الكأس الملكي .بقلم .محمد كسبه
العبودية لغير الله قيد ، قهر ، نحن من يصنعها ، نروج لها ، نعطي أجود ما لدينا بلا مقابل ، قد تكفينا إشارة أو ابتسامة من الآخر .
ذات يوم مر الملك بزينته في موكب ضخم ، ليشاهد أحوال الناس ، أعجبته الأبقار في الحقول ، لكن كيف سيحصل عليها بلا مقابل ؟ حيث أن خزينة البلاد فارغة ، المطلوب على الأقل ثلاثين بقرة في الحظيرة الملكية .
في المساء ظل الملك يفكر ماذا سيفعل ؟
بعد تفكير طويل ، أخيرا قفزت فكرة في رأسه ، جمع الوزراء فى البلاط الملكي ليشاورهم في الأمر .
في المجلس عرض الملك عليهم فكرته .
قال الوزير : لكن من سيرضى أيها الملك ؟
كيف ستحصل على الأبقار بلا مقابل ، الأمر صعب جدا أيها الملك .
عمت الفوضى المكان و الكل يتهامس و يستهجنون الفكرة ، الكلام الجانبي غير مفهوم و لا يفى بالغرض .
نظر الملك إلى الحاشية
و قال : من يوافقني الرأي يرفع يده عاليا ، انتظر قليلا .
لا أحد من الحضور رفع يده ؛ لكن الملك لم يهتم برأيهم و لا بتعليقاتهم .
في الصباح مر المنادي بين الحقول و في الأسواق ، و نادى بأعلى الصوت …. أيها السادة الكرام ، صبحكم الله بالخيرات ، أعلن الملك عن مسابقة ( البقرة الأجمل ) و الفائزين فيها سيتم كتابة اسمائهم في لوحة الشرف بالقصر الملكي ، كما سيحصل كل مشارك على كأس الملك .
اجتمع الناس حول المنادي و سألوه عن كيفية المشاركة ، فأجابهم بأن كل متسابق سيقدم بقرة هدية للمك إن أعجبت الملك سيأخذها و إن كان فيها عيبا سيعطي صاحبها مهلة بضعة أيام حتى تصبح في أحسن حال كي تتناسب مع حظيرة الملك .
سمع الجميع ما قاله المنادي و انصرفوا فليس من العقل أو المنطق أن تضحي ببقرة من أجل كأس يشرب فيه الملك .
بعد يومين بدأ الناس يتهافتون على قصر الملك و معهم أبقارهم ، و ينتظرون حتى المساء إلى أن ينظر الملك من شرفة قصره إليهم و ما عليه إلا أن يشير إلى البقرة التي تعجبه فيأخذوها من صاحبها و يدونوا اسمه في سجل المتسابقين و ظل الأمر هكذا إلى أن انتهى العدد المطلوب .
في نهاية يوم الاحتفال عاد الفلاح عم يونس إلى بيته متأخرا ، استقبله أبناؤه بنظرات سخرية .
سأله صابر ابنه الأكبر
ما الذي تحمله في يدك يا أبي ؟
ألا ترى يا بني إنه كأس الملك !!
لكنه يا أبي ، ليس كأسا من الذهب أو الفضة إنه مصنوع من الزجاج ، ألا تخجل يا أبي من نفسك !!
كيف تعطى أفصل ما لديك من أجل هذا الهراء !!
هراء … گأس الملك هراء ألا يكفيك اني كنت من الفائزين فغيرى لم تقبل أبقارهم .
يا أبي استحلفك بالله لا تشارك ، العام القادم فوقتك و مجهودك أعظم من هذا الكأس الملكي .
نظر الأب إلى ابنه و لم يهتم بما قاله و تحدث إلى نفسه … القرب من الملك خطوة عظيمة و كأس الملك لا يقدر بثمن يكفيني أن اتباهى أمام الجميع بأن أسمي مدون في قصر الملك و أنا من الرابحين ، لدي الآن الكأس الملكي .
التعليقات مغلقة.