الكاميرا الخفية بقلم حاتم السيد مصيلحي
تلك الكاميرا التي ترصد مواقف وطرائف، وتسجل على الناس سجاياهم دون أن يدروا، ويستغل فيها عنصر المفاجأة حتى لا تخرج مصطنعة أو مزيفة، في حين يكون السيناريو مزيفا مصطنعا ذا حبكة درامية مكذوبة.
وظهور الكاميرا، أو الكشف عنها يربك الواقفون أمامها، ويلبسهم قناعا افتراضيا يتناسب وطبيعة العمل أمامها، فالممثل يلبس قناع الشخصية المجسدة وإن صادفت طبيعة شخصيته في جانب من جوانبها، أو كان البون بينهما واسع، وعلى قدر مهارته في تجسيدها يكون تصديقه أو تكذيبه، واستحسان المشاهد أو استياءه.. هذا بالنسبة للواقف أمامها.
أما الواقفون خلف الكاميرا، فهم الذين يصنعون تلك المشاهد سواء أكانت ثابتة أو متحركة، ولا تتوقف مهارة المصور الحاذق عند مجرد التقاط الصور أو تسجيلها، بل يجسدها لتحمل في كل مشهد حكاية تتعدد قراءتها، وتتنوع رؤاها بين المشاهدين.
وواقع حياة الناس لا يبتعد كثيرا عن كاميرات المصورين، فمنها كاذب متجمل لأنه يستر عيوب النفس ، وآخر صادق مقبًح؛ لأنه يفضح طبيعة الصورة ويكشف زيفها.
والصدق والكذب العامل المشترك بين الواقفين أمام الكاميرا وخلفها، وبين صدق المشاعر وزيفها.
وفي الآونة الأخيرة ظهرت كاميرات جوالة، تسجل على الناس حركاتهم وسكناتهم، وتفضح أسرارهم دون وازع من دين أو أخلاق أو ضمير، فتكشفت الحجب، وزالت الحدود الشرعية، وسقطت الأعراف الاجتماعية، حتى باتت الكاميرا الخفية طائشة هدفها خطف المشاهد، ونشرها بغرض تحقيق الذيوع والانتشار، وأكبر قدر من اللايكات والتريندات.
فأي كاميرا نختـــــــــار؟ خفية تخدعنا، أم ظاهرة تفضحنا؟ وماحكم العرف والدين في كلتيهما؟
التعليقات مغلقة.