موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

العرض علي الله يوم القيامة..بقلم محمد الدكروري

217

العرض على الله يوم القيامه

بقلم / محمــــد الدكــــرورى

لا تغرنكم الحياة الدنيا ، كلُّ حيٍ سيفنى ، وكلُّ جديدٍ سيبلى ، وما هي إلا لحظةٌ واحدة ، تخرج فيها الروح إلى بارئها ، فإذا العبد في عداد الأموات ، والناس في هذه الحياة في غفلة، وأملهم فيها عريض، ولا بد من إلجام النفس بتذكيرها بمصيرها لِتَعْمُرَ الآخرة بالدنيا، ويُغْتَنَمَ الحاضر للمستقبل، وقد جعل الله عز وجل اليقين باليوم الآخر من أركان الإيمان، وسيأتي اليوم الذي يفنى فيه الخلق مصداقاً لقوله: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ) ثم يأتي يوم يعيد الله سبحانه وتعالى فيه العباد، ويبعثهم من قبورهم، وأول من يُبعث وتَنشقُّ عنه الأرض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ويحشر العباد حفاة عراة غرلاً غير مختونين.

وإذا مات العبد ، نزل أولَ منازل الآخرة ، والقبر ، روضةٌ من رياض الجنة أو حفرةٌُ من حفر النار ، وينزل فيها العبد وحيداً فريداً لا أنيس له ولا رفيق إلا عمله الصالح ، ولا تزال الأرض تستودع ما يُدفَن فيها من الأموات ، حتى يشاءَ الله أن تقوم الساعة ، فيأمرَ إسرافيلَ عليه السلامُ بالنفخ في الصور ، فإذا نَفَخَ إسرافيلُ في الصور النفخةَ الأولى نفخةَ الصعق ، صَعِقَ الناس وماتوا ، وانتهت الدنيا بأكملها .

وأرض المحشر أرض بيضاء عفراء ليس فيها معلم لأحد، لم يُسفك عليها دم حرام، ولم يُعمل عليها خطيئة، يَنفُذُهم البصر، ويُسمِعُهُم الداعي، يومٌ عبوسٌ قمطرير، لا يُلاقي العباد يوماً مثله، وصفه الله عز وجل بالثِّقل والعُسر، يشيب منه شعر الوليد، فذلك يومئذ يوم عسير، تَذهَلُ المرضعة عن رضيعها، والحاملُ تُسْقِطُ حملها، يوم تَدْهَشُ فيه العقول، وتَغيب فيه الأذهان، يَفِرُّ الإنسان من أحب الناس إليه، من أمه وأبيه، وأخيه وزوجته وأولاده، ويود العاصي أن يدفع بأغلى الناس إليه في النار لينجو .

ويجتمع الناس في ذلك الموقف العظيم على صعيد واحد ، فيغشاهم من الكرب ما يغشاهم، ويصيبهم الرعب والفزع، يشيب الولدان، وتشخص الأبصار، وتبلغ القلوب الحناجر ، والشمس كورت ، لُفّت وذهب ضوءها ، والنجوم انكدرت وتناثرت ، والجبال نسفت وسيّرت فأصبحت كالقطن المنفوش ، والعشار عطلت ، والأموال تُركت ، والتجارات والعقارات والأسهم نُسيت ، والسماء كشطت ومسحت وأزيلت ، والبحار سجرت ، وإلى كتل من الجحيم تحولت ، والجحيم سعرت وأوقدت ، والجنة أزلفت وقُرِّبت .

إنه يوم القيامة ، يومُ الصاخةِ والقارعةِ والطامةِ ، ويومُ الزلزلةِ والآزفةِ والحاقة ، يومَ يقومُ الناس لرب العالمين ، يومٌ عظيم وخَطْبٌ جَسِيم، يوم مقداره خمسون ألف سنة، يجمع الله فيه الخلائق أجمعين، من لدُن آدم عليه السلام إلى قيام الساعة ، ليفصل بينهم ويحاسبَهم ، وتدنو الشمس من الخلائق مقدارَ مِيل ، ويفيضُ العرقُ منهم بحسب أعمالهم، فمنهم من يبلغ عرقه إلى كعبيه، ومنهم من يبلغ إلى ركبتيه، ومنهم من يبلغ إلى حِقْوَيه، ومنهم يبلغ إلى مَنْكِبَيه، ومنهم من يُلْجِمه العرق إلجامًا، وتبقى طائفة في ظل الله جل جلاله ، يوم لا ظل إلا ظله .

ومن رأى الناس فيه ظن أنهم سكارى وماهم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد، الأبصار شاخصة، والقلوب لدى الجناجر واجفة، والملائكة آخذة مصافَّها بالخلائق محدقة، أمر عظيم، وطارق مُفْظِعْ، ويقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم “اللهم إني أعوذ بك من ضيق المقام يوم القيامة”.

وفي هذا اليوم تعلم كل نفس ما أحضرت، ويقف الإنسان نادماً بعد فوات الأوان، وتؤخذ خوافي الصدور أخذاً شديداً، ويُبَعثر ما فيها، فما من شيء أُخْفي فيها إلا ظهر، ولا أُسرَّ إلا أُعلن، صمت مهيب، لا يتخلَّله حديث، ولا يقطعه اعتذار ، ووجوه هناك مُبْيضة، مسفرة مستبشرة، ضاحكةٌ ناظرة، ووجوه أخرى مسودة باسرة، عليها غبرة، مرهقة بالقترة، المتقون يحشرون إلى ربهم وفداً، والمجرمون يساقون يومئذ زرقاً.

والشمس تدنو من رؤوس الخلائق، حتى لا يكون بينها وبينهم إلا قَدْرُ ميل، ولا ظل لأحد إلا ظل عرش الرحمن، فمن بين مستظل بظل العرش، وبين مَضْحو بحر الشمس، والأمم تزدحم وتتدافع، فتختلف الأقدام، وتنقطع الأعناق، فيفيض العرق إلى سبعين ذراعاً في الأرض، ويَسْتَنْقِعُ على وجه الأرض، ثم على الأبدان على مراتبهم، منهم من يصل إلى الكعبين، ومنهم من يلجمه إلجاماً، ويطبق الغم، وتضيق النفس، وتجثو الأمم من الهول على الرُّكب، وترى كل أمة جاثية .

والحقوق لا تضيع، بل يُقْتَصُّ حق المظلوم من الظالم، حتى يقاد فيما بين البهائم، وشرُّ الناس يومئذ ذو الوجهين، الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه ، ومن نَفَّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا َنَّفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والعادلون على منابرَ من نور عن يمين الرحمن، ويُبعث كل عبد على ما مات عليه، فمن بات محرماً بعث ملبياً، ومن كُلِمَ في سبيل الله جاء لونه لون الدَّمِ، والريح ريح المسك .

والمؤذنون أطول الناس أعناقاً، ولا يَسمع مدى صوته شيء إلا شهد له يوم القيامة، ومن شاب شيبةً في الإسلام كانت له نوراً، وكل امرئ في ظل صدقته حتى يُفصل بين الناس، والصراط دَحْضٌ مَزَلَّةٌ، فناجٍ عليه ومخدوش، ومكدوس في النار، والميزان بالقسط لا اختلال فيه، الحساب فيه بمثاقيل الذر ، والمفلس يوم القيامة من يأتي بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شَتَمَ هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من سيئاته ، فإن فنيت حسناته قبل أن يُقْضى ما عليه، أخذ من خطاياهم، فطرحت عليه، ثم يقذف في النار .

وفي آخر مشاهد القيامة ، يُنصب الصراط على مَتْن جهنم، وهو جسرٌ دَحْضٌ مَزلَّة، أدقُّ من الشعر ، وأحدُّ من السيف، عليه كَلالِيبُ تخطِف الناس ، ويُعطى المؤمنون نورَهم فيعبرون، ويُطفأ نورُ المنافقين فيسقطون ، ويكون مرور الناس على الصراط ، على قدر أعمالهم ومسارعتهم إلى طاعة الله في الدنيا، فمنهم من يمر كلَمْح البصر، ومنهم من يمر كالبرق، ثم كالريح، ثم كالفرس الجواد، ثم كركاب الإبل، ومنهم من يعدو، ثم من يمشي، ثم من يزحف، ومنهم من تَخْطَفه الكَلالِيبُ فتلقيه في النار .

فتصور نفسك في القيامة ، وأنت واقف بين الخلائق ، ثم نودي باسمك: أين فلان ابن فلان؟ هلم إلى العرض على الله، فقمت ترتعد فرائصك، وتضطرب قدمك ، وتنتفض جوارحك من شدة الخوف ، وتصور وقوفَك بين يدي جبار السموات والأرض، وقلبك مملوء من الرعب، وطرفك خائف، وأنت خاشع ذليل ، قد أمسكت صحيفة عملك بيدك، فيها الدقيق والجليل، فقرأتها بلسان كليل، وقلب منكسر، وداخَلَكَ الخجل والحياء من الله الذي لم يزل إليك محسنا وعليك ساتراً ، فبالله عليك، بأي لسان تجيبه حين يسألك عن قبيح فعلك وعظيم جرمك؟ وبأي قدم تقف بين يديه؟ وبأي طرف تنظر إليه؟

التعليقات مغلقة.