الطب وسنينه … د.أحمد دبيان
الطب وسنينه
د.أحمد دبيان
منذ خمس وعشرين عاماً تخرجت عبر المسار الرسمى التقليدى طبيبا نطاسيا يحترف الطبابة التقليدية بالمنهج التقليدى
Orthodox Medicine
ومع صقل المهنة احترافيًا بشهادات التخصص المصرية والأوروبية ، و مئات الآلاف من الساعات خبرة فى مداواة المرضى فى تخصص الحالات الحرجة والعناية المركزة .
ومع خراب ساعتى البيولوجية من السهر ليلًا والنوم صباحا بعد النوباتجيات الذى اسلمنى للأرق المزمن ، والذى يجعلنى أصحو بعد ساعتين او ثلاث بنوم متقطع ، اسلمنى لمتلازمة
الاحتراق الكبير
Burn out syndrome
بنزعات اكتئابية وميول انتحارية لولا بقية من ايمان .
وبالطبع مع وجود الخلفيات الوراثية المرسخة لل
Metabolic syndrome
او متلازمة الأيض الغذائى والمؤدية لارتفاع السكرى والكوليسترول وازدياد خطر التعرض للإصابة بالسكتة الدماغية وجلطات القلب .
ومع عدم رضاء المرضى وذويهم عما قدمته من جهد يصل الليل بالنهار تحديثاً لمعلوماتى الطبية ، وقراءة ومتابعة للدوريات ، بل والسهر بجانب حالات بعينها لأكثر من ٢٤ ساعة مستمرة ، ومنها حالة تم عمل تدليك قلبى و صدمات كهربائية اكثر من مائة وستة مرة ، ونجاة صاحبها الشاب الذى جاء يعانى من توقف بالقلب جراء التهاب بعضلة القلب وارتجاف بطينى مستمر على مدار ٢٤ ساعة .
ايقنت فى النهاية اننى ما بين خيط الصواب وخيط الخطأ قد ضللت الطريق ،
فى مجتمعاتنا الشرقية حيث ظل المجتمع يحبو فى طفولة مابين مشاريع تنوير مجهضة وانقلابات الثيوقراطية الفكرية المضادة ، وحيث الدجل ومنهجته علمياً بالتباس واستدعاء قشرة الايمان الموجه المغلوط ليصبح العلم والايمان مرادفاً لمنهجة الدجل علمياً ، ومع ترسيخ الفضائيات ، لجلب الحبيب ، والإعجاز العلمى للتلمود والتوراة والإنجيل وللقرآن .
وفى عالم مليارات جلب الحبيب والشيخة خديجة المغربية ، وإسباغ لقب العالم على الناقل والمرسخ لفقه التلقى وتجريم فضيلة التدبر والتفكير وتعاطى المنهج العلمى وخطاه .
اكتشفت ان مجتمعاتنا تنتشى برجل الطب اكثر مما تهتم بالطبيب .
رجل الطب او ال
Medicine Man
او
رجل المداواة هو الطبيب المستحسن والمفضل لدى الجميع .
وكما أسبغت مجتمعاتنا على اى حرفى لقب الباشمهندس
تسبغ مجتمعاتنا لقب
الدكترة
على
رجل الطب والمداواة.
رجل الطب رجل أراح نفسه وأزاح الجميع وباع الوهم الجميل لهم
رجل المداواة بارع فى الحوار والإيحاء ،
ومن قلب هدهد يتيم لفاسوخة
،
ومن عشب يحمل مركبات خام غير مستخلصة جاء بها داوود فى التذكرة بعضها شديد السمية ، يجئ رجل الدواء منزهًا عن الخطأ .
يتصل بالأرواح الشريرة او الخيرة ،ويستطيع ان يخرج العفريت ولا مشكلة ان يموت المريض فوقتها تكون الأرواح الشريرة قد تمكنت ويظل رجل الدواء بريئا براءة الذئب من دم ابن يعقوب .
فى النهاية يجنى ال
Medicine man
ثروات قد تبلغ آلاف الأبقار والمليارات فى قبيلته الساكنة فى وسط افريقيا او فى مدينة مثل القاهرة والمنصورة ، يرتاد مكان طبابته الآلاف من مجتمعات القبيلة او مجتمعات الدجل العلمى ، ولينتهى من ضَل الطريق واتخذ العلم دربا ، الى حالة الالتهام الذاتى فى جسد الوطن الذى تم تحويل معتنقه العقائدي الى علمنة الدجل او تدجيل العلم .
التعليقات مغلقة.