القدوة الحسنة… محمد الدكرورى
القدوه الحسنه
بقلم ..محمــــد الدكــــرورى
و المقصود بالقدوة الحسنة هو ما يتم اقتباسه من الاخرين من قول او فعل و يقوم الانسان باكتسابه و نقل عنهم بعض هذه الافعال و الاقوال غلى حياته الخاصة ، حيث ان لكل انسان شخصية ما يعجب بها و يقتبس منها و ينقل عنها الافعال و الاقوال و يكررها في حياته و بين اقرانه متشبها بتلك الشخصية التي يتخذها هو في الاصل قدوة حسنة .
والقدوة الحسنة هى ما تكون من خلال شخص صالح و ملتزم و مشهود له بحسن الاخلاق والتزام الصراط المستقيم في كل شي وهذه هى القدوة الحسنة التي تنفع الانسان إذا اكتسب منها اقوال او افعال ، وإن مبدأ القدوة الحسنة من المبادئ المهمّة جداً ويجب علينا الأخذ بهِ، وأن نعمل جميعاً على تطبيقهِ في تربية أبنائنا، ولقد ترك لنا ديننا الحنيف ورسولنا الكريم إرثاً خُلُقيّاً متكاملاً كان وما يزال منهجاً حياتياً واضحاً يحفلُ بالصّور التي فيها مصلحة الفرد والمجتمع معاً.
تعني القدوة هنا أن يكون المربي أو الداعي مثالًا يحتذى به في أفعاله وتصرفاته، وقد أشاد القرآن الكريم بهذه الوسيلة فقال عزَّ من قائل: ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ )، وقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم ، ولا يزال ، قدوة للمسلمين جميعًا، والقدوة الحسنة التي يحققها الداعي بسيرته الطيبة هي في الحقيقة دعوة عملية للإسلام بكلِّ ما يحمله من مبادئ وقيم تدعو إلى الخير وتحث على الفضيلة.
وأهمية القدوة الحسنة بالنسبة للفرد فإنها من الأشياء الهامة في حياة كل فرد منا ، و ذلك لان القدوة الحسنة تعمل على دفع حياة هؤلاء الافراد إلى الامام ، كما ان القدوة الحسنة هى من تجعل الفرد يمضي قدما في حياته و يحقق ما يحلم به من اهداف و انجازات كما ان القدوة الحسنة هى من ترشد الفرد إلى الطرقة الصحيحة لتحقيق احلامه و الوصول إلى أهدافه كما انها تفيده في كيفية اكتساب الاساليب المفيدة التي تجعل من الوصول إلى أهدافه شيئا سهلا و خالي من التعقيد .
وعندما يتم التاكد من هذه القدوة الحسنة سيزيد من يتخذونه كقدوة حسنة و يصبح له تأثر كبير في مجموعة من الافراد الذين يكتسبون منه الخبرات و الصفات و هنا يصبح مثلا أعلى للكثير من الأفراد و يذيع صيته و يصبح من اهم الشخصيات المؤثرة في حياة الكثيرين ، وعلى من يتم اتخاذه قدوة حسنة الحذر والانتباه لكل قول او فعل يصدر عنه لأنه اصبح مؤثرا في الكثير و أن يكون على درجة كبيرة من الانضباط حتى لا يؤثر اي فعل سلبي على حياة هؤلاء الأفراد و لا يقلل من رصيد محبته و أتباعه في قلوبهم .
وقد سهّل لنا الإسلام الطريق لسلوك هذا المنهج الواضح دون أن يضيِّق على أبنائهِ ، وجعل هذا المنهج صالحاً لكلِّ زمانٍ ومكان، والدليلُ على ذلك كون الإسلام خاتم الأديان، ومحمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء، فقال الله تعالى: ( اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًا ) وكما جاء هذا المنهج واضحاً بسيطاً بعيداً عن اللبس والغموض والتعقيد، خالياً من الرِّيَبِ والشكوك .
فقال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ” الحلالُ بيِّنٌ، والحرامُ بيِّن ” رواه البخاري ومسلم وما علينا سوى إعمالِ عقولنا لسلوك الطريق الصحيح ، وقد رسم لنا رسولنا الكريم طريقاً واضحاً سليماً صحيحاً في الحياة، فخَلُدَت سُنّتهُ في نفوسنا ووجداننا لتكون مناراً نهتدي بهِ إلى يومَ يُبعثون، وكان هذا الطريق منهجاً متكاملاً لا نقص فيهِ ولا خلل لم يترك صغيرةً ولا كبيرةً إلا نوّه إليها، لذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم قدوتنا الحسنة في جميع مجالات الحياة .
ولأثر القدوة في عملية التربية، وخاصة في مجال الاتجاهات والقيم، كان الرسول صلى الله عليه وسلم هو قدوة المسلمين طبقًا لما نص عليه القرآن الكريم، وقد استطاع بفضل تلك القدوة أن يحمل معاصريه قيم الإسلام وتعاليمه وأحكامه، لا بالأقوال فقط، وإنما بالسلوك الواقعي الحي، وقد حرصوا على تتبع صفاته وحركاته، ورصدها والعمل بها، وما ذلك إلا حرصًا منهم على تمثل أفعاله صلى الله عليه وسلم، لقد كان المثل الأعلى لهم.
وقد تمثلت في الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم صفات جليلة جعلت منه قدوة بالفعل ،
والقدوة الحسنة هي المثال الواقعي للسلوك الخلقي الأمثل، وهذا المثال الواقعي قد يكون مثالًا حسيًّا مشاهدًا ملموسًا يقتدي به، وقد يكون مثالًا حاضرًا في الذهن بأخباره، وسيره، وصورة مرتسمة في النفس بما أثر عنه من سير، وقصص، وأنباء من أقوال أو أفعال.
والقدوة الحسنة تكون للأفراد على صفة أفراد مثاليين ممتازين، وتكون للجماعات على صفة جماعات مثالية ممتازة ، ووجه القرآن الكريم بصراحة تامة إلى القدوة الحسنة، فقال الله تعالى ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ) سورة الأحزاب .
ففي هذا النص إرشاد عظيم من الله تبارك وتعالى للمؤمنين أن يجعلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة لهم، يقتدون به، في أعماله، وأقواله، وأخلاقه، وكلِّ جزئيات سلوكه في الحياة، فهو خير قدوة يقتدي بها الأفراد العاديون، والأفراد الطامحون لبلوغ الكمال الإنساني في السلوك.
وجعل الله الذين آمنوا معه، وصدقوا، وأخلصوا، واستقاموا ، أمثلة رائعة يقتدى بها في معظم الفضائل الفردية والاجتماعية ، ولئن انتقل الرسول صلوات الله عليه إلى جوار ربه، فإنَّ سيرته التي تحتوي على جزئيات سلوكه ماثلة لنا ، وفيما بلغنا من تراحم أصحابه رضوان الله عليهم ما يكفي لتجسيد القدوة الحسنة للمجتمع المسلم.
ثم إنَّ كلَّ عصر من العصور من بعدهم لا يخلو من وجود طائفة من أمة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم تصلح لأن تكون قدوة حسنة، قَلَّت هذه الطائفة أو كثرت، فقد بشر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك في قوله: ” لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق، ظاهرين على من ناوأهم، حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال ” .
وروى مسلم عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة ” وروى البخاري ومسلم عن معاوية قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ” لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك ” فلا يخلو عصر من عصور الأمة المحمدية من طائفة صالحة، تصلح لأن تكون في عصرها قدوة حسنة للأفراد.
وقد قام أصحاب الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بدورٍ كبيرٍ في هذا المجال، فكان كل واحد منهم مدرسةٌ فاضلة بالأخلاق الحسنة والخِصال الحميدة، فوجب علينا الاقتداء بهم؛ لذا كان حريّاً بنا أن نتمثّل أخلاق نبينا الكريم وصحبهِ البررة، وأن تكون أخلاقهم نبراساً لنا نهتدي به إلى الخير والفلاح لبناء مجتمع قوي متماسك يقوم على المحبة والسلام والتعاون، وحبّ الإنسان لأخيهِ الإنسان، ونبذ المنكرات وفعل الواجبات .
وكفانا فخراً أن يوضَع اسم نبينا صلى الله عليه وسلم على رأس قائمة (المائة الأوائل) في التاريخ في أحد الكتب التي أُلِّفَت حديثاً مع أنّ مؤلفهُ ليس مسلماً، وكفانا أن نرى عشرات المستشرقين والباحثين الأجانب يدرسون الإسلام برويَّةٍ وإمعان، ويبدون إعجابهم بشخصيّة محمّد صلى الله عليه وسلم وأخلاقهُ الفاضلة، وأخلاق صحبهِ الكرام البررة .
فها هو (برناردشو) الكاتب الأيرلندي يرى في محمد صلى الله عليه وسلم منقذاً للبشرية المُعاصرة لو كان موجوداً، فيقول: “لو كان محمدٌ موجوداً لَحلَّ مُشْكِلات العالم المُعاصر المُعقّدة”.
وإضافةً لكلِّ ذلك يجب أن نربّي أطفالنا على الابتعاد عن التّقليد الأعمى، والانجراف خلف تيّار الصّراعات الآتية إلينا عَبْرَ وسائل الإعلام، والتي تكون غريبة عن مجتمعاتنا، ويكون هدفها تخريب عقول أبنائنا لإخراجها من إطارها السليم وذلك بهدف القضاء على أهم لبِنات البناء في المجتمع، كما يجب أن نزيد من توعية أولادنا وأن نجعلهم يدركون أنّ تقليد الأجنبي الذي لا يرْدَعهُ وازِعٌ ديني أو خُلُقي .
والاقتداء بهِ يؤدّي إلى نتيجة وخيمة وكارثة مدمّرة تؤدي بالمجتمع بأسرهِ وتجرّهُ إلى حالة الضعف والوهن والضمور، وتكون النتيجة النهائية غياب العقل والسقوط في مهاوي الرّذيلة والجهل والانحطاط، والانقياد للغرائز البهيميّة التي يكمنُ فيها الموت الأكيد والشقاء المُحتّم.
التعليقات مغلقة.