القطار قصة قصيرة تأليف محمد كسبه
وصلت السيارة إلى المستشفى في ذلك اليوم الحزين ، نزل الأستاذ جلال الأخ الأكبر لمحمود و معه ابن عمه ، دخلا سريعا إلى المستشفى ، وصلا إلى حجرة الإستقبال أخبرتهم إحدى الممرضات أن حالة حادثة القطار تم نقلها إلى ثلاجة حفظ الموتى ، سألها أين غرفة الثلاجة؟
في المبنى المواجه في الدور الأرضي آخر غرفة ناحية اليسار .
وصلا بصعوبة إلى الغرفة فالمستشفى كبيرة جدا و تمتلأ كل يوم بالعديد من الحالات .
في نهاية الطرقة وجد لافتة أعلى الباب مكتوب عليها ثلاجة الموتي .
لم يتمالك أعصابه ، انفجر في البكاء و جلس على الأرض واساه جلال ابن عمه .
و قال : إنتظر هنا
فالباب مغلق ، اتجه مسرعا إلى الغرفة المجاورة .
وجد أحد العمال فسأله
أين المسؤل عن تسليم الجثث للأهالي ؟
أجاب : عم إبراهيم هو المسؤل .
و أين أجد عم إبراهيم ؟
-هو دائما يتناول فطوره مع موظفي الأمن عند بوابة المستشفى .
،اتجه على الفور إلى هناك .
و ظل ينادي بصوت جهور عم إبراهيم … عم إبراهيم … أين أنت يا عم إبراهيم ؟
أشار إليه الناس هذا هو عم إبراهيم .
نظر إليه بغضب و عم إبراهيم لا يعيره انتباها .
صرخ في وجهه وقال : تعالى سلمنى جثة ابن عمى ، أريد أن أدفنه .
بكل برود قال له ؛ انتظر حتى أتناول الفطور و الشاي .
صرخ فيه و كاد أن يتشاجر معه و هدده بالضرب ، أمسك به أحد الموظفين و همس في أذنه اعطه مائة جنية ليساعدك في إنهاء الإجراءت .
هز رأسه لعم إبراهيم الذي ترك الفطور و ابتسم حين أخذ المائة جنية .
انطلق معه مسرعا إلى الثلاجة و فتح الدرج ، رفع لهم الغطاء عن وجهه الذي اختطلت معالمه ، حين رآه كاد أن يغمى عليه ، بكى الأخ الأكبر مذهولا من الموقف و لكنه تمالك أعصابه و حمل معهم الجثة و وضعوها على السرير النقال ؛ لكنه تفاجأ بأن القدم اليسرى مبتورة من الجثة سأل عم إبراهيم أين القدم المبتورة ؟ تبسم و فرح عم إبراهيم ، ثم مال برأسه و همس فى أذن الأستاذ جلال وقال : إسأل عم حامد ؟
أين باقى الجثة يا عم حامد ؟
عم حامد : الجثة جاءت إلينا بلا قدم و سلمنلها لكم كما استلمناها .
صرخ الأخ بحزن : يا ناس حرام عليكم ، أريد أن أدفن أخي كيف أدفنه بدون قدم ؟
و انتابته نوبة من البكاء ؛ لكن عم إبراهيم ما زال مبتسما ، و همس في أذن الأستاذ جلال و طلب منه مائة جنية لعم حامد لكي يبحث عنها .
اعطاه ما أراد تبسم عم حامد و أخرج القدم من الدرج المجاور للجثة في الثلاجة .
حملا الجثة إلى غرفة التغسيل و على الفور اعطاهم ابن العم مائتي جنية و بعد ربع ساعة تسلما الجثة .
بعد إنهاء الإجراءات ، على باب المستشفى ، ابتسم لهم سائق عربة الإسعاف ناوله على الفور مائة جنية إضافية على مبلغ نقل الجثة .
وصلت سيارة الإسعاف إلى المقابر و سط الجموع ، تعالت صيحات النساء بالصراخ و بدأت مراسم التأبين .
فجأة وسط جموع المشيعين حضر الأخ الأصغر محمود بعد عودته من الجامعة ، الناس في ذهول و خوف و رعب منه
كيف يكون على قيد الحياة ؟
و من الذي تم دفنه ؟
انطلقت الأم من أمام القبر ، و شقت الصفوف كالصاورخ و حضنت ابنها محمود ووقعا معا على الأرض ، تحولت الجنازة إلى ساحة فرح ، الأهل ، الأقارب و الأصدقاء تبادلوا معا التهاني بعودته سالما إلي حضن أمه .
وسط دهشة الجميع ، أخبرهم أنه بخير و أن هذا الشاب الميت سرق منه المحمول و محفظة النقود في القطار و أثناء مطاردته قفز خارج القطار و مات على الفور .
التعليقات مغلقة.