العالم الموازي بقلم.. محمد كسبه
في العالم الموازي تتضح الأسرار و ينكشف الغموض ، لا مجال للهروب من الاختيار ، عليك أن تقرر ماذا تريد ؟ و ماذا تفعل ؟ و إلا ستتغير حياتك إلى الأسوأ .
في هذا العالم الموازي كل شيء محسوم و معلوم حتى اختيارك و تفكيرك مهما كنت ذكيا و حاولت خداعهم لن تستطع أن تغير ما هو مقرر سلفا و مكتوب مسبقا ، رغم ذلك لك مطلق الحرية في اختيار فعلك أو حتي رد فعلك .
كان لزاما عليه في العالم الموازي أن يختار و يفاضل بين شيئين أحدهما سيجعل حياته هادئة خالية من المشاكل و العقبات ، و الآخر سيجعل حياته تنقلب رأسا على عقب .
انتهى ياسر من عمله و عاد إلى بيته ، تناول وجبة العشاء و لعب مع أطفاله الصغار ثم نام على سريره .
وجد نفسه في غرفه تحديد المصير المظلمة ، جالسا على كرسي ، شاهد أخاه الأصغر في شاشة على الحائط ، ملقى على الأرض بجوار باب شقته ، لا يحرك ساكنا ، منتفخ البطن ، عيناه جاحظتان ، و وجهه متغير للون الأزرق يبدو عليه الاختناق ، و في الناحية الأخرى في الصاله زوجة أخيه مغمى عليها بنفس الحال ، دارت الكاميرا قليلا فرأى ابني أخيه التوام يلفظان أنفاسهم الأخيرة .
حاول أن يستجمع قواه لينقذ أخاه و أسرته من تسرب الغاز ؛ لكنه لم يقدر على الحركة كأنه مقيدا بالأغلال في هذا الكرسي و كأن فوق كتفيه أثقالا مثل الجبال .
الاختيار الأول أن يترك أخاه و أسرته يلفظون أنفاسهم الأخيرة حتى الموت ، و يتمتع هو في الحياة و يرث أخاه الأصغر و يعيش حياة هانئة بلا مشاكل .
و الاختيار الثاني أن ينقذ أخاه و أسرته ، و في هذه الحالة سيتعرض لأشد أنواع الأذى و ستصبح حياته جحيما لا يطاق بسبب العداوة التي ستنشأ بينهما بلا سبب و بلا مقدمات ، الحياة مع أخيه في نفس البيت ستصبح جحيما و كما من الهموم و الصراعات التي ستجعله يكره الحياة حد الانتحار ، للهروب من الجحيم و خاصة أن أخاه الأصغر من النوع الطماع المتلون ، الذي يجيد فن الصاق التهم و التعدي على حقوق الغير .
الاختيار صعب و القرار مطلوب و الرد لا يحتمل التأخير ، لا مجال للهروب أو المراوغة ، كلما مر الوقت تنحبس الأنفاس في صدره و يزداد الحمل فوق كتفيه ، ظل يصرخ و هو نائم على سريره حتى أيقظ زوجته مرعوبة مما سمعت من صراخ ، أيقظته من هذا الكابوس و ضمته إلى صدرها .
بعد ثوان قليلة سمع صوت سقوط جسم على الأرض في الطابق العلوي ، بسرعه صعد للأعلى فوجد أخاه ملقى على
الأرض تبدو عليه آثار الاختناق ، لم يفكر طويلا و بدأ في انقاذ أخيه و أسرته.
التعليقات مغلقة.