القراءة التحليلية لجانب من جوانب قصيدة(ميسَندريت) للشاعرة الدكتورة ريهان القمري …يقدمها الشاعر الناقد سامي ناصف.
القراءة التحليلية لجانب من جوانب قصيدة(ميسَندريت) للشاعرة الدكتورة ريهان القمري …يقدمها الشاعر الناقد سامي ناصف.
بمتابعة صفحة الشاعرة(ريهان القمري)
استوقفتني هذه القصيدة دون علم منها،لكن نحن نقف أمام نص مبدع يحركنا فكانت الدراسة لهذا النص تحياتي لها ولإبداعها.
استمتعوا.
أقدم لكم القراءة التحليلية لجانب من جوانب قصيدة(ميسَندريت)
للشاعرة الدكتورة /ريهام القمري
يقدمها الشاعر الناقد / سامي ناصف.
يقول أدونيس «يمكن اختصار معنى الحداثة بأنه التوكيد المطلق على أوّلية التعبير ، أعني أن طريقة القول أو كيفية القول أكثر أهمية من الشيء المقول ، وأن شعرية القصيدة أو فنيتها في بنيتها لا في وظيفتها” .
ولأن المعاني مشاع، و الأفكار كلأ متاح تكون المعالجة هى الفيصل والمعيار والسيمولوچيا لهذه الرموز مفاتيحها الملقاة بين السطور، فيسهل على القارىء المقارنة بين نص ونص، بل وبين شاعر وشاعر ، و سيفرق بين معالجة وأخرى، أيهما قدَّم جديدًا يَضْوي، وأيهما قدم قديما فى أفضل حالاته مصقولا بين الأسلوب الخطابي الكاشف لقصيدة النص بسهولة ويسر، والنص الرمزي المجازي المشبع بعنصري التكثيف والتركيز.
والملاحظة الأولى في قصيدة الشاعرة/ريهان القمري، أنها عَمَدَتْ إلى بناء هذه النص قصدًا،لأن هناك رسالة تريد إرسالها لمن يهمه الأمر من زوايا الرصد الخاصة بها كشاعرة – تعرف ما تكتب،وتكتب ماتعرف – فوهج الحداثة في النص زائغ البريق من خلال:العنوان،وكثير من المفردات،وجُمْلة من التراكيب،وقَصْدِيَّةِ المعالجة.
والشاعرة ريهان القمري مُتحكمة في قيادة النص من حيث الشكل البنائي،ووضوح قَصْدِية التجربة الشعرية.
فالعنوان الذي هو عتبة النص مثير !
عاصف للذهن، يحتاج من چل القارئين البحث والتنقيب ليصبح فنارة تنير عتمات النص في بعض جوانبه،وهو يكشف عن عمق تجزر الثقافات لديها؛فهي منفتحة على ضفاف الثقافات الإنسانية عامة ومتمسكة بالثقافة العربية التراثية،والحداثية،فهي وبكل صدق تَنْعَمْ بعبق التراث، وشغوفة بوهج الحداثة،وإبداعها يشهد بذلك،وتلكم القصيدةأيضا تشهد بذلك.
ونراها جِرِّيئَة على تضمين قصيدتها بمفردات ورموز غير عربية لها دلالاتها ومرشحاتها التي لا تقوم بها إلا هذه المفردات،والرموز الغير عربية في قولها:
وكل(he)مثل (it),وال(she) تُرَوِّضُهم..
وكل وصف بلا لوم سأورِدُهُ
..هذا الحبك المقصود المُرَشِّح لدلالات ورموز،منبعه أن لديها فقهً وَازِن في استدعاء الحداثة التي منبعها الأصالة وتأثرها بمهارة التراثيين من خلال إنشاء عنصر الحكمة الشعرية التي غابت في شعر العصريين؛ إلا أنها أنشأتها لتعطش المعنى والتجربة لجماليات الحكمة في قولها :
كل المُذَكَّر منقوص بلا جدل..
إن الإناث التي في الكون تولده.
وقولها:
حُكم الرجال لذاك السوق يفسده.
وقولها في المقطع الثاني :
سوق الجواري له خُنثى تُشَيِّدُهُ.
هذا المزج بين بريق الحداثة في النص،وعبق التراث السائد على الخريطة النصية، يدل على أننا أمام شاعرة لا تكتب بعشوائية،بل تكتب بقدرة تَحَكُّمِيَّة ،فهي مخاصمة(لفوضى اللغة،ولغة الفوضى)
والشاعرة ريهان القمري،وَازِنة بين عنصري الحياة: الرجل،والمرأة.
حيث قدمت لهما رسالة بإشارات لا عبارات،
وبتلميحات،لا بالتصريحات.
بعيدة عن النزعة الخطابية التي في كثير من القصائد إن تحققت أفسدت القصيدة،لكنها عمدت إلى عنصر التكثيف،ومَهَرَت مبدأ التركيز،لتجعل النص غير منفتح فيسهل هضمه،بل تُحَمِّلُ القاريَء بعضًا من المسئوليات للتأويل.
تحياتي للشاعرة الدكتورة /ريهان القمري.
وإليكم القصيدة
( ميسَندريست )
” هذي الرجالُ التي …” في الكون تفسِدُهُ
واسمُ الإشارةِ للموصولِ أقصدُهُ
وكل ( he ) مثل( it ) ، و ال( she) تُرَوِّضُهم
وكلُّ وصفٍ بلا لومٍ سأورِدُهُ
والكائناتُ التي قد صُنِّفت ذكرا
درب العبيدِ لهم ؛ أنثى تُعبِّدُهُ
وإنني حرةٌّ ليست لها صنمٌ
قالت له “سيدي ” كيما تُمجِّده
وكل قيدٍ بلا خوفٍ سأرفضه
أبًا و عمَّا , و لو ربَّا سأعبدُهُ
لا للضميرِ و لا قلبٌ سيخضعني
لا للحجابِ و لا شرعٌ يوطدُه
والدين لي حجةٌ منه سيأخذها
فكري دليلا له ، نفسي تُجَنِّدُهُ
كل المُذَكَّرِ منقوصٌ بلا جدلٍ
إن الإناثَ التي في الكونِ تُولده
هل ترفضون كلام العقلِ في جُملي ؟
من يرفضِ الأمرَ يقنعْني أُفَنِّدُهُ
سوق النساء لهن السعر أرفعُهُ
حُكم الرجالِ لذاك السوق يفسدُهُ
( ميسَندريست) أعلنت عن نفسها شططا
أضحى لها شنبٌ ، ذقنٌ تُمسِّدُهُ !!
بالاختيالِ وتاجِ القشِّ ، توَّجَها
شيطانُها ، حقدها في الناس توقده
كلُّ الرجالِ رأتْ عيبًا يشوِّهُها
بينَ النساءِ بغتْ كيما تؤكدُه
تاهتْ بلا عودةٍ ، تاهتْ ولا أملٌ
تاهتْ إلى عالمِ الشيطانِ تقصدُهُ
فيه رَأَتْ فكرَهَا و الزيفَ زيَّنهُ
مسخٌ بلؤمٍ أتى و الشرُّ يسعدُهُ
وبعد أن رفضتْ خالًا لها و أخًا
قوّادُها ذكرٌ أوْمتْ لها يدٌه
وبعد أن أنكرتْ شرعًا لها قَبِلَتْ
إبليسَ شرعًا لها والآنَ تعبدُهُ
و اليوم تعلنُ في الأوساطِ مهنَتها
سوق الجواري له خُنثى تُشَيِّدُهُ !
الميسَندرسيت : نموذج نسوي لا يكتفي بطلب المساواه مع الرجال فقط ، بل يصل بهنّ الغلو الفكري إلى الرغبة في قهر الرجال و استعبادهم.
التعليقات مغلقة.