري كيف صعدتُ السيارة ، ولم أعِ أنها كانت سيّارةَ الإسعافِ إلا حين سمعتُ صوتَ صافرتها تدوي بطريقة هيستيرية .. لكن لساني كان لايتوقف عن قول :
_ يوسف ..يوسف ..كان جعان ياناس .. تركتو دكايك بس لبين مااجبلو الأكل .. يوسف ياوليدي ماتموت ياروح أمك ..

قفزتُ من سيارة الإسعاف وأنا أصرخُ باسم زوجي الطبيب أبي يوسف :
_ حميد .. حميد .. يوسف ياحميد .. يوسف ضاع مني ..أمانة الله شفلي وينو ..
كان علامات التعب والإرهاق باديةً على زوجي ذي اللباس الأخضر المخصّص للأطباء ، حيث واصل ليله بنهاره في الٱونة الأخيرة ، ووهب كل وقته لإسعاف الجرحى والمصابين ..
هرع أبو يوسف كالمجنون الى الطابق العلوي .. بينما تهالكتُ أنا وجلستُ على أحد مقاعد الانتظار بعد أن خذلتني قدماي عن اللحاق به .. كنت فقط ألهجُ بعبارة واحدة : دخيلك يبو يوسف لاقيلي ابني ..
التصقت شفتاي ببعضهما بعد أن جفّت مياه فمي في حضرة رياح الذعر ..
أغمضتُّ عينيّ قليلا كمن يأخذ قيلولة من حرّ الكون ..لستُ أدري كيف مرّ شريطُ عشرِ سنوات خلال دقيقةٍ واحدة على مخيّلتي التي بدأ باطنُها يتأهّب لفاجعة من العيار الثقيل ..
تذكرتُ.. كم انتظرتُ مجيئه إلى عالمي كي يدحر قهري ويقتصَّ من حرماني من نعمة الأمومة .. وبعد سنين من الصبر جاءنا ليضيءَ قناديلَ حياتنا المعتمة .. وأصبح يوسفُ كلَّ شيءٍ جميلٍ في هذه الحياة …كان وجهُه أبيض مدوّرا كالبدر ليلة التمام فأوحى لنا جماله لنسمّيه ( بوسف ) تيمّنا بالنبي يوسف عليه السلام ..لقد كبر يوسف وأصبح في سن المدرسة .. كنت بقدر فرحي بدخوله المدرسة ، حزينة لأنه سيفارقني ثمان ساعات في اليوم ..

أيقظني من غيبوبتي اللذيذة هذه صراخ أبي يوسف وهو يقول :
_ سيبوني .. اتركوني لوحدي .. أرجوكو اتركوني .. كان يقولها ورائحةُ الفاجعة تتسرّبُ من ذيولِ نبراته .. لأول مرة أرى دموعه .. ركضتُّ نحوه صارخة :
_ تأكد يبو يوسف أبوس إيدك تأكد .. يمكن مايكونش هوة ..
لكن أبا بوسف كان يشيحُ بوجهه عني، كي لاأرى دمعته التي تتدخرج بسموّ على وجه أبٍ مفجوع وهو يحوقل ويسترجع ويحمد الله ..

لقد رحل طفلي المدلل يوسف ..
رحل جائعا ..
رحل خائفا ..
رحل وحيدا خلف باب أغلقتُه بيديّ هاتين ..
ترى ماحجم الذعر الذي اعترى قلبه الصغير لحظة نزول القذيفة ؟!
ترى هل تعذّب قبل خروج الروح إلى باريها ؟!
مع السلامة ياوليدي
مع السلامة ياقرة عيني يايوسف ..
رح نشتكلك أنا وأبوك يايوسف
الله معك ياحبيبي

فادية حسّون.

التعليقات مغلقة.