الكتابة العنكبوتية…
بقلم محمد كسبه
مقال
الكتابة العنكبوتية
بقلم : محمد كسبه
فن الكتابة و التأليف يعتمد بشكل كبير جدا على شخصية الكاتب ، سواء أكان شخصا متفائلا أم متشائما ، ينظر للأمور بنظرة سوداوية ضيقة حزينة ، أم بنظرة واسعة تتطلع إلى الأجمل و الأفضل دائما ، و هذا بالطبع ينطوي على القراء فمنهم من يحب هذا أو ذاك .
دعنا نتفق أن ليس كل ما يكتب يجذب الانتباه ، و يشد القاريء من الكلمة الأولى حتى الكلمة الأخيرة في النص .
الكاتب هو نتاج مجتمعه ، الذي نشأ فيه و تشبع بأفكاره و قيمه و مبادءه ، و نتاج بيئته الثقافية التي هيأها لنفسه سواء كانت محلية أو عالمية ، و هدف الكاتب هو تسليط الضوء على الأفكار البناءة السائدة في المجتمع و العمل على الترويج لها بالأدلة و البراهين و الحجج ، و كذلك توضيح السلبيات الهدامة التي تحدث الفوضى و تغرق المجتمع في الشر و الرذيلة ، بهدف تغييرها أو التخلص منها .
أما عن الكاتب العنكبوت أو الكتابة العنكبوتية فهذا مصطلح مستحدث و لكنه بالفعل موجود منذ قديم الأزل ، فالكاتب و خاصة كاتب الرواية أو القصة القصيرة يعتمد على فن النسيج فهو يصنع العقدة الأولى بمهارة فائقة لجذب الإنتباه و إدهاش القارئ ، ثم يبدأ بغزل الخيوط الأساسية التي تشير إلى الأشخاص و الزمن و الأحداث و منها ينطلق إلى نظام الشبكة حتى يصل إلى نهاية الشبكة و هي العقدة الأخيرة التي تظهر فيها الصورة كاملة و تتكشف فيها الأشياء الغامضة التي اختزنها الكاتب معه في رحلته إلى النهاية ؛ ليحقق المتعة ، الإثارة ، الشغف و كذلك ليرضي فضول القاريء لمعرفة الشكل العام حتى النهاية .
العنكبوت ماهر في اصطياد فريسته من خلال الشبكة التي يراها البعض ضعيفة و هينة ، و كذلك الكاتب العنكبوت ماهر أيضا في نسج شبكته التي تضم أساسيات القص : الأحداث ، الأشخاص ، الأماكن و تنطلق معها الأحداث في رحلة درامية تصاعدية حتى الخاتمة ، ليجذب أكبر قدر من المتابعين و المعجبين ، كالعنكبوت الذي لا يهدأ له بال حتى ينتهي من العقدة الأخيرة التي يكتمل بها النسيج ، و هو في كل مرحلة ينجح في تحقيق هدف إلى أن يصل إلى الهدف الرئيسي و هو النجاح في السرد و إشباع هواية الكتابة .
التعليقات مغلقة.