العنف اللفظي وتأثيره على الأسرة بقلم مرفت شتلة القاهرة
الكلمات السيئة أو العنف اللفظي يعد من أفظع أنواع العنف الذي يمارسه صاحبه دون رادع أو عقاب، وقد
تعددت العوامل التي تجعل من الإنسان يستخدم العنف اللفظي؛ منها:
ثقافة المجتمع وطريقة التربية:
تؤسس ثقافة المجتمع، تسلط الرجل منذ صغره؛ فيضرب أو يهين الأخ أخته، ويسيطر عليها بالفعل والقول؛ ليجعلها تستكين له ولا يحق لها في ذلك الوقت الاعتراض، أو اللجوء إلى والديها، وحينما تلجأ إليهما؛ يكون التعبير أكثر سلبية بأن أفعال الشقيق ما هي إلا خوفاً أو تهذيباً؛ فتعتاد الفتاة على سماع كلمات الإهانة والانتقاد؛ فتنمو ضعيفة وهشة نفسياً، وكل ما تطمح فيه هو إرضاء من حولها حتى لا تعود تلك الكلمات إلى أذيتها مرة أخرى.
وترضى بعد ذلك من زوجها الإهانة، والشتائم، والتجريح اللفظي على أقل الأسباب، وتكون بذلك راضية؛ فهو شخص واحد وليس كل الأسرة، وينمو الرجل لديه شعور بالتفوق الدائم عليها، وبأنه هو الأكفأ والأقوى.
الضغوطات الاجتماعية والمعيشية:
تعرض الرجل وهو الباب الأساسي لموارد الأسرة المالية في الكثير من الأسر، لضغوط شديدة؛ فيلجأ إلى العنف اللفظي ضد من حوله وخاصةً الزوجة؛ لتفريغ الطاقة السلبية بداخله.
عدم التكافؤ التعليمي والاجتماعي:
عندما يكون التكافؤ مفقوداً بين الشريكين؛ يؤدي إلى شعور بالنقص، فيجد في إذلالها وتحقيرها ملاذاً ليروي به نقصه المستمر،
عندما تتكرر الإساءة اللفظية؛ تتكون آثار سلبية ويعاني ممن يقع تحت وطأته بالعديد من الآثار:
-ذاكرة ضعيفة:
فيسأل نفسه دائماً هل حدث خطأ مني، ويتكون لديه الحاجة لتغيير نفسه؛ لإرضاء الجميع؛ فيقل الاهتمام بالذات، ويأتي الخجل، والتأنيب المستمر للنفس، ويزيد العجز والخوف من كل شيء حول،
وتتشعب تلك الآثار السلبية؛ لتحدث شروخاً نفسية من الصعب علاجها.
-توريث العنف اللفظي للأطفال:
فالأطفال الذين سقطوا تحت وطأة العنف اللفظي في أسرهم؛ يصابون بتشوه في البنية النفسية، وهم الأكثر اتباعاً لتلك الممارسات في حياتهم فيما بعد.
-التفكك الأسري:
تؤدى مشاهدة الصدام اللفظي بين الوالدين إلى نشأة أطفالا بأمراض نفسية، وغياب السلام والأمان، وحرمانهم من أهم ركن من أركان الحياة وهو العائلة، مما يزعزع لديهم ثقتهم في كل شيء؛
فيكون الناتج أطفال تصيبهم الأمراض النفسية، وفي بعض الحالات تصل إلى نوبات صرع؛ نتيجة لتكرار الصدامات العائلية أمامهم.
والكثيرون يجتهدون لإيجاد الحلول لتلك الآفة الخطيرة، بالأبحاث والدراسات، وقد خرجت لنا بعض الحلول منها:
-أن تأسس الأسرة لدى الأطفال وتعزيز الثقة بالنفس، والتي تقوم على احترام الذات، وعدم قبول الإهانة، وأن يكون الحوار وسبل الإقناع هو البديل عن العنف اللفظي.
-تمكين المرأة في المجتمعات على أن تكون عضوا فعالا في جميع نواحي الحياة، والعمل على توعيتها بحقوقها، وبالرسالة التي خُلِقت من أجلها.
-توعية المقبلين على تأسيس أسرة بدخولهم دورات تدريبية، تكون تحت مظلة حكومية؛ لتمنح إجازة لمن يتخطى تلك الدورات.
-ويأتي الدور الأخطر والأهم وهو الإعلام؛ يجب تسليط الضوء على نماذج لحالات وقعت تحت وطأة العنف اللفظي، ويأتي دور المتخصصين في الرد عليها وتحليلها، وإيجاد أفضل الطرق للعلاج.
-في بعض الأحيان يكون اللجوء لمعالج نفسي؛ للخروج بالشخص غير القادر على علاج ذاته من تلك الآفة حلاً قادراً وفعالاً.
ومن سبقونا عمراً، وتعايشاً، لتجارب كثيرة كانت لهم نصائح منها:
-النقاش المستمر لحل المشاكل الأسرية بهدوء، من كلا الطرفين، حتى تمام الوصول إلي حلول مشتركة.
-الاعتذار وهو وسيلة أكثر فاعلية، لعدم احتدام الشجار، والحفاظ على روابط الحب، بين الشريكين.
-عدم القذف بالاتهامات، حتى لا يتم خلق أجواء من العناد، فمن غير العادل إلقاء اللوم على الشريك، بل يجب اعتراف كلاً بخطئه؛ لخلق أجواء هادئة للنقاش.
-عدم ذكر الكلمات التي تلفظ بها الشريكان أثناء الشجار؛ فالشجارات تخرج كلا الطرفين عن الشعور؛ فيتلفظ بالكلمات الجارحة، عليهم تجنبها وعدم تكرارها.
-عدم وضع الشريك في مقارنة بالآخرين؛ فلكل إنسان شخصيته الخاصة، والمقارنة تنقص من قيمة الآخرين.
وقد كرمت، جميع الأديان السماوية الانسان، ووجهت إلى الاحترام المتبادل بين الجميع؛ ليكون مجتمعاً سليماً نفسياً واجتماعياً.
فلتتضافر الجهود؛ لتخرج لنا جيلاً واعداً مستنيراً متفهماً لأسس الحياة التي صورتها جميع الأديان.
التعليقات مغلقة.