العهد قصة قصيرة تأليف : محمد كسبه
عاشت الأستاذة زينة فترة من الزمن بعد وفاة زوجها الدكتور صادق ، في حب و حنين حفاظا على العهد الذي بينهما ، رغم أنهما لم ينجبا ، فقد إتفقا سويا على أنه إذا توفى أحدهما قبل الآخر لا يرتبط بعلاقة مع آخر إلى أن يتوفى و يجتمعا معا في جنة النعيم .
ذات مساء شعرت الأستاذة زينة بالوحدة و الملل ، فنزلت تتمشى حتى تنسجم مع صخب الشوارع و ضوضاء المدينة فكانت تنظر إلى اللافتات و تتفحص وجوه المارة ، علها تجد أحدا تعرفه ، فجأة وجدت أمامها الأستاذ ثروت المحامي صديق زوجها .
- مساء الخير ، كيف أحوالك أستاذة زينة ؟
- الحمد لله بخير ، و أنت كيف أحوالك ؟
- ما زلت جميلة و أنيقة كعادتك .
- شكرا لحضرتك .
- أستاذة زينة لقد توفت زوجتي و كبر أولادي .
بصراحة أنا أريد الزواج منك . - زواج أي زواج ، أنا لا أرغب في الزواج ، لقد قطعت عهدا على نفسي ألا أتزوج بعد وفاة زوجي .
- لكن الوحدة و الفراغ أمر فظيع فلماذا تتحملين هذا العناء ؟
- لقد تعودت على الوحدة .
- تخيلي أستاذة زينة لقد التقيت بزوجك بالأمس .
ضحكت باستغراب .
و قالت :كيف التقيت به ؟ و كيف أحوال زوجي الدكتور صادق ؟ - أتسخرين منى !!!
- بالطبع لا و لكن زوجي متوف و أنت تعلم ؛ فكيف التقيت به ؟
بالأمس رأيته في المنام في حديقة واسعة و جميلة قطوفها دانية و هو كان يرتدي أفخم الثياب ، تبادلت الحديث معه في كل شيء في الأدب ، السياسة ، الدين ، الأخلاق و الفن ، أخبرته عن كل شيء في حياتنا . - أستاذ ثروت : ألم يسألك عني ؟
تلعثم و لم يجب ، استكمل الحوار .
قاطعته بحدة . - أستاذ ثروت ألم يسألك عني ؟
نظر إليها و كاد أن يبكي .
و قال : آسف سيدتي لم يكن هناك وقت ليسأل عنك ؟ - لقد كان مشغولا في الجنة مع زوجته و أولاده .
- زوجته و أولاده ؟
ذلك الوغد لم ينتظرني حتى ألقاه و تزوج ، و أنجب يا له من وغد . - و كيف كانت تبدو زوجته ؟ هل هي أجمل مني ؟ هل أصغر منى عمرا ؟ هل كان يلاطفها ؟
كانت تسأله و الدموع في عينيها .
بكى الأستاذ ثروت و قال : ليست صغيرة في السن و ليست جميلة مثلك ، فأنت أجمل بكثير من المرأة اللعوب زيزي جارتنا . - و ما دخل زيزي بموضوعنا ؟
- هي ماتت منذ عدة أعوام في حادث سيارة ، و تزوجها زوجك في العالم الآخر .
- مهلا…. زيزي مع زوجي في الجنة ؟ كيف تدخل هذه المرأة الجنة ؟
- سيدتي أنا لم أقل أن زوجك بالجنة ، لقد كان في حديقة واسعة .
- هذا الأبله تزوج تلك المرأة التي كان يستشيط غضبا حين يراها.
مهلا …. مهلا ، لقد كان فعلا يطيل النظر إليها و يدقق النظر فيها. - هكذا الأمر ، إذن أنا موافقة على العرض – أي عرض ؟
- عرض الزواج ؟
- اي زواج ؟
- زواجنا أنا و انت .
- لكن أنت وعدت زوجك أن تظلي معه للأبد ، و أنا عاهدت زوجتي المتوفاه كذلك .
- ربما تكون هي الآخرى تزوجت بغيرك .
بكى الأستاذ ثروت.
اقتربت منه و ربتت على كتفه و قالت : كما تركنا هؤلاء الأوغاد و تزوجا في العالم الآخر ، يجب ان نتزوج و ليذهب العهد إلى الجحيم .
التعليقات مغلقة.