القراءة ركيزة المجتمع …بقلم سهام جبريل
القراءة بناء تأسيسي تبني الإنسان وحبر الكلمات تضخ في شرايين الدماغ الحياة ، فتشرق الشموس وتزهر النفوس حقولاً يانعة بالفكر بالقوة بالتحرر بقبول الآخر ومحبة الأوطان . ..القراءة أيضاً قضم وهذا مايجعل الكتاب طعاما ، والقراءة هضم وهذا مايجعلها مادة للحياة والقراءة اكتشاف الطريق وهذا مايجعلها سفرة في العقول ، والقراءة فهم للعالم وهذا مايجعل المقروء عملا فلسفيًا فهي طريق لفهم العالم افتح قلبك وعقلك للقراءة … وابحث عن المفتاح. أسئلة مختلفةً تخلق روايات بوليسية أو خيالية أو تاريخية أو اجتماعية في عقولنا دون أن نكتبها قد نسرح في خيالنا في بعض الأوقات وتنتهي رحلتنا عند انتباهنا الى الواقع الذي نحيا فيه ، لكن الكاتب يتوقف عند هذه اللحظة من الزمن ويلحق بأحد قطارات خياله ، عندما يصل الى وجهته نقرأ نحن روايته .. إن التفاعل مع القراءة هو تحديد موعد مع الذات.
و حين نصنع قارئاً جيداً فإننا، وبشكل حتمي نبني مواطناً جيداً، يؤسس لمجتمع في صحة جيدة ثقافياً واجتماعياً ونفسياً، قادر على مواجهة مواسم الجوع والأوبئة والحروب والخوف والخيانات.
حيث تحضر القراءة المبدعة الإيجابية، بين أوساط الأطفال والشباب والكهول من النساء والرجال، فاعلم بأن مجتمعاً حياً متجدداً فتياً وعصياً على وشك التشكل أو قد تشكل، واعلم بأن تاريخ هذا المجتمع القارئ يتقدم بالضرورة نحو آفاق منيرة وأيام سعيدة.
إن قراءة كتب الروايات والشعر والفلسفة والتاريخ، أي كل ما يمكن أن يصنف في الآداب الإنسانية والفكر النقدي العقلاني، هو علامة على حال من الوعي المنتشر الفردي والمجتمعي، فالمجتمع الذي ينتج قارئاً جيداً ينتج بالضرورة مواطناً جيداً وصلباً قادراً على مواجهة الأيام العسيرة.
يمكن اعتبار المجتمع ، معافى ثقافياً حين تسمح فضاءاته العمومية بحضور واضح وحر لعملة الفكر من الفلاسفة ولرسل الخيال المتدفق من الفنانين، كل ذلك في جو يسوده الاحترام والاستماع والنقاش لمجمل اجتهادات صانعي الفكر الرمزي، وفي ذلك يحرص الجميع عن الدفاع عن حرية التعبير وحرية الرأي والحق في الاختلاف.
إن المجتمعات التي تتمتع بوضعية صحية ثقافياً هي تلك التي تحيل، من دون خوف أو تردد، أسئلتها الوجودية والاجتماعية والسياسية والجمالية على نخبها التنويرية المنشغلة بمسألة الوعي والتوعية الفردية والجماعية وأيضاً على صناع الطاقة الخيالية من الفنانين، تلك الطاقة المنقذة للمواطن من مستنقع الروتين والركود والكسل.
حين تكون المرأة حرة في مجتمعها، مالكة مباشرة لمصيرها ولجسدها، متساوية في الواجبات والحقوق مع الرجل، حين يكون “قتل الإناث”، باسم الشرف أو العيب أو التبعية أو باسم الجنساوية، جريمة بشعة ومطلقة ومنافية للحق في الحياة، فاعلم بأنك في مجتمع على طريق النمو الثقافي، حيث الإنسانية والعدالة هما عملته الحية.
فالمجتمعات المثقفة تتميز بظاهرة أساسية هي تثمين الوقت واحترام قيمة العمل المنتج، فالمجتمع الذي يحترم فيه المواطن فلسفة الوقت يتحول العمل إلى عامل أساسي في تحرير العبقرية الفردية والجماعية.
إن المجتمعات المثقفة، هي تلك التي تكون فيها المعركة يومية ضد الكراهية والعنف بكل أشكاله .
والمجتمعات التي تسمو فيها حضارة العين، هي تلك التي تزدهر فيها أروقة العروض التشكيلية، وكل مجتمع يقدر الفنون الجميلة هو مجتمع ينظر إلى العالم بقلبه وبعقله، وعينه تشكل جزءاً أساسياً في القراءة.
إن المجتمع الذي لا يملك حضارة العين، مجتمع أعشى،
إننا نقرأ الكتب فنغرف من تفاصليها وعمق معانيها القيم الإنسانية الكبرى لنتقاسمها مع غيرنا، ولكي ندافع عنها وننخرط فيها ونمارسها على مستوى السلوك اليومي، ومن بين هذه القيم الدفاع عن حقوق الحيوانات، لأن الحياة في جوهرها خلقت للجميع بشراً وحيوانات ونباتاً، وانقراض جزء منها يخل دورتها الطبيعية ويربكها، والمجتمع الذي يحترم حقوق الحيوان مجتمع بصحة ثقافية وإنسانية عالية، مجتمع يحميه الوعي الجمعي الذي تحميه القراءة الجادة الخلاقة.
لكن لن تتحقق القراءة التي تصنع التشاركية، وتكون أجيالاً من المواطنين المنتجين إلا بتعلم حب الحيوانات، وحماية الغابة، وقراءة الآداب الإنسانية، ومساندة بائعي الزهور، ، و تعلم فلسفة العيش بسلام مع الآخر المختلف عنا ، ومحاربة العنف بكل أشكاله ومقاومة العنصرية، أن نتعلم الاحتفال بالعقل وفلسفة النقد وحب الحياة والكتب. فالقراءة تنير الدروب وتسكن النفوس وترتقي بالعقول وتوسع دائرة المفهوم الإنساني ليكون مجتمعا بكل تعداده ومسمياته موحد في قيمه الإنسانية. القراءة جاءت من قوة عظيمة ..اقرأ…
التعليقات مغلقة.