الفرق بين القُرب والتَّقرُّب …د. وجيهة السطل
تزهو اللغة العربية على باقي اللغات بدقة اختيارها للألفاظ ودلالاتها .وبقدر تعدد المعاني والفروق الدقيقة بينها ،تتسع اللغة العربية لألفاظ تساويها في دقة الدلالة، ودقة البنية الصرفية والصوتية .
وتأمًلوا معي :
ما الفرق بين القرب والتقرُّب؟؟؟
القرب غالبًا مايخص الأمور المادية في المكان أو الزمان . ولكنه قربٌ ليس فيه جهد . والمعروف في اللغة العربية أن المبنى مرتبط بالمعنى .قرُب فعل ثلاثي لازم . وفاعله نحوي لا حقيقي أي لم يقم بجهد لتحقيق الفعل : قرُب المكان ،قرُب الأذان . وحين يستخدم في المعنويات لابدّ معه من جهد يحقق المعنى :قرب المؤمن من رحمة الله بحسن طاعته ،وخير أعماله ،وطيب حديثه بين الناس . والقُربى في اللغة لها معنيان الأقارب بالدم والنسب ،ومنه صلة القربى وهو جهد ،والقربى مايتقرب به إلى الله وهو أيضًا جهد .
والقُربان مايصحبه جهد أكبر لأنه من قرَّب (واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق .إذ قرَّبا قرُبانًا فتقُِّبِّل من أحدهما ولم يُتقبَّل من الآخر )٠
أما التقرُّب فهو مزيد على الثلاثي بحرفين ،ومن معاني هذه الزيادة تَكَلُّفُ الجهد، والزيادة فيه .فالذي يتقرب إلى شخص ما أمٍّ أو حبيبٍض أو مسؤول لابد من أن يقوم بجملة أعمال ترضي ذلك الشخص. فما بالك بمن أراد التقرب إلى الله ، كم هي كثيرة وجميلة وواضحة تلك الأعمال والأقوال التي بها نتقرب إليه سبحانه وتعالى ،وهي بالطبع ليست محصورة في العبادات . وحديث السبعة المظللين بظله تعالى يوم القيامة يوضح ذلك.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قالَ: قالَ رسُولُ اللَّه ﷺ:سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ: إِمامٌ عادِلٌ، وشابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ الله، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ في المَسَاجِدِ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا في اللَّه: اجتَمَعا عَلى ذلك، وافترقَا عَلَيهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ، وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخافُ اللَّه، ورَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فأَخْفَاها، حتَّى لا تَعْلَمَ شِمالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينهُ، ورَجُلٌ ذَكَرَ اللَّه خالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ متفقٌ عَلَيْهِ.
تقبل الله صيلمكم وطاعتكم
وللجميع تحياتي. .
التعليقات مغلقة.