الكاتب القناص مقال بقلم محمد كسبه
الكتابة عالم رحب واسع له أساسيات و ركائز ، يستعين بها الكاتب في رحلته نحو تحقيق هدف معين أو طرح فكرة معينة ، فالإلهام وحده لا يكفي للسرد ، فأحيانا الكثير منا يكون لديه فكره معينة ، و يريد طرحها في نص مكتوب ، لكن ليس لديه من أدوات و فنيات اللغة مايكفي للتعبير عن وجهة نظره ، و تلك مشكلة كبرى فنجد الكاتب بعد كتابة جملتين أو أكثر يجد نفسه مكتوف الأيدي مكتوم اللسان ؛ فيستعين بجمل مثل ( أقف عاجزا بين الكلمات – لا أستطيع التعبير عما يجول بخاطري – الكلمات لا تفي حقكم …. ) و تلك الجمل تختزل الكثير من المشاعر و لا تنقل ولا تعبر عن كم الإبداع و الإلهام الذي لدي الكاتب .
اللغة و الثقافة هما أساسيات فن التعبير و السرد ، فكلما كان الكاتب مثقفا و قارئا و ملما بقواعد اللغة ، كلما كان قادرا و متمكنا من خوض رحلته الإبداعية في بحر النص المكتوب ، يدون بسهولة و يسر أفكاره بإسلوب متوازن شيق يحقق الهدف المرجو ، و يدعم وجهة النظر بطريقة تلفت الانتباه .
الكاتب القناص هو كاتب الومضة ، أو كاتب القصة الومضة التي تحوي أقل المفردات و تعتمد على التكثيف و الاختزال في توضيح الحبكة الدرامية للومضة .
الومضة تتكون من عنوان مصدري يليه جملتان بينهما فارزة منقوطة ، الأولى سبب و الثانية نتيجة ، أو الأولي بداية القصة و الثانية نهاية القصة و الأهم في الومضة هو الترابط و التجانس و وحدة الموضوع .
الومضة : هي قصة قصيرة جدا جدا ، تتكون من عنوان و أسفله جملتين فعليتين الأولى تمهيد سريع للموضوع و الثانية نتيجة مدهشة تحقق المفارقة ، و يفضل أن يكون الفعلين في الجملتين متضادين ، و الومضة في مجملها إسقاط فكري لابد أن يحمل جوانب متعددة من التأويل ليحقق الدهشة و إثارة الفكر لدى القاريء .
الومضة تعد من أكثر فنون الأدب صعوبة ، حيث أنها تستنزف عقل الكاتب في إثارة الفكرة و الوصول لنتيجة مدهشة بأقل عدد من المفردات .
و لذلك يعد كاتب الومضة هو الكاتب القناص الذي يصيب الهدف بسرعة فائقة جدا ، بأقل الأدوات ليس قيمة ؛ لكن بأقل الأدوات استخداما .
التعليقات مغلقة.