الفضيلة الكاذبة…محمد عبده
14/08/2021
ليس هناك ما هو أخطر على هذا المجتمع من الفضيلة الكاذبة، والمثالية المصطنعة، لقد أصبح ادّعاء الفضيلة فى مجتمعنا داءا خطيرا متفشّيا، فالكل أصبح يدعى المثالية، والكل أصبح صاحب فضيلة، الكل أصبح من المتّقين وربما المبشّرين بالجنة، لم يعد هناك من يتعامل كبشري يصيب ويخطئ،ففكرة الذّلَلِ والذنب باتت فكرة ثقيلة القبول من المرئ على نفسه،فإذا نظرت حولك وجدت، وكأننا أصبحنا فى مجتمع ملائكى، الكل أطهار، الجميع رفقاء رحماء متراحمون، وذلك حتى تتعارض المصالح،فإن كان، ظهرت الحقيقة البشعة المؤلمه، الكل أفّاقون كذّابون مخادعون، بشر بغيض لا يراعى حق دين أو قرابة أو جيرة،فضلا عن أن يراعى حق الله تعالى،بالقيام على مرضاته والبعد عن معصيته، لا يراعى إلا مصلحته وحده،كلنا أصبحنا مطففين، إذا كِلْنا لأنفسنا استوفيناها حقها، وإذا كِلْنا لغيرنا بخسنا وظلمنا، وليس العجب فى هذا، ولكن ما يثير دهشتى هو جرأتنا فى تمثيل دور الضعفاء والمظلومين عند أول مصيبة تلمّ بنا، اقتصاصا من الله مما اقترفته أيدينا،ما يثير دهشتى هو هذا الكم العظيم من الكذب والتدليس والنفاق ونحن نطلب العون ممن كفرنا نعمه، وجحدنا فضائله، شأننا شأن المعتوه صاحب الجنة العظيمة فى جحوده فضل الله عليه، ونقضه ذلك بقوله، {وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا} [الكهف : 36]”، وما أشبهنا فى جحودنا وعنادنا مع الله بقوم سبإ الذين أنعم الله عليهم بأفضل مما يتمنى عاقل، من تربة كريمة وهواء طلق وبستانين عظيمين عن يمين وشمال، وقربا وصلة بالقرى المباركة من حولهم حتى يأمنوا فى سيرهم وسكونهم، لكنهم بعنادهم وطغيانهم أبَوْ إلا كفر نعم الله، فقصّ الله ما حل بهم فى قوله:” {فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} [سبإ : 19]،
وأما نحن فلم نعتبر، ولم نتّعظ، بل صرنا نتسابق ونتباهى بكفر نعم الله تعالى، باستعمالها فى غير مواضعها التى ارتضاها لها الله تعالى،فلا صيانة لحق، ولا إحسان لجار ولا لقريب، ولا صلة لرحم، ولا قَوْلة حق نُصرةً لمستضعف،ولا أمرا بمعروف ولا نهيا عن منكر، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
التعليقات مغلقة.